fiogf49gjkf0d
مستلهما نور الحكمة، وحسن الموعظة، وصواب الرأي، وصلاح العمل، صارح صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد أبناء شعبه بان «واقعنا الاقتصادي ينبئ بمحاذير ومخاطر يصعب التكهن بحدوث آثارها بما لا يقبل التباطؤ أو التهاون إزاءها»، مشددا سموه على ان ضرورة «المبادرة الى اعتماد حزمة من الإجراءات تكفل تصحيح مسار الموازنة العامة للدولة وتفعيل دور القطاع الخاص».
وأكد صاحب السمو الأمير، خلال كلمة لسموه افتتح بها أعمال اللجنة الاستشارية لبحث التطورات الاقتصادية العالمية والمحلية أمس، ان الأمور تستوجب وقفة جادة لمعالجة هذه الأوضاع واتخاذ ما يلزم من خطوات جادة لحماية اقتصادنا الوطني.
وقال سموه: أعلم ان علينا قدرا من التضحيات لابد من مواجهته، فلكل إصلاح ثمن وتضحيات، لكن ضمن حدودها الدنيا المحتملة على نحو يحقق التوازن بين مصلحة الوطن وطموحات المواطنين، وحدد صاحب السمو الأمير أمورا ستة يجب ان تؤخذ في الاعتبار، على رأسها مراعاة أصحاب الدخول المتدنية وواقعية الحلول، وكلف صاحب السمو الأمير سمو رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد أو من يفوضه بمتابعة اللجنة، آملا تقديم تقريرها في أقرب وقت ممكن وإطار زمني محدد.
وحث سمو ولي العهد الشيخ نواف الأحمد اللجنة على تقديم كل ما تستطيع من افكار، مؤكدا ثقته في قدرة أعضائها على تحمل هذه المسؤولية، فيما شدد رئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي على أهمية مواجهة الأحداث الاقتصادية العالمية وتداعياتها السلبية.
الى ذلك، كشفت مصادر وزارية ان لجنة مصغرة برئاسة محافظ بنك الكويت المركزي الشيخ سالم العبدالعزيز ووزير الدولة لشؤون التخطيط والتنمية عبدالوهاب الهارون و4 اعضاء آخرين اجتمعت بعد اجتماع اللجنة الاستشارية لدراسة الاوضاع الاقتصادية وذلك لوضع ضوابط عمل اللجنة الاستشارية التي ستعقد اجتماعها الثاني الاثنين المقبل لوضع آلية عمل اللجنة.
وقالت المصادر ان اللجنة ناقشت بعد انتهاء كلمة صاحب السمو الأمير عددا من المقترحات من بينها مقترح وزيرة التجارة والصناعة د.اماني بورسلي بتشكيل لجان فرعية تابعة للجنة الاستشارية وتتضمن لجنة اعلامية ولجنة اقتصادية محلية واخرى خارجية وكذلك تشكيل لجنة برلمانية لمعالجة الاختلافات التشريعية بين القوانين التي صدرت مؤخرا.
نص كلمة صاحب السمو
وفيما يلي نص الكلمة التي ألقاها صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد بقصر السيف صباح أمس لدى افتتاح سموه أعمال اللجنة الاستشارية لبحث التطورات الاقتصادية العالمية والمحلية، بحضور سمو ولي العهد الشيخ نواف الأحمد ورئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي وسمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله العلي القدير ونشكره سبحانه على نعمه وفضله وخيره العميم والصلاة والسلام على رسولنا الكريم وعلى آله وأصحابه أجمعين.
سمو الأخ ولي العهد، الأخ رئيس مجلس الأمة، سمو الأخ رئيس مجلس الوزراء، الاخوة الوزراء، اخواني واخواتي يطيب لي ان أرحب بكم جميعا في لقائنا هذا ونحن نعيش اياما وليالي مباركة وفضيلة نستلهم فيها نور الحكمة وحسن الموعظة وصواب الرأي وصلاح العمل، سائلا المولى تعالى، ان يتقبل صيامنا وصالح أعمالنا وان يحفظ بلدنا ويديم عليه الأمن والأمان.
