fiogf49gjkf0d
عندما طالبنا قبل أيام أعضاء مجلس الأمة بتغليب التشريع على الرقابة في دور الانعقاد المقبل، كان ذلك على خلفية ما تمطرنا به المعاهد الإستراتيجية الغربية وخصوصا الأميركية وعلى رأسها «ستاندرد أند بورز» من تقارير سلبية حول الاقتصاد الأميركي والأوروبي المتداعي، وتشي بتداعيات خطيرة على الدول النامية، وعلى الأخص الدول النفطية الخليجية المرتبطة مباشرة بالحركة المالية العالمية.
الآن وقعت الواقعة والمختصون في أميركا وأوروبا يزودون مراكز القرار على مدار الساعة بالتقارير الميدانية والاستشرافية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، لكن الوضع بلغ من الخطورة بحيث لم تعد حلول ما يسمى بـ «التهدئة» أو شد اللجام، ما يعني أن الحلول الترقيعية لم تعد ذات جدوى، لا على المدى المنظور ولا على المدى المستقبلي، وما يفيد بأن الوضع تعدى حافة الهاوية. وعندما علقنا جرس الإنذار بطريقة لا تسبب هلعا على مستوى الدولة والمواطن، كان ذلك عبارة عن دعوة «للمشرعين» في مجلس الأمة للتداعي من أجل عقد جلسة «طارئة» هي الأدعى والأهم من «طارئة» القبول الجامعي لكن اتضح لاحقا، وكما يقول المثل الكويتي: «عمك أصمخ» لم يحرك أحد ساكنا، مع أن اللجنة المالية عقدت حتى يوم أمس ثلاث جلسات لم يرشح منها أي شيء عن تداعيات الأزمة العالمية على الاقتصاد الكويتي «الأحادي الدخل» وهو النفط الذي لم تتمكن الدولة حتى الآن من إيجاد رديف حتى ولو جاء في الترتيب العاشر – عدا الاستثمارت الخارجية التي بدأت تدخل منطقة الخطر، كما أن سعر برميل النفط تدنى إلى 85 دولارا وهو مرشح للتدني أكثر. وهنا قد يستشعر نوابنا وأصحاب القرار بالمخاطر التي ما زالوا يرونها «مقبلة» مع أنها محدقة بنا.
هذا ما قاله أحد الخبراء الاقتصاديين لـ «الدار» في معرض حديثه التهكمي على دعوات الجلسة الطارئة «للقبول» وعلى فتاوى هدر الدماء التي تتفاعل وتتسع دوائرها، مطالبا النواب بالإسراع في الدعوة إلى جلسات ماراثونية طارئة وليس إلى جلسة واحدة وفي أقرب وقت ممكن خصوصا وان معظم النواب في الكويت لقضاء شهر رمضان المبارك.
هذه الدعوة وجهتها «الدار» إلى عدد من أعضاء مجلس الأمة لجس النبض حول ضرورة عقد جلسة «طارئة» لبحث الوضع الاقتصادي كانت الردود إيجابية لدرجة أن أكثر من نائب أبدوا الاستعداد للبدء بجمع التوقيعات في أسرع وقت ممكن.
الى ذلك، قال النائب خالد السلطان ان الوضع الاقتصادي وانهيار البورصة لا تكفي له جلسة طارئة لمناقشته، مشيرا الى ان المشكلة بدأت منذ عام 2007 وقد حذرنا من العواقب منذ ذلك التاريخ والتي قد تنتج في عدم اتخاذ الحكومة الاجراءات الصحيحة والكفيلة بحل هذه المشكلة لعلاج الازمة قبل ان تستفحل.
وأضاف السلطان: ما نراه من واقع لسوق الاوراق المالية وللاقتصاد الكويتي هو نتيجة لاخفاق الحكومة في التصدي لهذه الازمة في وقتها، مبينا: اننا قلنا مرارا وتكرار ان قانون الاستقرار الاقتصادي لا يضر ولا ينفع وليس له اي قيمة للاقتصاد وانما هو مجرد دفعة معنوية لاعادة الثقة وهذا لا يكفي.
وبين السلطان أن الحكومة تعمد الى توفير السيولة للقطاع الخاص وليس للشركات المتعثرة التي فيها تجاوز، موضحا ان الحفاظ على الشركات الصالحة والتي لديها ملاءة يؤدي الى استمرار القطاع الخاص في نموه.
ولفت الى ما قامت به الحكومة بوضع اموال ضخمة في البنوك والتي توقفت عن توفير السيولة والقيام بدورها تجاه الشركات في القطاع الخاص وهو ما حذرنا الحكومة منه بان البنوك لن تقوم بدورها في توفير السيولة، مشيرا الى ان حكومة قطر اصدرت سندات كما فعلت حكومات اخرى لعلاج الازمات التي يواجهونها بشكل فعال ونتج عن ذلك بان تجاوزوا الازمات الاقتصادية.
