قرر صاحب العمل مكافأة العمال نتيجة إنجازهم العمل بوقت قياسي,فرح عمال القطار بذلك فرحاً كبيراً، وبدؤوا على الفور بمغادرة قطارهم بعد أن تأكدوا من إحكام إغلاق أبواب العربات ونوافذها.
ولكن هذه المكافأة كانت مصيبة لأحد زملائهم، الذي كان يقوم بعمله داخل العربة الخاصة بنقل اللحوم المجمدة: "عربة الثلاجة"!!
فقد أغلق زملاؤه باب الثلاجة الخارجي "دون قصد"، ونسوا زميلهم في وسطها!!
ما حدث داخل هذه الثلاجة، كان مصيبة بمعنى الكلمة، قد عثر العمال على زميلهم جثة هامدة داخل الثلاجة، في صبيحة اليوم الثاني.
كما عثروا على مفكرة صغيرة ملقاة بقربه، دوِّن فيها لحظات موته لحظة بلحظة، وإليك أيها القارئ الكريم أهم ما فيها:
- لا أدري لماذا أغلق زملائي باب الثلاجة الخارجي وتركوني في هذا البرد؟!
- لقد بذلت كل جهدي لأخرج.. صرخت بأعلى صوتي، وطرقت الجدران، ورفستها، ثم صرخت مرات ومرات، ولا مجيب.
- أشعر ببرد شديد، وقشعريرة تسيطر على جسدي.
- استلقيت على الأرض، إذ لم يعد بي قوة ولا طاقة على الوقوف.
- هذا آخر سطر سأكتبه في حياتي!!
مات العامل من البرد، ولكن المفاجأة الكبرى والغريبة كانت: أن الثلاجة لم تكن تعمل، فقد أوقف العمال مفتاح تشغيلها الخارجي قبل مغادرتهم!! إذن، ما الذي قتل عامل الثلاجة؟
وما هذا البرد الشديد الذي عانى منه، وكتب عنه إلى أن مات من البرد!!
إن العامل كان أسير "وهم" وليس "حقيقة"، فقد كان لسان حاله يقول: بما أني داخل الثلاجة- وهو يعتقد بأنها تعمل، إذ لم يتوقع احتمال إيقاف تشغيلها- وبما أن الثلاجة عالية التبريد، فإنه من الطبيعي أن يموت من يبقى فيها ساعات طويلة، أليس كذلك؟ إذن، ليس هناك شك في أني سأموت من البرد الشديد كما يموت أي شخص آخر يكون في مثل موقعي!! فلابدّ من الموت!!
نعم، هذا هو أثر الاعتقاد أو الصورة الذهنية "البارادايم" على الإنسان، إذ إن ما يراه الإنسان هو الذي يتعامل معه وليس حقيقة ما يراه، فالوهم عند من يؤمن به حقيقة وعند الآخرين وهم.
كان هناك شخص اسمه "هاري" متخصص في فتح الأقفال والخزانات، وجاءه موظف من أحد البنوك الإنجليزية وتحداه أن يفتح خزانته خلال ساعتين، ضحك "هاري" وقال: سأفتحها خلال خمس دقائق.. وبدأ "هاري" في محاولة فتح الخزانة، واستغرق ساعتين ولم يفتحها، بعد ذلك يئس من فتح الخزانة واستند على بابها فانفتح الباب؛ لأن الباب كان مفتوحاً بالأصل، ولكن لم يكن في "بارادايم" هاري احتمال أن الخزانة مفتوحة، وهذه نقطة تسمى في علم البارادايم "العودة إلى الصفر"؛ حيث إن مهارة "هاري" تساوت مع مهارة أي طفل في فتح الخزانات المفتوحة.. ومن هنا ننصحك بألا تتمحور حول "بارادايم" ضيق.
ومثال ذلك، ما يحدث في علاقاتنا الاجتماعية مثل: الصورة الذهنية المكونة عن "الحماة" أم الزوج، أو الزوجة؛ فهي صورة ذهنية سلبية متوارثة تصور "الحماة" على أنها هي التي تود هدم البيت دوماً، وهي التي تعكر صفو الحياة الزوجية بأي شكل، فتدخل العروس حياتها الجديدة مشبعة بهذه الأفكار عن مدى سوء أم الزوج والعكس صحيح أيضاً، فتنشأ حالة من التربص والتحفز مما يخلق جواً من التوتر في العلاقة بينهما حتّى قبل حدوث أية مشكلة وهو ما ينذر بهدم البيوت وخرابها.