رحلة استمرت 17 عاما حول العالم لمقابلة أكبر أطباء العالم فى مختلف الدول بداية من الولايات المتحدة الأمريكية ثم ألمانيا مرورا بإيران والأردن وغيره من الدول للوقوف على حالتها الصعبة التى حيرت كثيرا من كبار أطباء الكرة الأرضية بسبب مشاكل فى الجينات، الفتاة الكردية المشهورة فى بلدها بأكبر "حلاقة" فى كردستان العراق لم يهدأ لها بال ولم تفقد الأمل فى الله عز وجل فى الإنجاب طافت العالم سنين طويلة من أجل إنجاب طفل يملأ عليها الحياة ويعطيها قبلة السعادة.
حكاية "بيشو".. تلك الفتاة الكردية التى عشقت تراب مصر بعد أن أهدتها أرض الكنانة ما تمنته لتثبت أمام العالم أجمع أن مصر تنجب أطباء مهرة يتفوقون فى قدارتهم على أطباء العالم، بدأت مشوارها بالإجهاض 5 مرات متتالية بسبب تشوهات فى الأجنة، وأصيبت بصدمة نفسية بعد ترددها على المقابر لدفن أطفالها قائلة: "كنت بروح وصدرى مليئ باللبن بعد الولادة إلى المقابر وأطرق الأبواب وأنا باكية لكى أرضع ابنى.. كنت أظن أنه جائع.. أكره يوم الإثنين لأن كل أمنياتى كانت لا تتحقق فى هذا اليوم وكثيرا ما فقدت أطفالى فى هذا اليوم" .
طافت "بيشو" العالم من أجل إنجاب طفل سليم معاف بدأت من أمريكا التى مكثت بها عام ونصف العام بداية من الحمل حتى الإجهاض ثم اتجهت بوصلتها ناحية دولة أخرى ثم ما بعدها، 5 رحلات فى مشارق الأرض ومغاربها باءت جميعا بالفشل مع كبار الاطباء، إلى أن جاءها والدها ونصحها بالذهاب إلى أرض الكنانة مصر، فكانت فى حيرة من أمرها أن تختار ما بين طهران أو القاهرة ولكنها استقرت على اختيار أرض الكنانة بعد إلحاح من والدها بأن مصر أرض الإسلام ونحن فيها آمنين.
بدأت الرحلة مع "بيشو" فى صالة الاستقبال بالمستشفى قبل ساعات قليلة من الولادة لتبدأ قصة التعارف، البداية عندما قال لنا زوجها الذى لا ينطق العربية بطريقة ما أنه زوج الحالة التى تنتظر الولادة ودار الحديث وذكر لنا أنه من سلالة صلاح الدين الأيوبى الذى حرر القدس الشريف.
صعدنا فيما بعد إلى الحجرة التى حجزها لها زوجها فى المستشفى التى كانت مجهزة لاستقبال الطفل الجديد، بلالين وألوان وهدايا وملابس أطفال وببرونه وخلافه كل هذا فى انتظار "البيبى"، حالات من الترقب مخفية داخل عيون الأب والأم، حيث أن ميعاد الولادة قد اقترب.
بدأت عدساتنا ترصد ما فى الحجرة من تجهيزات ليدخل الطبيب وائل البنا عضو الجمعية الأمريكية لجراحين الخصوبة وعضو الجمعية الأوروبية لجراحين مناظير النساء والتوليد، فجأة الحجرة لكى يحتفل مع الحالة التى تابعها وعالجها طيلة 9 أشهر طوال فترة الحمل صنع معها خلالها المعجزات الطبية، وفاجئ الطبيب الحالة بأن قام بالرقص معها احتفالا بقرب وصول المولود الجديد فى مشهد سرق العدسات نحوهم.
وبعد وصلة الرقص الاحتفالية، قال الطبيب لـ"بيشو": "اجهزى سندخل حجرة الولادة بعد قليل"، دقائق وكان الطبيب داخل حجرة الولادة وعلامات الثقة تظهر على وجه، وفى همسة خفيفة قال: "فرحتى هتبقى كبيرة لما تقوم بخير"، وفى ثوانى معدودة تم تخدير "بيشو" وبدأ الدكتور يمسك بيده المشرط ليبدأ العملية.
"شق البطن بالمشرط" وفى سرعة غير طبيعية لم نكن نستوعب أن الطفلة قد خرجت فى لمح البصر، وبيشو تتكلم طبيعى ولكنها لا ترى ما يحدث لها، فهناك عملية قائمة يقوم بها الطبيب المعالج للحالة الذى لم تفارق الابتسامة وجهه طوال العملية وهناك أيضًا فرحة غامرة ممزوجة بالدموع من "بيشو" لابنتها الجديدة التى اسمتها "جازون" وهو اسم قرآنى.. وهذا ما قالته عن أم الدنيا التى تحقق حلمها على أراضيها بعد رحلة عناء استمرت 17 عاما، مؤكدة حبها وسعادتها للتعامل مع طبيب مصرى، وأن حلمها تحقق بعد تلك السنوات على أرض الكنانة.
أما الطبيب وائل البنا فقال: "حصدت نتيجة تعبى وهروح البيت وأنا مبسوط، وفعلا صدقوا أن الأجانب بيجوا مصر يتعالجوا، دى حقيقة مش هزار، وهذا من قديم الأزل، فنانين ووزراء وقادة، وهذا لأن مصر تحولت إلى أكبر سوق تقدمى حقيقى، وأطبائها من أمهر أطباء العالم.
وعن علاج الحالة قال البنا، إن "مشكلات الخصوبة أمر صعب خاصة بين المؤيدين والمعارضين لعمليات الخصوبة والحقن المجهرى، المؤيدين يقولون أن من 40 إلى 50 بالمائة من أجنة السيدات بعد 40 عاما تكون مشوهة وهذه أحد أسباب فشل الحقن المجهرى".
وأضاف قائلًأ: المعارضون بيقولوا أن الأبحاث أثبتت أنه لا يوجد جزم بأن هذه الأجنة مشوهة أو نسب النجاح واحدة، لأن الرحم يلتقط الحمل الجيد، خاصة وأن كنا نستطيع اختيار جنين جيد من حيث الشكل، ولكن لا يمكننا اختبار الجينات".
وتابع قائلًا: "لذلك قمة الإعجاز فى الحقن المجهرى، الذى يجعل سيدة فوق الأربعين تجاوزت فرص الحمل والإنجاب أن تلد طفلًا سليمًا وليس مشوهًا"، موضحًا أنه لا يجب القلق من عدم الحمل خلال أول عامين من الزواج، لأن نسبة الإنجاب الطبيعية تكون كبيرة دون تدخل فلا يوجد داعى للاستعجال أو التوتر العصبى".