ونوه السلطان الى الكشف في الوقت الحالي على الدفاتر لنجد عمق الأزمة ولنعرف ان الازمة تحولت الى ازمة ملاءة بسبب اخفاق الحكومة في وضع العلاج اللازم في وقتها والمح السلطان بانه لو اصدرنا صكوكا بمليار دينار في ذلك الوقت نحتاج الان الى عدة مليارات لعلاجها والله يستر.
وكشف بانه لا يوجد راع للاقتصاد الكويتي وبالتالي فان انعكاسات الازمة ليس على المستقبل فحسب بل على فرص التوظيف وتضخم الميزانية والتي من اسبابها عدم تنمية القطاع الخاص.
واستدرك قائلا: الوضع ما يسر وما نراه من نزول في الاسهم هو الحصاد نتيجة لعدم اتخاذ قرارات في حينها وتجاهل الحكومة للوضع الاقتصادي والتي دائما تصرح بان كل شيء «زين»، مستطردا ان الحكومة لا تستطيع ان تتولى جميع الامور بالبلد مالم يكن لديها قطاع خاص قوي ودول العالم جميعا ترتكز على القطاع الخاص في الداخل.
وختم السلطان ان النفط مادة ناضبة والاسعار متقلبة، وبالتالي مالم تكن لدينا ركيزة مؤسسية في القطاع الخاص فسيكون مستقبلنا في خطر، مشددا على ضرورة ان ينظر الى هذا الامر بشكل جذري.
من ناحيته اكد رئيس مجلس ادارة شركة نور للاستثمار المالي السابق ناصر المري ان الاقتصاد الوطني يسير في اتجاه الكارثة نتيجة التراخي الحكومي في اقرار الحلول والخطط الطارئة لمواجهة التداعيات السلبية المحتملة للاحداث التي يمر بها الاقتصاد العالمي بسبب الديون الاميركية وخفض تصنيفها الائتماني والديون الاوروبية والكارثة ستقع لا محالة ما لم تكن هناك اجراءات وتحركات فورية وعاجلة لانقاذ الاقتصاد من الانهيار، لافتا الى ان الاقصاد العالمي بات كتلة واحدة تتأثر وحداته ببعضها البعض وان اي انهيار في وحدة منها سيؤثر حتما على باقي الدول والكويت واحدة منها ومن الخطأ الاعتقاد بأن الاقتصاد الوطني في مأمن من تلك التداعيات، فالازمة القادمة اكبر بكثير من قدراته ولن نكون في وضع مريح او بعيدين عما يدور حولنا من تذبذب في الاسواق المالية وحالة فقدان الاموال وتراجع التصنيفات الائتمانية.
وشدد المري على ان هكذا اوضاع تفرض على القائمين على شأن الاقتصاد ضرورة التحرك السريع وتشكيل فريق لادارة الازمة الحالية وقبل وقوع ما لا تحمد عقباه وعندها لن تفيد المسكنات او الحلول الترقيعية لان الوقت سيمر سريعا ولن نستطيع تدارك الاثار السلبية بنفس درجة وقوعها، مبينا ان عدم ظهور اي مسؤول حكومي حتى الان يتحدث بشأن الوضع الحقيقي للاقتصاد ومدى متانته في مواجهة الازمة الحالية التي بدأت تطل برأسها على العالم بأسره يبرهن على ان الحكومة ومسؤوليها ليس لديهم ما يقولونه للشارع الاقتصادي والسياسي بشأن الاوضاع الحالية والمخاوف المتنامية حيال مستقبل الاقتصاد الوطني في ظل التداعيات الحالية، بل ان لسان حالهم يقول اننا نسير في اتجاه مغاير للاقتصاد العالمي ومن الواجب عليهم حماية الاقتصاد من التداعيات المحتملة قدر المستطاع وتجنيبه ويلات ازمة جديدة قد تأتي على الاخضر واليابس.
وضرب المري مثالا للتراخي الحكومي في الانقاذ بما يحدث في السوق المالي المتعطش الى السيولة بدرجة كبيرة والحكومة لا تملك الوسائل القانونية لضخ السيولة في السوق وهي عاجزة عن معالجة الاقتصاد، مبينا ان تعيين وزير للتنمية الاقتصادية غير كاف بالمرة لانعاش الاقتصاد في الوقت الحالي، ولابد من فريق متخصص وبصورة سريعة لادارة ما نحن مقبلون عليه من ازمة طاحنة لا يعلم مداها الا الله.
على الصعيد، ذاته ذكر تقرير صندوق النقد الدولي ان الاقتصاد الكويتي سيواجه تحديات كبيرة في النصف الثاني من العام، وتتمثل التحديات في انعكاسات التطورات العالمية وهبوط الاسواق وأسعار النفط والدولار، وأيضا من الداخل حيث سيظهر في النصف الثاني مدى قدرة الحكومة على طرح المشاريع كي يجني الاقتصاد ثمارها.. وايضا سيكون واضحا مدى العلاقة بين المجلس والحكومة وما اذا كان التوتر السياسي وعدم اليقين سيظل ام لا.