إذا كان الإسلام أباح «ضرب المرأة» فإن فهم تلك الإباحة قد خرج عن مساره الصحيح، لينتج لنا صورا مأسوية من تعنيف الرجل للمرأة، سواء أكانت الزوجة أو الابنة أو الاخت، وليؤكد ذلك الرجل أن تسلّط الذكورة الذي استولى على تفكيره قد أبعده مسافة كبيرة جدا عن مقاصد الشرع من وراء إباحة الضرب.
فلم يكن الضرب، بمفهومه الشرعي والأخلاقي، يعني إلحاق الأذى البدني الشديد، وما يخلفه وراءه من أذى نفسي أشد، بل شرع لهدف محدد، وفي ظرف معين، حتى أن ضرب الرجل لابنته، وأحيانا لأخته، يكون هدفه تربويا إصلاحيا، ولكن ما عاينته من مظاهر، وما استمعت إليه من قصص، يؤكد بصورة مأسوية أن سطوة الرجل تتجاوز أي عرف اجتماعي أو توجيه شرعي، لترسم صورة قاتمة لفئة من الناس انتزعت الرحمة من قلوبها، وتحول القلب إلى «عضلة ضخ دم» بعيدا عن مشاعرالبشر.
فبدموع الحسرة والألم، تحدث عدد من النساء الكويتيات عن تجارب اعتداء جسدي عليهن من قبل ذوي القربى، وسط تساؤلات من اللواتي روين قصصهن، أو من روينها نيابة عن المعنّفات، بأي ذنب نضرب؟ ومؤكدات أن ما أقساه من ضرب عندما يأتي من أب أو أخ أو زوج!
في كل حكاية تفاصيل رويت، وأخرى أكثر لم تجرؤ المتحدثة على البوح بها، وثالثة لم نجد أنه من الملائم نشرها. فالمواطنة (ت) تحدثت عن اعتداء أبيها وأخيها عليها بالضرب المبرح، وإجبارها على الدخول لمستشفى الطب النفسي، الأمر الذي دعاها لأن تخرج من بيت الأسرة لتعيش في شقة بالإيجار. أما المواطنة (م) فقد تحدثت عن تعرضها هي وأختها لاعتداء أخيها عليهما واتهامه لأختها بأنها تمارس السحر لإيذاء بناته، بينما روت أم عبدالله ما تعرضت له ابنتها من عنف على يد زوجها، الأمر الذي وصل معه الحال إلى تواجدها خارج الكويت وخوفها من العودة حتى يتم الانفصال وتتم إجراءات الطلاق رسمياً. صرخة تطلقها هؤلاء المعنفات، لعلها تجد من يسمعها ويحرك صداها المياه الراكدة في ملف الاعتداء الأسري على الكويتيات.
وبينما كانت «الراي» تحاول لملمة خيوط هذا الملف من أهل الاختصاص، كان ثمة إجماع على ضرورة تفعيل مركز الإيواء الذي ما زال حتى وقت كتابة هذه الكلمات مبنى خاويا على عروشه لم تطأه قدم معنفة ولم يستقبل حالة واحدة. وفي ما يلي غيض من فيض مآسي هذا الملف الذي فُتح ويبدو أن لا أمل في إغلاقه حتى الآن:
المواطنة (ت):
- تعرضت للاعتداء من أبي وأخي وأصبت في الرأس وقرنية العين
- أخي ساومني على إرث أمي فتنازلت عنه كي لا يستخدم ملفي في الطب النفسي
- طردوني من البيت لأني خرجت من الطب النفسي
- راتبي 850 ديناراً وإيجار شقتي 350 ديناراً ولو مت فلن يدري عني أحد
أخي وإرث أمي
البداية مع السيدة (ت) ذات الـ34 ربيعاً التي غالبت دموعها قائلة «أمي متوفية، وتزوجت زواجا تقليديا، ولم يكن كما كنت أحلم، لكني تحملت معه كثيراً ولجأت لطبيبة نفسية حتى أستطيع النوم». وتابعت «عندما عرف أبي بزيارتي لطبيبة نفسية أخذني لبيته وقام بتطليقي من زوجي، وقمت بفتح ملف بالطب النفسي لكن هذا الملف استخدمه أبي ضدي ودائماً ما يدعي هو وأخي أنني قمت بأشياء لم أقم بها».
