كلمة الحظ كثيراً ما نتداولها في الكلام والحديث والاشارة أيضاً ولكن يا ترى هل للحظ وجود حقيقي في دائرتنا الإنسانية.. أم انه نوع من التحايل أمام انهزام الذات في بعض المواطن الحرجة. وإذا عدنا الى القرآن الكريم وجدنا أنه لم يشر الى الحظوظ في الدنيا أبداً وجعل الحظ العظيم في الآخرة فقط «إلا ذو حظ عظيم».. ولكن يا ترى ما معنى الحظ.. الحظ في اللغة هو النصيب.

فترى لبعض الفتيات جمالاً لا نظير له حتى عند شقيقتها التي تبقى تندب حظها العاثر بقولها دائماً لا حظ لي أي لا نصيب لي من الجمال ونفس الشيء يقال عن الذكاء والصحة وعن الذين يولدون في اسر ثرية يصب عليها المال صباً حتى لا تشعر بقيمة المال فأين هذا من الذي يولد في أسرة فقيرة تجعله يعيش العناء منذ الطفولة من أجل لقمة العيش وعلى هذا فالحظ يظهر بسبب بعض المواهب الشخصية أو بعض الظروف الملائمة ويقسم العلماء الحظ الى نوعين أساسيين هما :

1 ـ الحظ الداخلي.. وهي المواهب الإنسانية للفرد والتي تأتي جلها بالوراثة مثل:

أ ـ الجمال الجسدي والتناسق الجسماني والذي يكون حليفاً لكثير من الناس من الوصول الى مراتب عالية كما هي الحال لدى الرياضيين والجميلات من النساء.

ب ـ التفوق العقلي والذكاء.

ج ـ القوة الحيوية الي تظهر في التحمل ومقاومة المصاعب والصبر وهي التي تمد صاحبها بالعزيمة وتجديد المحاولة كلما أخفق وبذلك تمنع عنه اليأس وتحجب عنه الشعور بالنقص والخيبة.

د ـ الحدس وهو الحاسة السادسة التي تؤهل صاحبها لاختيار المواقف الصحيحة أمام الظروف الغامضة وتجعله يتدارك الأحداث قبل وقوعها.

بالاضافة الى كثير غير ذلك.

2 ـ الحظ الخارجي

وهو ما كان خارج قدرات الفرد الجسمية وهو أمور منها:

أ ـ المحيط.. فالمحيط الذي يمتاز بثقافة عالية يمنح أبناؤه الرغبة في التزود من الثقافة أكثر. كما ان البيئة المحافظة على النظام تزرع النظام وحب النظام في شخصية الأبناء منذ الطفولة.. والعكس صحيح فالبيئة الفقيرة ثقافياً قد تحول دون النمو الفكري الواسع للفرد.

ب ـ الوسائل المادية كلما زادت في محيط ما أو أسرة ما زادت امكانيات الحصول على مراتب تعليمية أو ثقافية أو اجتماعية أعلى.

ج ـ وجود رؤوس الأموال الى جنب العلاقات الاجتماعية الناجحة يؤهل للفوز والوصول الى درجات أعلى.

ولكن هل معنى هذا ان الفرد المحروم من احدى درجات الحظ هذه ان يبقى يندب حظه العاثر طوال الحياة ولا يسعى لتحسين أحواله.. ان الذي يقول لا حظ لي كأنما يقول لا للحياة.. والذي تسيطر عليه فكرة سوء الحظ تصاب أعماله أمانية ، أفكاره بالشلل التام هل من الصحيح أن تبقى الفتاة التي لا تملك حظاً من الجمال تندب الزمن والأيام والأهل.. أم ان هناك مكملات لهذه الصفة الجسمية قد تطغى حتى مع غيابها على شخصية الفرد نفسه.

هنا تظهر الحظوظ الصناعية أو الاصطناعية كمرادفات لحل اشكالات الحظوظ الموروثة ومنها:

ذ ـ الثقافة.. فهي لصاحبها ليست سلاحاً فحسب بل من وسائل التكامل الاجتماعي أيضاً.. وهي تمنح لصاحبها جاذبية عظمى في الأوساط العامة.. ولعلنا نلمس بوضوح أن الكثير من المشهورين في التاريخ في الابواب الثقافية لم يكونوا على حظ واسع من الجمال أو المال أو المرتبة الاجتماعية.

2 ـ تقوية الارادة التي هي من أهم عوامل الوصول الى الحظ الأوفر.. فارادة الشخص ترسم لصاحبها الطريق نحو الأهداف المحددة وتمنحه الصبر والثبات وهذه ستمنحه فيما بعد قدرة التأثير الاجتماعي.

ولنا في هيلين كيلر العلماء الصماء البكماء قدوة حاضرة فقد دخلت الجامعة وحازت على شهادات متفوقة ورغم افتقادها الى أهم الحواس لكنها واصلت طريقها بارادة صلبة حتى قالت.. لقد تمتعت بكل مباهج الحياة.. فما نقول نحن.

3 ـ اقامة العلاقات الاجتماعية الجيدة خاصة مع أصحاب الأموال والشركات أو السياسة والادارة.. وهذه تستوجب على صاحبها ان يحصل على خبرة في التعامل المؤثر على الناس وكيفية اكتساب ثقتهم وهذه أمور تأتي بالمران والأخلاق الحسنة.

4 ـ اغتنام الفرص كلما لاحت.. واضاعتها عضة كما يقول الحديث صناعة الفرصة عضة.. وعدم التسويف والتأجيل والعيش في دوامة الأماني الكاذبة بل السعي الحثيث والعمل الدوؤب.