أشعل قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالاعتراف بالقدس عاصمة رسمية لإسرائيل، وتأكيد نيته على نقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى المدينة المحتلة فتيل الغضب في نفوس الفلسطينيين، والعرب والمسلمين في جميع أنحاء العالم.
 
وانطلقت احتجاجات في المدن والبلدات الفلسطينية عقب صلاة الجمعة، وسرعان ما تطورت إلى اشتباكات مع قوات الاحتلال، وبحسب وزارة الصحة الفلسطينية فإن المواجهات تسببت في سقوط شهيدين، وإصابة أكثر من 1100 شخص.
 
وقالت حركة المقاومة الفلسطينية (حماس) في بيان صدر مساء أمس الجمعة، أن الانتفاضة الفلسطينية قد انطلقت من جديد، ولن يوقفها سوى استرداد الشعب الفلسطيني لكامل حقوقه غير منقوصة.
 
كما دعت الحركة الشعب الفلسطيني بكل فصائله إلى الاستمرار في هذه الانتفاضة حتى تحقيق مطالبه العادلة، ما يثير تساؤلات بشأن بدء انتفاضة فلسطينية ثالثة، وسط الغضب الشعبي المسيطر على المواطنين في فلسطين، وغيرها من الدول العربية.
 
“وعود وكلام”
غير أن الباحث الفلسطيني عبد القادر ياسين، لا يتوقع حدوث انتفاضة جديدة، لاسيّما وأن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وعد مرارا وتكرارا بألا تقوم انتفاضة وهو على رأس السلطة.
 
ورغم غضب الفلسطينيين، يقول ياسين لمصراوي "إن عباس سيتمكن من التصدي للغضب الشعبي، وهناك أجهزة الأمن التي دربها الأمريكيين، المستعد لردع لأي مظاهرات أو احتجاجات".
 
وعن دعوة حركة حماس وغيرها من الفصائل للقيام بانتفاضة، قال ياسين إن الفصائل إذا أرادت انتفاضة لاطلقتها، إلا أن الأمر سيظل "كله في دائرة الكلام"، على حد تعبيره.
 
أضاف ياسين أن ما يمكن أن تفعله الفصائل الفلسطينية الآن تصعيد وتطوير المظاهرات إلى درجة أعلى من الكفاح، على أن تصبح أفعالا مجدية، مؤكدا أن ذلك يجب أن يستند على موقف عربي قوي وموحد، وهو ما يزال متفقدا، وسيظل مفتقدا لزمن طويل.
 
وقال "رد فعل النظام السياسي العربي كان باهتًا للغاية، ولا يدعو للتفاؤل، بينما أي انتفاضة فلسطينية يجب أن تستند على عمقها الاستراتيجي والعربي"، مُشيرا إلى أن الوضع العربي المتردي كان أحد الأسباب التي دفعت الرئيس الأمريكي إلى مبادرته السيئة.
 
وقال إن دول العربية الآن إما أنها تحارب بعضها، أو منشغلة بقضايا داخلية مثل اليمن وليبيا وسوريا والعراق.
 
ونددت الدول العربية بقرار الرئيس الأمريكي، واستدعت كل من تونس والعراق السفير الأمريكي في بلادهما للإعراب عن رفضهما للموقف الأمريكي من القدس.
 
واستنكرت مصر والسعودية والأردن وغيرها من الدول العربية القرار، وأكدوا أنه سيتسبب في وأد عملية السلام، وتقويض الجهود المبذولة لوصول إلى اتفاق سلام في المنطقة.
 
"حالة التلاحم"
ويرى جهاد الحرازين، أستاذ علوم سياسية بجامعة القدس والقيادي بحركة فتح، إن كل الخيارات مفتوحة أمام الشعب الفلسطيني للقيام بما يلزم لردع الاحتلال، ورفض القرار الأمريكي الصادر عن ترامب.
 
وقال الحرازين إن حالة المواجهة مع الاحتلال في كافة المناطق والقرى والبلدات الفلسطينية تؤكد أنه لا يمكن التراجع والعودة قبل أن تتراجع إدارة ترامب عن قرارها الجائر والظالم.
 
وبحسب القيادي الفتحاوي، فإن الشعب الفلسطيني أخذ زمام المبادرة. وقال "هناك حالة من التلاحم بين القيادة والشعب، وكافة الفصائل لمواجهة المخطط الكبير، ولكن يبقى التعويل على الدور العربي والإسلامي قائما بشكل كبير خاصة وأن قضية القدس هي ليست للفلسطينيين وحدهم، بل تخص العالمين العربي والإسلامي".
 
ويجد الحرازين أن ردود الفعل العربية مُطمئنة، "لكننا نريد أن نخرج من الأقوال إلى الأفعال".
 
وشدد على ضرورة بعث العالم العربي رسالة إلى الإدارة الأمريكية، مفادها أن "الأمة العربية والإسلامية بأسرها تقف ضد قرار ترامب، وبأن الإدارة الأمريكية هي الخاسر الوحيد من في هذا الملف، بما يهدد مصالحها السياسية والدبلوماسية، والاقتصادية والتجارية في كافة أنحاء العالم".
 
وتعقد جامعة الدول العربية يوم السبت اجتماعا على مستوى وزراء الخارجية العرب، بناء على الطلب الذي تقدمت به مندوبة فلسطين، تعزيزا لطلب الأردن وتأييد عدد من الدول العربية، لبحث قرار ترامب الاعتراف بمدينة القدس عاصمة لإسرائيل، وتبعاته الخطيرة على الأوضاع في الأرض الفلسطينية المحتلة وتهديد الاستقرار في المنطقة والعالم العربي.
 
ويقول الحزارين إن الجميع ينتظر ما سيصدر اليوم عن اجتماع وزراء الخارجية العرب، ومنظمة التعاون الإسلامي على أمل أن يتم تنفيذ قرارات القمم السابقة، والتي دعت إلى قطع العلاقات السياسية الدبلوماسية مع أي دولة تنقل بعثتها للقدس أو تعترف بالمدينة المحتلة عاصمة لدولة الاحتلال.