وزادت «أخي ساومني على إرث أمي الذي تنازلت عنه، مقابل عدم استخدام ملفي في الطب النفسي، والآن يريد أن يصبح وصيا علي ليتحكم في راتبي، بينما ما زلت ضحية الضرب من أبي وأخي، وخاصة أبي الذي أدى ضربه لي إلى الإصابة في الرأس والتهاب قرنية العين». وأضافت «طردوني من البيت لأني خرجت من الطب النفسي، راتبي بالكاد 850 دينارا وإيجار شقتي 350 دينارا، ولو مت لن يدري عني أحد، فأبي شدد على إخواني عدم التواصل معي». وقالت «إذا مرضت من يطمئن علي؟ لماذا يتركونني فريسة للشوارع؟ وفي عملي عندما يعلمون أنني بالطب النفسي يقومون بنقلي من مكان لمكان. لا أملك القدرة على التفكير في المستقبل، فمستقبلي دار العجزة. كل ما أريده بدل إيجار أو توفير مكان للإيواء، وحتى الآن لم يساعدني أحد وبعت شبكتي وأثاث شقتي، ولا أقدر أن أستعين بخادمة».
المواطنة (م):
- أخي يتهمني أنا وأختي بالقيام بأعمال سحر لإيذاء بناته
- أدخلنا عنوة لمستشفى الطب النفسي وقام بجرّ أختي من شعرها حتى اقتلعه
- منعني من الذهاب للعمل وأخذ مني مفتاح سيارتي وطلب أن أقف معه ضد أختي
- أصيبت أختي بجرح في قدمها ورفض أخي أن يعالجها رغم كونها مريضة بالسكر
السحر والطب النفسي
أما السيدة (م) فروت تفاصيل قصتها وأختها «مشكلتي بدأت في 2016 مع أختي حيث أجبرنا أخي على إيداعها الطب النفسي حتى يتخلص منها، وبعدما رجوناه قام بإخراجها لكنه قام بإدخالها مرة أخرى». وعن سبب الخلاف، بينت قائلة «يتهمنا بأننا نقوم بأعمال سحر لبناته، وهذا لم يحدث. نحن نسكن مع أخي في بيته وفي أحد الأيام أصيبت أختي بجرح في قدمها ورفض أخي أن يعالجها رغم كونها مريضة بالسكري».
وتابعت «أخي لم يضربني، لكنه كان يضرب أختي لأنه كان يعتقد أنها تعمل السحر لإيذاء بناته»، مستدركة بالقول «كنت أذهب لعملي، ولكنه منعني من الذهاب للعمل وأخذ مني مفتاح سيارتي وخيرني بين الوقوف معه ضد أختي وفي هذه الحالة سيسمح لي بالعمل أو أن أقف مع أختي وعندها سيمنع عني كل شيء، وعندها قررت الوقوف مع أختي وكانت النتيجة إدخالنا عنوة لمستشفى الطب النفسي وقام بجر أختي من شعرها حتى اقتلعه في يده».
واختتمت قائلة «حتى عندما سافر للخارج، قام بتركيب كاميرات ليراقبنا ونحن في بيته وما زال حتى الآن يمنعنا من الحصول على بيت من الحكومة رغم أحقيتنا بذلك».
أم عبدالله:
- زوج ابنتي كان يتباهى بعلاقاته النسائية أمامها
- قام بضربها وهي حامل وأحدث بها العديد من الكدمات
- تعب ابنتي النفسي تسبب في أن تخضع لعملية ولادة مبكرة
- وصل الأمر أنه دخل لابنتي في الطائرة وضربها وأتلف لها تقويم الأسنان
ابنتي وقسوة زوجها
المحطة الثالثة كانت مع السيدة أم عبدالله التي تحدثت عن قضية زواج ابنتها من أحد أصدقاء أخيها قائلة «في البداية فرحنا بهذه الزيجة، ولكن اتضحت لنا أمور مغايرة تماماً بعد الزواج، فقد أخذ المهر من ابنتي الوحيدة وبدأت هنا المشاكل». وأضافت «كان يتباهى بعلاقاته النسائية أمام ابنتي، قام بضربها وهي حامل وأحدث بها العديد من الكدمات، لدرجة أنه في احدى المشاجرات قذفها بالشيشة».
وقالت «كان رأينا أن تنفصل، لكنها رفضت قائلة: يمكن أن يتعدل لكنه لم يتعدل بل تمادى، وكان يمنعها من التواصل معي. تعبها النفسي تسبب في ولادة مبكرة، وحتى بعد الولادة لم يرحمها ففي ثالث يوم أجبرها على أن تقوم بالطبخ وغسل الملابس». وزادت بالقول «ابنتي طلبت أن تعمل حتى تساعد نفسها، وبالفعل توظفت وأخذت قرضا للدراسة في الخارج وسافرت، وكان يجبرها على فتح كاميرا الهاتف أثناء المحاضرات».
