fiogf49gjkf0d
اختيار
حر نار الحجر بدلا من ذل السؤال هو ملخص حكاية ست جدعة تدعى أم محمد مع الزمان،
فمنذ حوالى 15 عشر عاما من الآن حين اختارت أن تصبح أصغر حاملة لـ"ولعة
الشيشة" فى مقاهى المحروسة بدلا من سؤال الغريب أن يعينها على معايش الحياة.
متفردة
عن مهارة الرجال تجوب أم محمد ساحة المقهى الخاص بها الواقعة أمام قسم السيدة زينب
تحمل الولعة وتحركها بمهارة وسرعة مخترقة الهواء قبل أن تعود بها وقد اكتمل نضجها
لترصها فوق الحجر باهتمام بالغ وبخبرة سنوات ثم تنتقل من زبون إلى الآخر بأسرع ما
يكون وتتحرك بخفة وهى متساقطة العرق غير مبالية حتى لا يغضب منها أحد ثم تعود إلى
مكان الفحم لتضبط درجة اشتعاله وتقف أمامه لمدة حتى تتأكد من سير الأمور على ما
يرام وإحضار المزيد منه للزبائن التى لا تنتهى طلباتهم فبمجرد أن تضبط "الولعة
هنا" يكون الزبون الآخر يحتاج إلى إعادة ضبط "شيشته" ولكن كل هذا
يهون على أمل الحصول على "تصبيحة بكام جنيه" تساعدها على إكمال رحلتها
فى تحمل مسئوليتها هى وأولادها.
"اللى
بيقرب منى بيعرف أنى أغلب واحدة فى الدنيا لكن لازم أعمل كده" تبرر أم محمد
تعاملها القوى والغليظ مع من حولها والذى وصل لدرجة أن العديدين يخافون التحدث
معها كثيرا ولكنها من الداخل عكس ما يبدو عليها تماما، فطبيعة الحياة القاسية
والطبيعة الحياة فى قلب المنطقة الشعبية التى تعيش وتعمل بها هى ما جعلتها هكذا،
وتكمل حديثها "لو معملتش كده الناس هتاكلنى وأنا بالطريقة دى الناس هنا كلها
بتحبنى وعمرى ما بأذى حد بالعكس لما بتحصل مشكلة بين اتنين دائما يجو لى عشان
أحلها".
أم
محمد بتشتغل فى رمضان والأعياد لمهارتها وخدمتها السريعة للزبائن وفى الأيام العادية
تعمل لدى مقهى آخر.. يقول صاحب القهوة التى تعمل فيها أم محمد والواقعة فى قلب
الساحة الفارغة أمام قسم السيدة زينب وبجانب موقف السيارات الحكومى الموجود هناك
ويتابع "هى وابنها عمال لدى منذ سنوات".
أنا
تحملت المسئولية وأنا صغيرة واشتغلت فى سوق السيدة أكثر من شغلانة إلى أن استقريت
فى تجهيز ولعة الشيشة ومن وقتها مغيرتهاش.. تحكى أم محمد بداية دخولها لهذه المهنة
الغريبة عن عالم السيدات حيث تعيش بين جمرات الفحم تقلبها وتقذفها فى الهواء وتقف
أمامها بالساعات حتى تصل إلى درجة الحرارة المضبوطة ليحصل الزبون على أفضل شيشة فى
المكان الذى تعمل به وتحصل هى على شهرتها بالمهارة والإتقان اللذين يشهد بهم كل من
حولها وتجعلها مطلوبة بالاسم فى المواسم وتتابع أم محمد "لو أعرف إن حال
البلد هيبقى كده كان زمانى محوشة الفلوس بدل البهدلة فى المقاهى طول العمر ده".
سيدة
النار ترى مصر الماضى هى الأفضل على الإطلاق حين كانت البلاد أفضل والزبائن "دفيعة"
والأسعار مناسبة وتقول "كان معانا فلوس كثير لكن كنا بنصرف ما كناش نعرف أن
حال البلد هيبقى كده وإننا هنفضل فى الذل ده طول العمر".
بقوة
الجمر وحرارة النار تكمل أم محمد رحلتها مع الزمان فى قلب السيدة زينب والتى عاشت
فيها حياتها كاملة وعلى الرغم من اهتمام جميع المصريين بالسياسة ودخول الأمل فى
نفوس الكثيرين من أبناء المناطق البسيطة بتحسن أحوال البلاد مع رئيس جديد وهو ما
سيعود عليهم بالنفع أيضا ولكن هذا لم يمثل بالنسبة للسيدة أى شىء فهى ترى جميع
الساسة والقادة "كذابين ما يهمهمش غير الكرسى" وتشير "الناس بتفرح
بالكام جنيه أو الأكل والوعود اللى بتسمعها وقت الانتخابات لكن بينسو إن اللى
بيعملوا معاهم كده أول ما هيطلعوا فوق الكرسى ها ينسوهم".
شغلانة
نضيفه أنا تعبت كثير ومش عايزة أفضل وسط النار والبهدلة دية.. قالتها أم محمد
باندفاع وهى تعبر عن كل أحلامها من الحياة ومن الرئيس الجديد أو من غيره فلم تفكر
فى طلب منزل أو مبلغ مالى أو أى شىء وكانت "شغلانه نضيفة" هى حلمها
الوحيد.