استبق كل من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس جولة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل في إسرائيل والأراضي الفلسطينية اليوم الخميس باقتراحات لاستئناف مفاوضات السلام.
وفي أول تصريح له بشأن حدود الدولة الفلسطينية المرتقبة، شدد نتنياهو على ضرورة الوجود العسكري الإسرائيلي على الجانب الشرقي من هذه الدولة بحجة منع تهريب الأسلحة والصواريخ، وحمّل الفلسطينيين مسؤولية الجمود الحالي في عملية التسوية، مفرّقا بين وضع مدينة القدس المحتلة وتجميد المستوطنات.
من جانبه قال مساعد لعباس إن رئيس السلطة اقترح على نتنياهو تجميد البناء في القدس المحتلة لمدة ستة أشهر فقط مقابل استئناف المفاوضات.
وبرر نتنياهو في مؤتمر صحفي سنوي مع الصحفيين الأجانب في القدس الغربية مساء الأربعاء احتفاظ إسرائيل بوجود عسكري شرقي الضفة الغربية بأنه أمر ضروري لمنع تهريب الأسلحة إلى الدولة الفلسطينية المستقبلية المنزوعة السلاح.
كما قال إنه يتعين على إسرائيل أن تؤمّن وسيلة لوقف إطلاق الصواريخ من المناطق المتاخمة لحدودها، مشيرا إلى أن هذا سيتطلب وجودا عسكريا إسرائيليا في الجانب الشرقي للدولة الفلسطينية المنتظر إقامتها، دون أن يحدد كيفية وشكل تحقيق هذا الوجود الإسرائيلي.
وفي سياق تبريره لهذا الوجود العسكري، قال نتنياهو إن إسرائيل لا تكرر في الضفة الغربية ما حدث بقطاع غزة، في إشارة إلى إطلاق الصواريخ من القطاع.
واعتبر رئيس الحكومة الإسرائيلية أن تل أبيب تواجه ما وصفه بخطر تكديس عشرات آلاف الصواريخ في قطاع غزة وجنوب لبنان، مشيرا إلى أنه رغم قرار مجلس الأمن وتعهد المجتمع الدولي فإن حزب الله أدخل كميات كبيرة من الصواريخ.
لكن نتنياهو رغم إشادته بالجهود التي بذلها الرئيس المصري حسني مبارك وحكومته لوقف تهريب الأسلحة إلى غزة، قال إنه يرى تهريبا بكميات كبيرة.
وبخصوص عملية السلام حمل نتنياهو الجانب الفلسطيني مسؤولية الجمود الحالي، حيث توقفت المفاوضات قبل الانتخابات التي جاءت بحزب الليكود إلى السلطة في فبراير/شباط الماضي.
وفي هذا الموضوع قال نتنياهو إن حكومته ترغب في التحرك قدما إلى الأمام، "لكن الفلسطينيين يضعون شروطا مسبقة لم تكن موجودة على مدار 16 عاما منذ أوسلو".
وطالب نتنياهو الجانب الفلسطيني بالجدية في التفاوض، مشيرا إلى أن الفلسطينيين "صعدوا مكانا أعلى في الشجرة.. إنهم يرغبون أن يكونوا في مكان عال هناك.. إنهم يتقدمون بطلب تلو آخر حتى أصبح لدينا تل من الطلبات".
وقال إن إسرائيل "تفرق بشكل واضح بين القدس والمستوطنات"، وادعى أن حكومته اتخذت خطوات لإبطاء البناء في المستوطنات وخففت شروطها على الفلسطينيين.
رفض فلسطيني
وأثار تصريح نتنياهو الأخير ردود فعل غاضبة وسريعة من الجانب الفلسطيني، إذ رفض رئيس دائرة المفاوضات بمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى وجود عسكري داخل حدود الدولة الفلسطينية المستقبلية.
ونقلت وكالة أسوشيتد برس عن عريقات قوله إن "نتنياهو مرة أخرى يطلب إملاءات وليس مفاوضات". وأوضح أن الفلسطينيين يريدون تأسيس دولتهم المستقلة في الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية دون أي وجود إسرائيلي عسكري أو مدني.
تجميد مؤقت
وكان مساعد للرئيس الفلسطيني قال إن رئيس السلطة اقترح على نتنياهو تجميد البناء في مدينة القدس المحتلة لستة أشهر فقط مقابل استئناف المفاوضات السياسية. لكن مسؤولا إسرائيليا استبعد في تصريح لوكالة أسوشيتد برس فكرة تجميد غير معلنة، معتبرا أنها ضد قناعات نتنياهو.
وكان عباس قد أكد مساء الاثنين أنه لن يتوانى عن العمل من أجل السلام، مخاطباً الجانب الإسرائيلي بالقول "ليس لدينا خيار آخر إلا طريق السلام والمفاوضات".
يأتي ذلك قبيل توجه المبعوث الأميركي للشرق الأوسط جورج ميتشل إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية الخميس والجمعة أثناء جولته الحالية، التي زار فيها لبنان وسوريا لمحاولة إحياء محادثات السلام الفلسطينية الإسرائيلية.
وقال مسؤول فلسطيني لوكالة أسوشيتد برس إن عباس اقترح قبيل الجولة الحالية لميتشل أن تعمل الإدارة الأميركية على التفاوض بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل على حدود الدولة الفلسطينية.
وأكد عباس مرارا أنه لن يعود إلى التفاوض بدون تجميد كامل للاستيطان، وهو ما يرفضه نتنياهو حتى الآن.