تُعتبر قيادة السيارات فناً في حد ذاته، يتطلّب مهارات خاصة، كما أن طريقة القيادة، تعكس ثقافة قائد المركبة وتدلُّ على شخصيته، وفق ما يقوله محمد المرزوقي، ويوضح أن من المهم جداً أن يعرف كل سائق قواعد "إتيكيت" قيادة السيارات، وأن يلتزم بتطبيقها، إضافة إلى التزامه بتطبيق قوانين السير المتّبعة في الدولة، حفاظاً على سلامته وسلامة الآخرين.

ويشير المرزوقي إلى أن "القاعدة الأولى في إتيكيت قيادة السيارة، تنص على العناية بنظافة تلك المركبة، لا سيَّما نظافة زجاجها الأمامي، لأن وجود الأوساخ عليه أو الغبار، من الممكن أن يُزعج نظر السائق، بالتالي التسبُّب في حادث ما لا قدّر الله. وعن القواعد التي يجب على قائد السيارة أن يتبعها، كي يُقال عنه إنه سائق محترف ومحترم ومُتحضِّر. يقول المرزوقي: "ثَمّة عادة سخيفة يرتكبها أغلبية السائقين، وهي أنهم، عند الوقوف على الإشارة الحمراء، يشرعون في التلفت يميناً ويساراً ليحملقوا في وجوه السائقين الآخرين". لافتاً إلى "النظر في وجوه الآخرين من دون التحدث معهم، تصرّف غير لائق وغير مرغوب فيه". يضيف: لذا، من الأفضل للسائق أن ينظر أمامه أو إلى أي مكان آخر، غير وجوه ركاب السيارات المحيطة به". يتابع خبير الإتيكيت نصائحه في هذا الإطار، مُنبّها إلى "خطورة فتح الشباك وإخراج اليد أو الرأس منه"، مُعتبراً ذلك تصرفاً أرعَن، يَنمُّ عن قلة إدراك ووعي بأصول القيادة السليمة من قِبَل السائق.

- البوق ممنوع:

يَعتبر المرزوقي أن "إطلاق الأبواق عادة سيئة، تنمُّ عن قلة احترام الآخرين. إذ يجب ألّا يلجأ السائق إلى استخدام البوق إلا في الحالات الطارئة جداً، مثل إمكان وقوع حادث أو تنبيه الآخرين بأنَّ هناك خطراً مُحدقاً". مؤكداً أنّ "قوانين السير وُضعت لتحمي السائق والركّاب والمشاة من الحوادث والمخاطر، وأن الالتزام بتلك القوانين يدل على تحضُّر الشخص وثقافته ورقيّه. فمن غير اللائق مثلاً أن يغلق السائق بسيارته، فتحة أحد المفارق الثانوية لدى توقف السير على الخط الرئيسي. إنما عليه أن يفسح في المجال للسيارات الأخرى بدخول المفرق". يضيف قائلاً: "لا يجب دخول منطقة الصندوق الأصفر الموجود على تقاطع الإشارات، إلا إذا كان الطريق سالكاً، كي لا تتم عرقلة السير أمام السيارات الأخرى، لدى انطلاق الضوء الأخضر. كثيراً ما نشهد مثل هذه التصرفات في شوارعنا، وهي تسبب زحمة سير خانقة، وتحرق أعصاب السائقين".

أما عن ترك مسافة الأمان بين السائق والسيارة التي أمامه، فيرى المرزوقي أن "هذا التصرف إن حصل، فإنه يدل على تَحضُّر الشخص ووعيه بقوانين السير والمرور. إذ لا يجوز أن تلتصق مُقدّمة السيارة بمؤخرة السيارة التي أمامها أثناء السير على الطريق أو التوقف، وذلك تحسباً لأي ظرف طارئ، ولترك مسافة يتمكن فيها السائق الآخر من التحرك أو تغيير اتجاهه. كما أن اقتراب السائق كثيراً من السيارة التي تقف أمامه، قد يعتبره قائد تلك المركبة عملاً استفزازياً أو تحرُّشاً، يؤدي إلى نشوب خلاف".

