رأى الكاتب الأمريكي برنارد هيكل، أن المملكة العربية السعودية على شفا كارثة يحاول ولي العهد الأمير محمد بن سلمان التعاطي معها، من خلال ما يُضفيه من إصلاحات في إطار (رؤية المملكة 2030).

وكتب هيكل، في مقاله بصحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، يقول إن العديد من الروايات الصحفية عن الأمير محمد بن سلمان تُصوّره على أنه "جائع للسلطة وفاسد"، وتعزي إلى هاتين الصفتين السر وراء سياساته وإجراءاته في المملكة.

وأشار إلى أنه عندما أصدر العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز أمرًا ملكيًا بتعيينه وليًا جديدًا للعهد، في يونيو الماضي، بات بن سلمان "أقوى رجل في المملكة"، ونجح في تثبيت أقدامه في السلطة برغم تصرفاته غير الرشيدة التي عزّزت الانطباع بأنه رجل جشع، بما في ذلك (تقارير شرائه قصر ويخت فرنسي بأموال طائلة والتي نفتها المملكة لاحقًا).

بيد أن بزوغ نجم بن سلمان لا يكفي وحده، في رأي هيكل، لتفسير التطورات الأخيرة التي أحدثها في المملكة. وعزا السبب وراء صعوده إلى أنه يحاول أن يتعامل مع الحقيقة المُرّة: "المملكة غير مُستقرة اقتصاديًا وسياسيًا، ومُقبلة على كارثة".

وفي الوقت نفسه، يُشير إلى الإرث الثقيل الذي ورثه ولي العهد السعودي. يقول هيكل: "بن سلمان ورث دولة متشددة ذات قدرات إدارية محدودة، واقتصاد يعتمد إلى حد كبير على عائدات النفط الذي انخفضت أسعاره، فالبلد مُثقل بطبقة من آلاف الأمراء المنتمين إلى الأسرة المالكة، ومُتطفلين يعبثون بالاقتصاد دون رقيب أو حسيب".

فضلًا عن تضخّم القطاع العام، والذي يوظّف نحو 70% من السعوديين، والعمل على إنهاء نظام الإعانات والاستحقاقات التي كانت تمثّل استنزافًا هائلًا للموارد المالية للدولة، فيما يحاول بن سلمان الدفع بالقطاع الخاص ليكون أكثر ديناميكية وحيوية؛ لاسيّما وأنه المولّد الأساسي للعِمالة في السعودية.

عسكريًا، يلفت هيكل إلى عدم قدرة السعودية على الدفاع عن نفسها رغم المليارات التي تنفقها على التسليح، فيما تسعى إيران -المنافس اللدود للمملكة- إلى تدمير نظام الحكم في المملكة على الصعيد الدولي. كما تكبح النخبة الدينية جِماح أي تغيير اجتماعي حفاظًا على هيمنتها ونفوذها، في الوقت الذي بدأت فيه النساء -الجزء الأكثر تعليمًا وتحفيزًا في المملكة- في الخروج بصورة أكبر إلى سوق العمل.

وفي خِضم كل هذا، يرى هيكل أن صعود بن سلمان إلى السلطة جاء مُخالفًا لتقاليد آل سعود واعتمد على نظام "غير عملي" في عملية توافق الآراء بين مختلف الفصائل الملكية التي ثبُت أنها غير قادرة على إصلاح النظام.

ولكي يحدث التغيير -ولكي تنجو السُلالة الملكية- قال هيكل إنه كان من الضروري أن يخرج زعيم يقدر على حرمان قطاعات عريضة من الأسرة المالكة من امتيازاتها، وإجبار المؤسسة الدينية على التخلي عن هيمنتها، فضلًا عن محاولته إجراء إصلاحات في الاقتصاد والجيش.

لكن ما الذي أنجزه بن سلمان حتى الآن؟ يُجيب هيكل قائلًا: على الصعيد الداخلي أرهب الأسرة المالكة، وهو الآن بصدد إنهاء الحصانة القانونية والمالية لآل سعود؛ إذ احتجز عددًا من الأمراء والوزراء والمسؤولين في مطلع نوفمبر الماضي، واعتقل نحو 11 أميرًا سعوديًا في 6 يناير الجاري، في إطار حملته لمكافحة الفساد في المملكة. إضافة إلى عمله على ترويض المؤسسة الدينية؛ بالتهديد تارة والاعتقال تارة أخرى.

وخارجيًا، سعى بن سلمان إلى إعادة الدفء للعلاقة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة الأمريكية، (لاسيّما إدارة الرئيس دونالد ترامب)، بعد الفتور الذي شاب العلاقات السعودية الأمريكية خلال فترة حكم الرئيس السابق باراك أوباما. كما بنى علاقات قوية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اتضحت معالمها جليًا في اتفاقات النفط المتعاقبة بين البلدين والتنسيق بينهما بشأن الأزمة السورية.

واختتم الكاتب مقاله بالقول إن "بن سلمان يرغب في بناء شرعية جديدة لأسرته الحاكمة، تقوم على التحوّل الاقتصادي للبلد وازدهاره. إنه ليس ليبراليًا سياسيًا، وإنما استبداديًا، ويرى توطيده في السلطة شرطًا ضروريًا للتغييرات التي يريد أن يُحدِثها في المملكة العربية السعودية".