لعلكم ايها الاخوة تتابعون ما يشهده عالمنا من تطورات اقتصادية عاصفة ومتسارعة وتدركون ما تحمله في طياتها من تداعيات وانعكاسات ومضاعفات تشكل تهديدا خطيرا لاقتصادنا الوطني ومستقبل أجيالنا القادمة.
ان عصب الأمان في أي بلد هو الاقتصاد ونحن اذ نحمد الله على ما حبانا من نعم ومقومات تسمح بإقامة اقتصاد قوي متين ثابت الأركان يكفل أسباب التقدم والرفاه والحياة الكريمة لأبناء الشعب الكويتي في الحاضر والمستقبل إلا ان الممارسة العملية في سوء استغلال الفوائض المالية وعدم استثمارها في الوجهة الصحيحة قد أدى الى جملة من الاختلالات الهيكلية في اقتصادنا الوطني باتت تشكل عبئا ثقيلا وهاجسا حقيقيا يهدد مستقبل البلاد وقدرتها على تنفيذ برامجها ومواجهة التزاماتهـــا الماليـــة المختلفــة.
وإزاء استمرار مظاهر الهدر الاستهلاكي غير المسؤول والإفراط في زيادة الإنفاق الجاري غير المنتج فقد تعمقت هذه الانحرافات والاختلالات وتعقدت اثارها ونتائجها ولست هنا في مقام الإفاضة في تشخيص هذه المشكلة والحديث عن تفاصيلها فأنتم أصحاب الخبرة والاختصاص في هذا الميدان ولكن ما يشهده واقعنا الاقتصادي ينبئ بمحاذير ومخاطر يصعب التكهن بحدود آثارها بما لا يقبل التباطؤ او التهاون إزاءها والمبادرة الى اعتماد حزمة من الإجراءات تكفل تصحيح مسار الموازنة العامة للدولة وتفعيل دور القطاع الخاص في تحمل مسؤولياته في المساهمة الفاعلة في النشاط الاقتصادي ومعالجة سائر الاختلالات التي تعوق اقتصادنا الوطني لذا فإن مجمل هذه التطورات وتداعياتها يستوجب منا وقفة جادة لمراجعة أوضاعنا واتخاذ ما يلزم من خطوات جادة لحماية اقتصادنا الوطني وضمان أسباب الحياة الكريمة لأهل الكويت وأجيالهم القادمة، انها مسؤوليتنا أمام الله والوطن والشعب.
الاخوة والاخوات، انطلاقا من هذه المسؤولية الكبيرة فقد دعوتكم الى هذا الاجتماع كجهات مسؤولة وخبرات وكفاءات مهنية وطنية نعتز ونثق بها لتدارس هذه المسألة بكل ابعادها وتقديم المقترحات العملية المناسبة لمعالجتها بما يقود لانجاز الإصلاح المأمول الذي يكفل تحسين وتعزيز قدرات الكويت على مواجهة التحديات الاقتصادية وتحقيق الغايات التنموية المنشودة.
اعلم ان علينا قدرا من التضحيات لابد من مواجهته فلكل إصلاح ثمن وتضحيات ولكن ضمن حدودها الدنيا المحتملة على نحو يحقق التوازن بين مصلحة الوطن وطموحات المواطنين ورغباتهم واني على ايمان راسخ بان اخواني وابنائي المواطنين الكرام وكما عهدناهم دائما سيكونون على مستوى المسؤولية الوطنية في تفهم وتبني اي خطوات تحقق المصلحة الوطنية وتحفظ لهم ولاجيالهم القادمة مقومات الحياة الكريمة حاضرا ومستقبلا.
