انتقل القلق من التضييق على العمالة الوافدة في الكويت، إلى الكثير من المستثمرين والشركات في قطاعات اقتصادية عدة، بعد أن بات خطر الانكماش والركود يلاحق أنشطتهم، بينما كان الخوف من تراجع الظروف المعيشية قاصراً، خلال الفترة الماضية، على العمال الوافدين، بسبب الإجراءات الحكومية التي قلّصت امتيازاتهم، وكذلك مطالب نواب في البرلمان بمزيد من التضييق. واتخذت الحكومة الكويتية، على مدار أكثر من عام، عدة قرارات تتعلق بخفض بدلات شرائح من العاملين الأجانب، وزيادة رسوم الإقامة والكهرباء والماء والعلاج. غير أن نواباً في مجلس الأمة (البرلمان) ما يزالون ينظرون إلى هذه الإجراءات على أنها غير كافية، مطالبين في مقترحات برلمانية بمزيد من الإجراءات. لكن ازدياد ما وصفه خبراء بـ”المطالب الشعبوية”، بات ينذر بتعرّض قطاعات اقتصادية مهمة في الكويت للخطر، منها العقارات والسيارات وأنشطة التجزئة والمصارف والكفاءة البشرية، ما يدعو إلى ضرورة كبح إجراءات التضييق غير المبرر ضد الوافدين في البلد النفطي، الذي يسعى إلى تنويع اقتصاده، وذلك حسب مراقبين، بعد أن تسبب انخفاض أسعار النفط عالمياً بأكثر من النصف منذ منتصف 2014 في تراجع موارده المالية، وتسجيل عجز مالي دفعه إلى الاقتراض. وقدمت صفاء الهاشم، النائبة في مجلس الأمة، عدة اقتراحات تستهدف الوافدين، أبرزها منع صرف الأدوية والعلاجات لهم في المستشفيات الحكومية وإجبارهم على شرائها من الصيدليات الخاصة، وفرض رسوم لاستخدام الطرق السريعة، ورسوم على التحويلات المالية، ومنعهم من استخراج رخص للقيادة (أول مرة) وقصر التراخيص على الخدم والسائقين الخاصين. ويقول خبراء اقتصاد إن الاقتراحات النيابية والقرارات الحكومية الأخيرة تجاه الوافدين، قد تؤدي إلى هجرة العمالة المدربة من الكويت واتجاهها إلى بلدان خليجية مجاورة. وتظهر أرقام الهيئة العامة للمعلومات المدنية، بلوغ عدد سكان الكويت، بنهاية العام الماضي 2016، نحو 4.3 ملايين نسمة، بينهم 1.3 مليون مواطن ونحو 3 ملايين وافد. عقارات بلا سكان وفي قطاع العقارات، يؤكد ناشطون في القطاع أن العمالة الوافدة تستأجر نحو 90% من العقارات الاستثمارية، مشيرين إلى أن خفض الحكومة بدل الإيجار عن المعلمين الوافدين، فضلا عن القرارات الأخرى التي تسببت في زيادة أعباء المعيشة، تسبب في ترحيل شرائح من الوافدين لعائلاتهم، وحدوث فراغ كبير في الكثير من الشقق الاستثمارية، حيث انخفضت القيمة الإيجارية إلى أكثر من 20%، فيما لا تزال غالب البنايات الجديدة خالية من المستأجرين. ويقول سعود المقلد، المدير التنفيذي لشركة عذراء العقارية: “أي تضييق جديد على الوافدين سينعكس سلباً على القطاع العقاري الاستثماري، بينما يعاني في الأساس بعد خفض بدلات ورواتب المعلمين الوافدين، وهم الشريحة الأكبر التي تجلب عائلاتها معها، حيث انخفضت القيمة الإيجارية بنسبة كبيرة للشقق السكنية، كما أن رفع أسعار الماء والكهرباء قد أثر أيضاً على هذا القطاع المنهك بفعل استهداف أكبر المستخدمين له”. ويبلغ عدد المعلمين الوافدين، الذين يتقاضون بدلات السكن، ما يقارب 40 ألف معلم، وتتراوح رواتبهم، من دون احتساب مبلغ بدل السكن، ما بين 420 ديناراً (1400 دولار) و460 ديناراً (1600 دولار)، فيما يتقاضى المعلمون الكويتيون ما يصل إلى ضعفي هذا الراتب، حسب اختلاف التخصصات والمراحل العمرية للتدريس. ويضيف المقلد، في تصريح لـ “العربي الجديد”: “الكثير من مشاريع التطوير العقاري في العاصمة الكويت توقفت أو انسحب منها المطورون بسبب خوفهم من الركود الحاصل في السوق، كل هذا والقرارات التي يقترحها النواب لم تطبق، فما بالك لو جرى تطبيقها”. وكانت وزارة التربية قد قررت، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، خفض بدل الإيجار الذي يتقاضاه المعلمون الوافدون من 150 ديناراً (490 دولاراً) إلى 60 ديناراً (200 دولار)، وهو إجراء واجه انتقادات حادة آنذاك، لتسببه في موجة نزوح كبيرة من الشقق ذات المستوى المتوسط في البلاد أدت إلى تأثر القطاع العقاري الاستثماري. وبحسب تقرير أصدره بنك بيت التمويل الكويتي مؤخراً، فإن قيمة التداولات العقارية انخفضت على أساس سنوي، في فبراير/شباط 2017، بنسبة 39%. انهيار في المطاعم ولم يعد القلق يخص المستثمرين في القطاع العقاري، وإنما طاول أيضا قطاع المطاعم، الذي يبلغ ناتجه الإجمالي سنوياً أكثر من 3 مليارات دولار، إذ يعتمد القطاع بشكل شبه كلي على خدمات توصيل الطلبات، التي يعمل بها السائقون الوافدون. كما سيتعرض قطاع خدمات توصيل المطاعم إلى أضرار أيضاً، حيث تستثمر شركات أجنبية كبرى في أكبر موقعين لتوصيل طلبات المطاعم في الكويت، وهما “طلبات” و” كاريدج”، حيث تبلغ القيمة السوقية لكليهما أكثر من ملياري دولار. ويقول سالم العتيقي، وهو مالك سلسلة مطاعم ناشئة: “أعتقد أن الاقتراحات المقدمة للبرلمان ضد الوافدين هي لدغدغة المشاعر فحسب، إذ لا يمكن منع الناس من قيادة السيارات لأنه عمل غير أ