وينصح المرزوقي أغلبية الشباب بـ"التزام الهدوء، والتحكم في أعصابهم، وأن يكونوا مسؤولين عن تصرفاتهم، وألّا يَنجرُّوا وراء الاستفزازات. ففي حال حاول أحدهم استفزاز السائق، أو إسماعه كلاماً غير لائق، يُفضّل دوماً البقاء في السيارة وإغلاق النافذة وعدم الرد، حتى لو اقترب هذا الشخص من السيارة أو عدم اللحاق بالسيارة التي سبّبت إزعاجاً".

* إتيكيت الجلوس في السيارة:

إذا كان صاحب السيارة، هو الذي يقود، ولديه ضيف، فإن هذا الأخير يجلس إلى جانبه في المقعد الأمامي. أما إذا كان السائق هو الذي يقود، فإنّ الضيف والمستضيف يجلسان في الخلف، على أن يكون الضيف إلى جهة اليمين.

في حال كان هناك ضيفان، فإن صاحب السيارة يجلس في المقعد الأمامي والضيف الأكبر سناً، أو الأهم مركزاً خلفه والضيف الآخر خلف السائق.

إذا كان السائق رجلاً، فإن الرجل يجلس في المقعد الأمامي، والمرأة في المقعد الخلفي إلى اليمين.

أما إذا كانت المرأة هي التي تقود، فتجلس إلى قربها امرأة والرجل في الخلف.

في حال كان الرجل ينقل زوجته ووالدته بالسيارة، فإنه من المتعارَف عليه أن تجلس الأم في المقعد الأمامي والزوجة في الخلف.

يتابع المرزوقي قائلاً: "من غير اللائق أن يُلاحق السائق السيارة التي أمامه، أثناء السير على الطرقات السريعة والاقتراب منها، أو تشغيل الإضاءة كي يُرغمها على تغيير خط سيرها ليتمكن هو من العبور. كما أن التجاوز عند المنعطفات وفي الأماكن الخطيرة، أو تجاوز طابور السيارات الواقفة، ومن ثم الانعطاف فجأة للدخول في إحدى الفتحات، يُعدُّ عملاً مُتهوِّراً ولا يَليق بشخص مُتحضِّر ومثقف. ذلك أنه يجب احترام الطابور والالتزام بمسار الخط، وعدم عبور الخط الأصفر". يَضيف: "تخفيف السرعة عند المدارس والمستشفيات وأماكن التجمُّعات، دليل إتقان الشخص فن قيادة السيارات ومعرفته بالقيادة الصحيحة. كما أن تشغيل الإشارات الضوئية لدى الرغبة في تغيير المسار أو الاتِّجاه، يُعدُّ تصرفاً ضرورياً، يدلّ على وعي الشخص بقوانين السير واحترامه السائقين الآخرين".

- المشاة أولاً:

وعن أحقيّة المرور بين السيارة والمشاة، يقول المرزوقي: "إنّ الأولوية تُعطى دائماً للمشاة، لاسيّما لدى الوجود في مواقف السيارات أمام مراكز التسوق. إذ إنّ من غير اللائق عدم السماح للشخص الذي يجرُّ عربة التسوقٍ، أو الذي يكون معه أطفال صغار، ويكون مرهقاً ومتعباً من كثرة الحر أن يَعبُر الطريق، لأن قائد السيارة قرّر العبور أولاً، وهو مرتاح في سيارته المكيّفة".

- إتيكيت مواقف السيارات:

أدَّت كثرة أعداد السيارات وقلة المواقف العامة والخاصة، وتَعدُّد المشروعات العمرانية والتطويرية، إلى خلق أزمة في العثور على موقف للسيارة، وهذا بدوره يؤدي إلى حدوث مشكلات ليس لها أول ولا آخر. لهذا، يرى المرزوقي "ضرورة التحلّي بقدر كبير من الوعي والرقي في التعامل في مثل هذه المواقف"، حيث يشير إلى أن الإنسان المتحضّر، لا يركن سيارته في الأماكن المخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة، لأن هذا المكان تم تصميمه بشكل يُسهِّل على المُقعَد أو المُعاق، الانتقال من سيارته إلى الوجهة التي يريدها. كذلك يجب عدم ركن السيارة في الأماكن الخاصة بالخدمات العامة، مثل مواقف الشرطة أو الإطفاء أو البلدية، وحتى "مواقف التاكسي"، لأنها من حق المشاة، الذين يرغبون في الصعود أو النزول من سيارة الأجرة. فغالباً ما تقع حوادث وتحدث أزمة سير خانقة، بسبب تواقف السيارات الخاصة في "مواقف التاكسي"، أو وسائل النقل العام". ويعتبر المرزوقي أن "ركن السيارة في أماكن مخصصة لأشخاص مُحدَّدين، مثل المواقف داخل الشركات أو المؤسسات، يُعدّ عملاً غير لائق، ويدل على عدم احترام وقلة الوعي والجهل بقواعد اللياقة".

- الحفاظ على سيارات الآخرين:

ويرى المرزوقي أنه "يجب مراعاة مشاعر الآخرين دوماً، والتفكير فيهم لدى ركن السيارة، مثلاً يجب الانتباه إلى ركن السيارة بشكل يُمكِّن صاحب السيارة التي تقف إلى جانبها الصعود إليها. كذلك يجب ركن السيارة بطريقة صحيحة، أي بين الخطين، ما يُفسح في المجال للسيارات الأخرى للتوقف أيضاً، ومن غير اللائق أن تحتل سيارة واحدة موقفين".

ويُنبّه خبير الإتيكيت إلى طريقة فتح الباب وإغلاقه، "ففي الحالة الأولى يجب مراعاة عدم لمس باب السيارة للسيارة المجاورة كي لا يتسبّب في خدوش، كما أن على راكبي السيارات الحديثة ألّا يُغلقوا الباب بقوة عند النزول منها أو ركوبها، فهذا الأخير مُزوّد بأجهزة حساسة يُمكن أن تتلَف نتيجة الضغط القوي".

ويلفت إلى أنه " يجب عدم ركن السيارة أمام المتاجر، التي تحتاج إلى تلك الفسحة الأمامية، مثل تبديل الإطارات أو تزيين السيارات وغيرها، إضافة إلى مداخل الفلل وبعض البيوت، حيث نجد أشخاصاً يركنون سياراتهم، بشكل يمنع أصحاب البيت من الدخول بسياراتهم إلى مواقفهم الخاصة أو حتى إلى المنزل". وعلى الرغم من أن ركن السيارة بشكل يمنع خروج السيارات الأخرى المتوقفة، يُعدّ تصرفاً غير لائق، إلّا أن المرزوقي يتفهّم هذا الأمر، ويعتبره تدبيراً مؤقتاً يمكن التعامل معه بأسلوب لَبِق وراق. في هذا الإطار ينصح الأفراد الذين يركنون سياراتهم بشكل غير شرعي، "بوضع أرقام هواتفهم في مكان ظاهر منها، كي يتسنّى لِمَن يرغب في الخروج الاتصال بهم". لكنه في الوقت ذاته، يُشدِّد على "ضرورة السعي إلى إيجاد موقف مناسب وشرعي، وعدم الاستكانة بشأن ركن السيارات بطريقة غير صحيحة".

- خلاف على الموقف:

وعن الخلافات التي تنشأ نتيجة أحقيّة ركن السيارة في الموقف المتاح. يقول المرزوقي: مَن يصل أولاً، أو مَن يكون واقفاً ومنتظراً، له الحق في ركن سيارته في الموقف المتاح، أما في حال وصول سيارتين في الوقت ذاته، فإن مَن يكون الأقرب إلى الموقف، هو الذي يحق له ركن سيارته فيه". ويدعو خبير الإتيكيت إلى التحلّي بالصبر والروح السّمحة في مثل هذه الظروف، والابتعاد عن الصغائر، وعدم الدخول في مشاحنات مع السائقين الآخرين، بسبب موقف سيارة أو أي أمر تافه"، لافتاً إلى أنّه من المهم التنازل أحياناً للآخر ومُجاملته، تفادياً لوقوع المشكلات غير المحبّبة.