واسترسلت «أسرة زوج ابنتي تحاول اسقاط حضانة حفيدتي من خلال تشويه سمعة ابنتي، ووصل الأمر أنه دخل لابنتي في الطائرة وضربها وأتلف لها تقويم الأسنان». واختتمت حديثها وهي تبكي وتقول «لا يوجد جهات تحمي البنات والنساء إذا تعرضن للاعتداء والضرب، ابنتي خائفة من العودة للكويت ولماذا تطول قضايا الطلاق في المحكمة وتأخذ كل هذه المدة؟».
إحصائية
كل يوم... قضية عنف ضد المرأة
أكدت إحصائية صادرة عن وزارة العدل ان «متوسط عدد قضايا العنف والاعتداء ضد المرأة في الكويت خلال السنوات العشر الماضية بلغ حوالي 368 قضية في كل عام، أي انه لا يمضي يوم في السنة الا وتكون هناك قضية اعتداء وعنف ضد المرأة».
وأكدت الإحصائية «تزايد المخاطر التي تهدد المرأة في الكويت، ومنها ارتفاع قضايا هتك العرض والخطف والتهديد، التي شكلت اعلى نسبة جرائم ارتكابا بحق المرأة، حيث بلغ عددها 1064 قضية خلال السنوات العشر السابقة، تلتها جرائم الضرب على نحو محسوس بواقع 816 قضية، وجاءت في المرتبة الثالثة جرائم مواقعة الانثى بالاكراه او التهديد بواقع 656 قضية».
«حالات إيواء فردية تُستقبل بطريقة غير رسمية عبر جماعات تطوعية»
غادة الغانم: مركز الإيواء ضرورة ولا يشجّع على التمرّد
للوقوف على دور المجتمع المدني، وتحديداً الجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية، من مسألة العنف ضد المرأة، تحدثنا مع عضو مجلس إدارة الجمعية غادة يوسف الغانم، التي دعت إلى ضرورة الإسراع في افتتاح مركز إيواء في ظل ما نشهده من حالات ضارة، نافية أن تكون مراكز الإيواء تشجيعا على تمرد المرأة.
وقالت إن «العنف عموماً موجود وهناك احصائيات صادرة عن الأمم المتحدة تقول إنه تقريبا ثلث نساء العالم معرضات للعنف»، مشيرة إلى أن «الجمعية اهتمت بحقوق المرأة منذ بداياتها عبر عدة أنشطة وحملات ومشاريع توعوية آخرها مشروع (ورقتي) الذي يهتم بجمع المواد القانونية الخاصة بالمرأة في الكويت وتبسيطها ووضعها في متناول يد العامة بهدف رفع الوعي المجتمعي بحقوق المرأة».
وأضافت «قسّم هذا المشروع القوانين المتعلقة بالمرأة إلى أربعة محاور أعد فيها دراسات مفصلة وهي: الحق الاقتصادي والحق السياسي وحقها في الأسرة والزواح وحماية المرأة من العنف، خلُصت هذه الدراسات الى 14 توصية أُقرت في بيت الأمم المتحدة كرسالة من نساء الكويت إلى الأمم المتحدة، ومن ضمن هذه التوصيات «إنشاء مراكز إيواء واستماع للنساء ضحايا العنف في الكويت» ثم تبنت الجمعية هذه التوصية وأعدت بحثا متكاملا حول آلية الإيواء والاستماع وإمكانية تطبيقها بدولة الكويت من خلال الاستفادة من تجارب الدول العربية والدولية في هذا الإطار، وبالفعل قدمت الجمعية هذا البحث بعد الانتهاء منه الى المجلس الأعلى لشؤون الأسرة».
وتابعت «هناك إحصائية صادرة عن وزارة العدل عام 2009 تشير إلى أن هناك تقريبا 367 حالة عنف ضد المراة خلال عام واحد بمعدل حالة يومية وهذه هي الحالات المسجلة وهناك حالات أخرى غير مسجلة، وبالتالي العنف يعتبر ظاهرة موجودة، وهناك بعض الناس لا تعترف بهذا الشيء ولكنه موجود في الكويت». وبينت أن «الجمعية الثقافية تعتبر جهة إرشادية حيث تقوم بتوجيه الحالات إلى الجهات المعنية الرسمية لتعالجها، وأغلب الحالات التي تستقبلها الجمعية عبر المكالمات هي العنف الأسري وتسلط الزوج والأخ بجميع أشكال العنف من المنع والحبس».
