مع دقات الساعة الثالثة، فجر اليوم، اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي قرية النبي صالح الفلسطينية. صوب منزل ناريمان التميمي توجهت الأقدام، لم يكن الهدف الأم كما المعتاد. “اعتقل الجنود عهد لأول مرة” تقول خالتها نوال التميمي.

صباح أمس، كانت القرية الواقعة وسط الضفة الغربية على موعد جديد مع مواجهة قوات الاحتلال، احتجاجًا على قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإعلان القدس عاصمة إسرائيل. حاول جندي إسرائيلي حاملًا لسلاحه أن يصعد درجات سلم منزل “عهد”، فدفعته الصبية ذات السابعة عشر عامًا في كتفه مطالبةً إياه أن ينزل. صور والد الصبية المشهد، الذي تواجدت فيه الأم، وبعده انتشر هاشتاج من قبل الإسرائيليين على وسائل التواصل الاجتماعي، يطالب باعتقال الفتاة “لأنها اهانت الجيش الإسرائيلي” كما تحكي نوال

اعتقال “عهد” كان متوقعًا، بعد ما تصفه الخالة بأنه “دعوة” لعقاب الصبية الفلسطينية، وهو ما حدث فجر اليوم؛ أحاط المنزل قرابة خمسين جنديًا مدججًا بالسلاح حسب قول الخالة نوال، واقتحموا الغرفات، قلبوها رأسًا، قبل أن يحاصرها جنديان ويصحبوها مكبلة اليدين لخارج مسكنها، لتذيع إحدى القنوات الإسرائيلية تلك اللحظة.

لم يكن ذلك الاقتحام الأول لمنزل “عهد” اعتادت الفتاة على ذلك “اعتقلوا شقيقتي ناريمان حوالي 5 مرات من قبل”، كان أخرهم قبل عامين، مكثت الأم قرابة أسبوع في حوزه جنود الاحتلال، بينما هذه المرة وقعت الصبية في الأسر، وأمضت ليلتها في مركز شرطة بنيامين للتحقيق.

حال أبناء فلسطين عامة، وقرية النبي صالح خاصة، تشربت “عهد” المقاومة منذ الصغر، أبصرت أسرتها وجيرانها والأصدقاء يخرجون كل جمعة في مسيرة أسبوعية للاحتجاج على سياسة الاحتلال الرابض على البلدة الصغيرة، البالغ تعدد سكانها نحو 500 نسمة، ينتمون جميعًا لعائلة “التميمي” كما تقول خالة الفتاة.

 

ظلت الفتاة على العهد مع أبناء قريتها، لكن ما حدث قبل ثلاثة أعوام وجه أنظار الاحتلال صوبها. حاول جندي اعتقال شقيقها الأصغر محمد، المصاب بكسر في يده، فانقضت “عهد” بجسارة على فرد المحتل وعضت يده، لتخليص أخيها بمعاونة والدتها.
منذ ذلك الوقت لم تسلم الصبية من التهديدات والمضايقات “على الفيسبوك إسرائيليين يبعتوا عليها أحنا راح نعتقلك راح نلاحقك على مدرستك” توضح الخالة نوال، مضيفة إن أبناء النبي صالح كثيرًا ما يتعرضون لذلك، خاصة تلك الأسابيع اللاحقة لقرار ترامب “يوميا عم بتصير مشاكل.. كل يوم في اقتحام للقرية، والتركيز واضح جدًا على الأطفال امبارح اعتقلوا الطفل أحمد شاكر التميمي عمره 16 سنة وقبل أسبوع صابوا بالرصاص محمد التميمي 14 سنة”.

 

طالما كان مصاب أسرة “عهد” في أحد أفرادها، لكن هذه المرة زادت قوات الاحتلال عليهم باعتقال الأم، فصباح اليوم بينما توجهت ناريمان التميمي إلى مركز الشرطة لحضور جلسة التحقيق مع ابنتها، تم منعها “خبروها بعد التحقيق راح تشوفي بنتك” فانتظرت السيدة، لتدخل لكن بلا خروج، وأعلنت الشرطة الإسرائيلية اعتقالها هي الأخرى.

لا تعلم أسرة التميمي مصير “عهد” ووالدتها، تتمنى الخالة نوال أن يمر الأمر كسابقة، ساعات “تكدير” وتمر سريعًا، ليعاودوا “التنكيد” على قوات الاحتلال والوقوف.