كما ادعو الاخوة والاخوات اعضاء مجلس الأمة الى تجسيد التعاون المسؤول في تفهم ودعم الإجراءات والتوجهات المقترحة من اجل تحقيق الأهداف المنشودة باعتباره مشروعا وطنيا يشترك الجميع في مسؤولية انجازه وتحقيق أهدافه وغاياته السامية.
الاخوة والأخوات انني على ثقة بأنكم عندما تتصدون لهذه المهمة الوطنية النبيلة لن تبدأوا من فراغ فأمامكم العديد من الدراسات والأبحاث التي أعدتها عقول وطنية مخلصة ستعينكم فى سعيكم للوصول الى الأهداف الاقتصادية والتنموية المنشودة وادعوكم للبناء على هذه الدراسات والأبحاث ومحاولة الاستفادة مما جاء فيها وإضفاء رؤاكم وتصوراتكم الكفيلة في الإسراع بالتنفيذ والانجاز لمهمتكم في خدمة امال وتطلعات ابناء هذا الوطن العزيز.
وإذ أؤكد ثقتي الكاملة في حرصكم وقدرتكم على التوصل الى أفضل الحلول وانجح السبل الكفيلة بمعالجة الاختلالات التي يشهدها وضعنا الاقتصادي وتعزيز اقتصادنا الوطني بكل قطاعاته ومجالاته فاني انوه لبعض الأمور التي أرى أهمية وضعها بالاعتبار في طرح تصوراتكم ومرئياتكم في هذا الشأن متمثلة بما يلي:
اولا: مراعاة أصحاب الدخول المتدنية في كل الإجراءات المقترحة وألا يترتب عليها ما قد يثقل كاهلهم في مواجهة أعباء الحياة وتكاليفها.
ثانيا: ان تتسم الحلول بالواقعية وقابلية التنفيذ وان تكون في اطار الإمكانات والقدرات المتاحة.
ثالثا: اختيار آلية العمل المناسبة لتنفيذ الحلول الكفيلة بضمان حسن التنفيذ وفق برنامج زمني محدد وفاعلية المتابعة والتقويم.
رابعا: الالتزام بمعايير الشفافية الكاملة وتكافؤ الفرص في تنفيذ الأنشطة والبرامج والمشروعات المختلفة تحقيقا للنزاهة المطلوبة وحرصا على حسن استثمار موارد الدولة وتكريس المحافظة على المال العام بأفضل الصور.
خامسا: تجاوز الأطر التعليمية في التعامل مع متطلبات الإصلاح الاقتصادي وابتكار أفضل السبل وأسرعها وأكثرها مرونة لتحقيق الهدف المنشود.
سادسا: حسن تعريف وتسويق البرامج المقترحة لدى المواطنين واستخدام الإعلام الهادف لتوعيتهم بمضامين هذه البرامج وجدواها وبالفوائد التي يمكن ان تعود على المواطن من خلالها وتحقيق الضمانات اللازمة لأجيالهم القادمة لحياة أفضل.
واخيرا ايها الاخوة والاخوات فانني أثمن استجابتكم للمشاركة في أعمال هذه اللجنة متطلعا الى ما تطرحونه من أفكار ومقترحات ومبادرات تسهم في معالجة الوضع الاقتصادي وتعزيز اقتصادنا الوطن لنحقق لشعبنا الوفي ما يصبو اليه من امال وتطلعات.
وقد ارتأيت تكليف سمو الأخ الشيخ ناصر المحمد رئيس مجلس الوزراء او من يفوضه من نوابه لمتابعة أعمال هذه اللجنة وانجاز مهمتها املا ان تتقدم اللجنة بتقرير نتائج اعمالها وتوصياتها في اقرب وقت ممكن وفي اطار جدول زمني محدد سائلا المولى عز وجل ان يهبكم العون والسداد لكل ما فيه خير وخدمة مصلحة كويتنا الغالية وفقنا الله جميعا لما يحبه ويرضاه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».