وشددت على أنه «لابد من تفعيل الاتفاقية التي وقعت عليها الكويت وهي اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التمييز ضد المرأة (سيداو)، ومن خلال علاقتنا مع وزارة الشوون لمسنا أن الحكومة جادة في هذا الأمر ولكن ليس بالسرعة المطلوبة».
وعن حالات العنف التي صادفتها قالت «هناك حالات يتبلى فيها الزوج على زوجته بأنها غير متزنة عقلياً ليحصل على راتبها أو أموالها ويودعها الطب النفسي ويتم بالفعل تصديق رواية الزوج وتودع في الطب النفسي رغم كونها سليمة عقليا، وفي السابق كان لا يسمح للمريضة الخروج من الطب النفسي إلا بتوقيع ممن أدخلها ولحسن الحظ فقد تغير هذا الأمر الآن». وأكدت أن «ما يشاع عن أن مراكز الإيواء تشجع على التمرد والخروج عن العادات والتقاليد أمر غير صحيح، لأن هذه المراكز تخضع لإجراءات ونظم صارمة لاستقبال الحالات، وهناك حالات تحتاج الى مراكز إيواء. وهذه المراكز ليست للإيواء فقط بل للتأهيل أيضاً، فمثلاً مراكز الإيواء في دبي تؤوي المرأة المعنفة مع أولادها ويتم تهيئة بيئة جيدة للأبناء وتعالج المرأة ويتم متابعتها بعد الخروج لضمان سلامتها وتأهيلها لعمل يساعدها اقتصاديا».
وحول الوضع محلياً، قالت «لا يوجد مركز إيواء عامل للمعنفات حاليا في الكويت، فقد تم افتتاح مركز استماع في أكتوبر الماضي، ومرحلة الاستماع هي المرحلة التي تسبق الإيواء فيتم الاستماع للحالات وتشخيصها وعلى أساسها يتم علاجها او تحويلها لمراكز الايواء. هذا المركز الذي تم افتتاحه رسميا في الاحمدي (مركز فنر) مجرد مبنى لا يحوي موظفين حتى الآن ولم يستقبل حالات، مباني المركز موجودة ولكن لم يتم تأثيثها بعد. نحن كجمعيات نفع عام ومساعدة للحكومة نأمل في تفعيل عمل المبني وتوفير متخصصين والسرية في التعامل، ونأمل أيضاً من النواب الدفع بهذا الاتجاه». وزادت «حكومياً، هناك خط ساخن في وزارة العدل للاستماع إلى الحالات المعنفة وكذلك في وزارة الشوون وأيضاً الشرطة المجتمعية. واستدركت بالقول «هناك حالات إيواء فردية يتم استقبالها بطريقة غير رسمية عن طريق جماعات تطوعية بالتعاون مع الشرطة المجتمعية ووزارة العدل ويخصص لهن مكان بجهود المجتمع المدني».
«حالات كثيرة لنساء يُطردن من بيوتهن»
عذراء الرفاعي: «العدل» لم تلتزم بإنشاء مراكز إيواء للمعنّفات
أكدت عضو فريق الإرشاد الأسري التابع للمجلس الأعلى للأسرة المحامية عذراء الرفاعي أنه «هناك مطالبات عديدة منذ فترة طويلة بإيجاد مراكز إيواء للمعنفات بسبب كثرة الحالات التي يتم طردهن خارج بيوتهن».
وأضافت «قدمنا مساعدات لبعض الفتيات من خلال فريق تطوعي تحمل هذا الأمر ونفقاته، وبعد ذلك صدر قانون محكمة الأسرة في 2015 وكان باكورة الأمل لإيجاد مراكز إيواء للمعنفات لكن لم يتم تطبيقه بطريقة فعالة وما زلنا نعاني من سوء التطبيق، وجهل وزارة العدل للقانون الذي يلزمها بإيجاد مراكز لإيواء المعنفات». وذكرت «الكويت وقعت اتفاقية الرياض ( وثيقة الرياض) الخاصة بإنشاء مراكز المعنفات ولكن حتى الآن لم تلتزم وزارة العدل بذلك، ولذلك قام المجلس الأعلى للأسرة بالبحث وإيجاد حل ولكن هذا المجلس يظل جهة إشرافية وليست تنفيذية فلا نستطيع التنفيذ دون وجود قوانين، ومع ذلك تكفل المجلس بإيجاد مبنى للاستماع وإيواء المعنفات لكن لم يتم تفعيله لنقص القوانين».
