أثار إعلان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، عن موافقة السودان على منح جزيرة سواكن الواقعة في البحر الأحمر شرقي السودان لأنقرة، لتتولى إعادة تأهيلها وإدارتها لفترة زمنية لم يتم تحديدها، العديد من التساؤلات والمخاوف.
 
 وجاء ذلك خلال زيارة أردوغان إلى الخرطوم أمام ملتقى اقتصادي جمع رجال أعمال سودانيين وأتراكاً، وتتمثل أبرز المخاوف في مساعي تركيا لإعادة نفوذها في القارة السمراء والبلدان المطلة على البحر الأحمر، ومدى تأثير ذلك على الأمن القومي لدول المنطقة، ومدى تأثير ذلك على مصر؟.
 
ويعد ميناء سواكن هو الأقدم في السودان، وهو الميناء الثاني للسودان بعد بور سودان الذي يبعد 60 كم إلى الشمال من، ويستخدم عادة لنقل المسافرين والبضائع إلى ميناء جدة في السعودية.
 
وفي هذا السياق، اعتبر السفير محمد الشاذلي سفير مصر السابق بالسودان، وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية، أن هذا الأمر تصرف غير ودي، خاصة وأنه لم يكن هناك مقدمات له، وتحوط به كثير من عدم الشفافية، خاصة وأنه لمدة محددة ولأهداف غير معلومة.  
 
وأوضح في تصريحات خاصة لـ «بوابة الوفد»، أن هذا التطور جاء بعد اعتراض السودان على اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، مما يجعل هناك علامات استفهام كثيرة حول هذا الاتفاق، وعلى رأسه لماذا تحت الإدارة التركية تحديدًا، وهل هو مشروع تنموي أم عسكري؟.
 
وتابع الشاذلي، أن تركيا ليست من البلاد المطلة على البحر الأحمر وليس لها مصالح فيه ولا يمكن ان يكون لها دور عسكري على البحر الاحمر، معتبرًا أن هذا الاتفاق يزيد من التوتر مع هذه البلدان، وهو الأمر الذي كنا نريد تجنبه.
 
وأشار إلى أننا كنا نريد عمل جبهة عربية واسلامية لموجهة التحديات التي تواجه المنطقة العربية والعالم الإسلامي، ولكن هذا الاتفاق الأخير بين الخرطوم وأنقرة يؤدي
إلى مزيد من التشرذم والشقوق في هذه الجبهة.
 
وذكر السفير عادل الصفتي، وكيل أول وزارة الخارجية السابق، إن موافقة السودان على وضع جزيرة سواكن تحت الإدارة التركية موجهة ضد مصر، فالخرطوم في ظل توتر علاقاتها مع القاهرة أرادت أن تكون لها قوى ضد الاسطول المصري في البحر الأحمر.
 
وأضاف في تصريحات خاصة لـ «بوابة الوفد»، أن تركيا ارتضت القيام بهذا الدور لإقامة قاعدة لها على البحر الأحمر، وهي ليست من الدول المطلة البحر الأحمر، وذلك بسبب فكر أردوغان، الذي يرغب في استعادة الإمبراطورية العثمانية.
 
ومن جانبه، رأى اللواء نصر سالم رئيس جهاز الاستطلاع بالمخابرات الحربية الأسبق، أن تحالف السودان وتركيا ومعهما قطر، محاولة للضغط على مصر بشكل أو بآخر، معتبرًا أن الاتفاق محاولة للرد على التحالف الذي سبق وأن قامت به القاهرة مع قبرص واليونان.  
 
وقال في تصريحات خاصة لـ «بوابة الوفد»، أن هذا الاتفاق كان من الممكن أن يكون له تأثير على الأمن القومي المصري، لو لم نكن مستعدين ولدينا جيش قوي، حيث من الممكن أن يأتي من هناك عناصر ارهابية، أو العمل على إثارة القلاقل في منطقة البحر الأحمر وتهديد السفن التي تأتي للعبور من قناة السويس.
 
وكانت الدولة العثمانية قد استخدمت جزيرة سواكن مركزًا لبحريتها في البحر الأحمر، وضم الميناء مقر الحاكم العثماني لمنطقة جنوب البحر الأحمر بين عامي 1821 و1885، ولكن السلطة العثمانية تنازلت رسميا عن سواكن في 1865 مقابل جزية سنوية قدرها 15 ألف جنيه مصري.
 
ويشار إلى أن مصر ضمت جزيرة سواكن في عهد الخديو إسماعيل بعد أن تعهد الخديو إسماعيل بدفع مبلغ 7500 جنيه مصري لوالي جدة مقابل تنازل السلطان العثماني عن سواكن، وقد صدر فرمان عثماني بذلك وتم الأمر سنة 1869.