للعام الخامس على التوالي يتألق ربيع الشعر العربي في مكتبة البابطين، فوسط حضور ديبلوماسي وادبي كبير أطلق رئيس مجلس أمناء مؤسسة جائزة عبدالعزيز سعود البابطين للإبداع الشعري الشاعر ورجل الأعمال عبدالعزيز سعود البابطين أمسيات الربيع العربي بأجود ما أنتجه شعراء العرب من الكويت ومصر والعراق والأردن والسودان والمملكة العربية السعودية وغيرها من دول العرب.

وألقى البابطين كلمة خلال الافتتاح الذي أقيم مساء أمس الأول بمكتبة البابطين توجه بها الى شداة الشعر وعشاقه قال فيها «ربيع آخر للشعر نحتفل به في هذه الأمسية الربيعية الجميلة، وهو الربيع الخامس منذ أن سنت مؤسسة جائزة عبدالعزيز سعود البابطين للإبداع الشعري هذه السنة الحميدة وكانت بغيتنا أن يستعيد الشعر دوره المركزي في الثقافة العربية وأن يصبح صوته متغلغلا في حنايا الإنسان العربي على اختلاف مشاربه ومستوياته ليكون داعيا إلى الانسجام والترابط لا إلى التناحر، وحاديا إلى الارتقاء لا إلى الانكفاء.

وتابع البابطين قائلا «والشعر وهو نتاج البصيرة والبصر، وثمرة العقل في أوج يقظته والشعور في ذروة توهجه، والشعر وهو يمتلك اللغة إذ تخلع أرديتها البالية وتكتسي أبهى ثيابها، والنغم وهو يتماوج مع نبض المشاعر، والصور التي تعيد إنتاج الطبيعة وأنسنتها، قادر على أن يكون مرشدا ثقافيا إذ يطلع القارئ على المشهد البشري متغلغلا فيه، وصولا إلى بنيته الداخلية، وأسراره الكامنة، وهو أيضا أداة تهذيب وترويض. إذ يبعد عن النفس برودها وروتينها ويحفزها على تخطي المألوف والراهن، إلى رحاب الإبداع والمغامرة المليئة بالحيوية الدفاقة».

واضاف قائلا «لم تكن مزاوجتنا بين الشعر والربيع مصادفة بحتة، بل كانت أمرا مقصودا لما بين الشعر والربيع من رباط وثيق، الشعر هو ربيع اللغة حيث تفصح اللغة عن جمالها الآسر والربيع هو شعر الطبيعة، حيث تتخلص الطبيعة من جمودها وكآبتها وتبرز كل ما في أغوارها من الرائع والمدهش».

واردف «والشاعر وهو يناور القصيدة يدرك أهمية الطبيعة في نتاجه، ولابد له أن يستدعي بعضا من عناصرها لتكون له عونا في ولادة القصيدة، وإذ يصغي الشاعر إلى ما تهمس به النسمة، وبتمازج بين ضوء القمر، وخفقات النجم وتراتيل الخمائل، يدعو هذه العناصر لتشاركه في إبداع القصيدة، فالشاعر ليس منفردا في صوغ الشعر بل هو يتحسس ما في ضمائر البشر، وما في سرائر الطبيعة، وبهذا النفاذ يتمكن الشاعر من جعل الشعر على لسان الناس وفي أفئدتهم».

وتابع البابطين قائلا «جريا على عادة المؤسسة في الإطلال من خلال موسم ربيع الشعر على عالم بعض رموز الشعر في وطننا العربي الكبير، فقد اخترنا أن نحتفي هذا العام بشاعرين يمثلان جناحي الوطن العربي: شاعر من الكويت هو عبدالله زكريا الأنصاري، وشاعر من تونس هو محيي الدين خريف، وإذا كان الشاعران قد فارقا الحياة فإنهما قد تركا لنا ما يبقيهما معنا، ما يذكرنا بأن الشاعر باق معنا بشعره وشعره هو وجوده، هو جوهر حياته».

واضاف «قامت المؤسسة بإعداد ديوان عبدالله زكريا الأنصاري الذي لم ينشر من قبل، ونشرت ديوانا مخطوطا للشاعر خريف، وهي تعد هذا العمل لحظة وفاء لهذين الشاعرين اللذين كرسا حياتيهما لإغناء المجتمع العربي بقيم الحق والخير والجمال».

وختم البابطين كلمته بالقول «ونحن في هذه المواسم نعلن أن الشعر سيبقى ما بقي الإنسان يحلم بعالم آخر أكثر نقاء وأرحب مدى، فتحية للشعراء الذين وفدوا إلينا من أرجاء الوطن العربي وخارجه ليؤكدوا أن الشعر لايزال نشيد العرب، وتحية للحضور الذين أرادوا بحضورهم التشديد على أن الاستماع للشعر ليس إضاعة للوقت بل هو إحياء له».