وتابعت«الحل هو إنشاء هيكل تنظيمي تحت مظلة وزارة العدل، فالمباني موجودة ومركز الاستماع موجود ولكن ينقصه الموظفين، وهناك مشكلة أخرى وهي أن الكويتيين للأسف يخافون من التقدم للعمل في مركز الإيواء لأنهم يعرفون الأبعاد والمشاكل لهذا العمل». وبينت أن «مبنى مركز الإيواء موجود لكنه غير مُفعل لعدم وجود موارد بشرية وعدم وجود قانون ينظم آلية العمل، ولم يستقبل أي حالة حتى الآن»، مخاطبة وزير العدل بالقول «نتمنى تفعيل قانون محاكم الأسرة وإيجاد مراكز إيواء بموجب القانون».
«مرّت عليّ حوادث عنف كاقتلاع الأعين والشعر والحرق»
فاطمة عياد: خطورة العنف الجسدي بمن يوجِد له مبررات غير صحيحة
وفي وجهة النظر الأكاديمية تجاه ظاهرة العنف ضد المرأة، حدثتنا أستاذة علم النفس في كلية العلوم الاجتماعية عضو الجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية الدكتورة فاطمة عياد قائلة «خطورة العنف الجسدي ان هناك من يوجد له مبررات غير صحيحة مما يدّعون بأنه قواعد دينية»، ضاربة أمثلة بحوادث عنف جسدي مرت عليها مثل «اقتلاع الأعين والحرق واقتلاع الشعر وغيرها من مظاهر العنف الجسدي».
وبينت أن «ثمة أنواعا من العنف اللفظي تتمثل في الخجل من مناداة المرأة باسمها»، متسائلة «كيف تربي المرأة أبنائها وهي تتعرض للعنف والضرب وتهان؟ فهذا العنف ليس موجهاً فقط ضد المرأة بل أيضاً ضد الطفل الذي يرى أمه وهي تعنف ويصبح لديه صراع نفسي ما بين الأب الذي يحبه والأب الذي يضرب والدته، وتصبح حياته غير مستقرة، وينسى الاب أن الولد سيكسر حاجز الأبوة عند الكبر وسيكون لديه عنف ضد والدته ووالده مستقبلا».
وزادت «هناك أمهات تشتكين من احتقار ابنائهن لهن بسبب أن الأم غير كويتية والابن كويتي»، لافتة في الوقت ذاته إلى أن «هناك قوانين تميز سلباً ضد المرأة وهذا ما تعاني منه النساء الكويتيات المتزوجات من غير كويتي، فالكويتية المتزوجة من غير كويتي ولديها أبناء تواجه معاناة وتتألم من اليوم الذي سيكبر فيه ابنها فتكون أمام خيارات صعبة إما ان تترك بلدها وتهاجر مع أبنائها أو ان تترك أبناءها يهاجرون بمفردهم». وعن أغرب حالات العنف التي عايشتها، قالت عياد«أعرف طبيبة أقسم عليها زوجها بأنها إذا أكلت«توست أبيض»فسيطلقها وأنه مسموح لها بأكل الخبز الأسمر فقط!
واسترسلت بالقول «إجبار المرأة على الإنجاب المتعدد يشكل عنفا أيضاً، وكانها آلة لا تملك جسدها»، منوهة بأن «هناك حالات لنساء أصبن بالسرطان تركهن أزواجهن بمجرد علمهم بإصابتهن بهذا المرض وقاموا بالزواج بأخريات».
محمد النجدي: الضرب شرعاً لا يكسر عظماً ولا يخدش لحماً
وفي الجانب الشرعي لمسألة الضرب، قال الداعية محمد الحمود النجدي إن الإسلام تدرج في العقوبة التي يوقعها الزوج على الزوجة، وحدد لها خطوات معينة، وهي العظة ثم الهجر «في المخدع وليس الخروج خارج المنزل» ثم الضرب شريطة أن يكون هذا الضرب غير مبرح، لا يكسر عظماً ولا يخدش لحماً ولا يجرح، وإنما يكون من باب الزجر والتهديد.
وشدد على أن «الشريعة الإسلامية حرمت الضرب الشديد، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن هذا الضرب الشديد في حديث (لا يضرب أحدكم امرأته ضرب العبد)». وتابع «على الأباء والأمهات الالتزام بعدم اللجؤ للضرب المبرح، وفي حالة الإضطرار يكون اللجوء للضرب الذي لا يترك أثراً». وعما إذا كان يحق للأخ ضرب أخته، أجاب بالقول«إذا كان الأب غير موجود يجوز له الضرب بالشروط التي أسلفناها، ويجوز له أيضاً إذا كان الأب موجوداً وفوضه لسبب أو لآخر لتأديب أخته، أما إذا كان الأب موجوداً ولم يفوضه في ذلك فلا يحق له الضرب».