fiogf49gjkf0d
اقتصادعلامات استفهام عديدة تحيط بطبيعة مفاوضات الحكومة مع البعثة الفنية
لصندوق النقد الدولى التى تزور مصر حاليا، فرغم مرور 10 أيام على زيارة البعثة، فلا
نعرف حتى الآن ما يدور بالغرف المغلقة، وما هى الشروط التى لابد أن تلتزم بها مصر للحصول
على قرض 4.8 مليار دولار؟
وتخرج الحكومة من وقت لآخر للرد على بعض التكهنات بتعثر المفاوضات، لتؤكد
على لسان رئيسها هشام قنديل ووزير ماليتها ممتاز السعيد عبارة واحدة: "المفاوضات
تسير بشكل جيد وهناك تقارب كبير فى وجهات النظر"، دون أن يوضح أحد ما هى وجهات
النظر التى تتقارب.
ولعل التصريحات التى خرجت من صندوق النقد الفترة الماضية هى ما زادت من
حدة القلق حول ما يحدث، وآخرها حديث رئيس البعثة الفنية أندريس باور خلال ورشة العمل
المغلقة التى عقدها الاتحاد الدولى للنقابات – اشترط فيه رئيس الوفد عدم وجود أى وسيلة
إعلامية - للتعرف على موقف النقابات العمالية المستقلة من قرض الصندوق، والتى أكد فيها
أن الاقتصاد المصرى لم يتعافَ ويمر بمرحلة سيئة مع ارتفاع عدد العاطلين بشكل متزايد،
وارتفاع معدلات الفقر رغم وجود الدعم.
وقال أندرسون: "المصريون يعانون الآن من ظروف أصعب مما كانوا عليها
منذ 3 سنوات ماضية".
فإذا كانت هذه هى وجهة نظر الصندوق نحو الاقتصاد المصرى، الذى يتزايد فيه
عجز الموازنة بشكل غير مسبوق، ويتآكل فيه الاحتياطى من العملات الأجنبية بشكل كبير،
فما هى طبيعة الشروط التى يطلبها الصندوق لمنح مصر هذا القرض؟ وما ضمانات السداد بالنسبة
إليهم؟ وهى التساؤلات التى لم تجد أجوبة واضحة تخرج بها الحكومة على الرأى العام، حتى
يكون هناك موقفا واضحا من قبول القرض أو عدمه.
فمازال صندوق النقد يصر على أساسيات هامة لإنهاء مفاوضات القرض، وهى أن
يكون عجز الموازنة فى الحدود الآمنة، ويكون الاحتياطى النقدى فى الحدود الآمنة، بجانب
إنهاء ملف المتأخرات الضريبية.
فما الحدود الآمنة للعجز والاحتياطى النقدى التى يراها الصندوق؟ وكيف يمكن
الوصول إليها فى الوقت الذى تخطت فيه نسبة العجز 11% من الناتج المحلى الإجمالى، وتآكل
فيه الاحتياطى ليسجل 15.5 مليار دولار فى أكتوبر، بما يعادل تغطية 3 أشهر فقط من الواردات،
وهى أرقام خطيرة تنبئ بكارثة إذا لم يتم تداركها بشكل صحيح.
هذا ناهيك عن التراجع الكبير الذى شهده سعر العملة المحلية أمام الدولار
تزامنا مع زيارة البعثة، وهو أكبر تراجع يشهده الجنيه المصرى منذ ثمان سنوات حيث بلغ
سعر الدولار 6.11 جنيها، ورغم تبريرات الحكومة بأن البنك المركزى لم يتدخل فى سعر الصرف
الذى يخضع لطبيعة العرض والطلب، إلا أن ارتباك التصريحات حول مطالب الصندوق بخفض قيمة
الجنيه، يرفع حدة الشكوك حول طبيعة تدخل المركزى لخفض العملة، خاصة إذا ما علمنا –
حسب مصدر حكومى سابق طلب عدم ذكر اسمه - أن الصندوق طلب تخفيض قيمة الجنيه فى المفاوضات
التى كان يجريها بعد الثورة مباشرة مع حكومة الدكتور عصام شرف للموافقة على إقراض مصر
3.2 مليار دولار، كما عارض تطبيق الحد الأدنى للأجور، إلا أن الحكومة والبنك المركزى
رفضا هذا بشكل قاطع وقتها، مؤكدا (المركزى) أنه لا مجال للحديث فى هذا الأمر.
أما الآن فى وقت وضع الاقتصاد يتدهور يوما عن الآخر، فهل ستصمد الحكومة
أمام مطالب صندوق النقد، بتحقيق التوازن الاقتصادى ورفع معدلات النمو دون المساس بالطبقات
المتوسطة؟ أم تنجرف وراء تنفيذ الشروط المطلوبة حتى وإن كانت ضد المصلحة الوطنية فى
بعض منها؟ خاصة وأن رئيس بعثة الصندوق أكد فى مناقشاته مع ممثلى النقابات العمالية
المستقلة أن رفع معدلات النمو هو الأكثر أهمية فى المرحلة الحالية، يليه تحقيق العدالة
الاجتماعية، وهى التصريحات التى دارت فى الغرفة المغلقة لكنها لاقت معارضة حادة من
ممثلى العمال، وأدت فى النهاية لرفض ممثلى العمال الحصول على القرض، دون مراعاة كاملة
لمحدودى الدخل والعمال.