كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية أن الأمير السعودي الذي اشترى لوحة “مخلّص العالم” للفنان الإيطالي ليوناردو دافنشي، لم يكن هو المشتري الحقيقي، وقالت إنه كان واجهة للشاري الحقيقي، وهو ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
ونقلت الصحيفة عن مصادر في الاستخبارات الأميركية، ومصدر سعودي مطلع، تأكيدهم أن بن سلمان هو المشتري الحقيقي، وأنه أوعز للأمير بدر بإتمام عملية شراء اللوحة، التي بيعت في مزاد أقامته دار كريستيز بنيويورك، يوم 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، بحسب ما ذكره موقع “الجزيرة نت”.
وكانت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية قالت إن لديها وثائق تؤكد أن مشتري اللوحة التي وصل سعرها إلى 450.3 مليون دولار، هو الأمير بدر بن محمد بن فرحان، مشيرةً إلى أن شرائه الوحة يعد الصفقة الأعلى بتاريخ الفن.
وأضافت الصحيفة أن الأمير بدر تباهى باقتناء هذه اللوحة، التي تعدّ منافية لتعاليم الإسلام، مشيرة إلى أن شراء مثل هذه اللوحة من قِبل أمير مقرب من بن سلمان يشير إلى “انتقائية الحملة على الفساد” في المملكة.
هويته غير معروفة
والأمير بدر ليس من بين الأمراء المشهورين في المملكة ولا يُعرف عنه الكثير، إلا أنه ينحدر من فرع بعيد من العائلة السعودية الحاكمة، وليس له تاريخ في جمع اللوحات الفنية، ولا حتى مصدر ثراء عظيم معروف لدى الناس.
هذا الكشف عن أن الأمير بدر هو المشتري، بحسب ما تُصرح به وثائق اطلعت “نيويورك تايمز” عليها، يربط بين واحدة من أكثر الألغاز المثيرة في عالم الفن ودسائس القصر بالمملكة العربية السعودية التي تهز المنطقة بأسرها.
ولم تكن هوية الأمير بدر معروفة أيضاً للمسؤولين عن المزاد الذي بيعت فيه اللوحة، وبحسب موقع “آرت نت نيوز” الأميركي فإن هوية الأمير بدر كانت مجهولة، خصوصاً أنه لم يسجل كمُزايد محتمل للوحة حتى اليوم الذي سبق عملية البيع؛ مما دفع المسؤولين في المزاد إلى إجراء أبحاث للتأكد من قدرة هذا المزايد على شراء تلك اللوحة الباهظة.
وأضاف الموقع أنه بعد أن دفع الأمير بدر عربوناً بقيمة 100 مليون دولار، ظل محامو المزاد يحاولون البحث عن مصادر تمويله وطبيعة العلاقة التي تربطه بالملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، وأن الأمير بدر غيّر موقفه وقرر الدفع على أقساط بعد أن أخبر “كريستيز” بأنه يريد دفع الثمن دفعة واحدة.حملة الفساد
وألحَّ محامو مؤسسة كريستيز الذين تناط بهم مهمة التحقق من صدقية المزايدين على الأمير بدر، وطلبوا منه الإجابة عن سؤالين مباشرين: أولاً: من أين أتى بالمال؟ وثانياً: وما علاقته بالعاهل السعودي الملك سلمان؟
أجابهم الأمير بدر بأن العقارات هي مصدر ثروته، دون أن يقدم مزيداً من التفاصيل، وأخبر مؤسسة المزاد بأنه لا يزيد على كونه واحداً من 5 آلاف أمير، بحسب ما ورد في الوثائق، وبحسب ما ذكره بعض المعنيّين بالأمر.
واعتبرت صحيفة “نيويورك تايمز” أن اقتناء اللوحة المذكورة هو أوضح دليل حتى الآن على انتقائية الحملة التي تُشَن على الفساد. فأنصار ولي العهد يصورونه على أنه إصلاحي، إلا أن حملة الاعتقالات خارج نطاق القانون غير مسبوقة في التاريخ المعاصر للمملكة العربية السعودية، لدرجة أنها باتت تقلق الحكومات الغربية حول الاستقرار السياسي لأكبر منتِج للنفط في العالم، وتثير الفزع في صفوف المدافعين عن حقوق الإنسان والمستثمرين، على حد سواء، من حيث الخشية على سيادة القانون، وعلى أسواق الطاقة التي تتعرض للتكدير بسبب ما يجري، بحسب الصحيفة الأميركية.
قبل أقل من أسبوعين على ذلك، وتحديداً في الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني، أمر ولي العهد بشن حملة على ما يزيد على 200 من أكبر الأثرياء في أوساط الأمراء ورجال الأعمال ومسؤولي الحكومة. وكانت المملكة تمر بضائقة شديدة بسبب تراجع أسعار النفط خلال السنوات الأخيرة، وكان الأمير محمد بن سلمان يسعى إلى استعادة مئات المليارات من الدولارات، التي يزعم أنها مكاسب غير مشروعة.
وفي عالم الفن، يعد شراء لوحة “سالفاتور موندي” دالاً على المكانة المرموقة للمشتري، وإن كان أمراً مثيراً للجدل، حيث إن بعض الخبراء شككوا في أن تكون اللوحة فعلاً من رسم الفنان ليوناردو دافنشي. وبعضهم لم يثر إعجابَه ما حصل.
ويعد مالك اللوحة السابق هو الملياردير الروسي ديمتري إي. رابولوفليف، الذي اشترى منزلاً في فلوريدا من دونالد جيه ترامب بمبلغ 95 مليون دولار، قبل ما يقرب من عقد من الزمن.
وكان رابولوفليف قد دفع في عام 2013 مبلغاً قدره 127.5 مليون دولار ثمناً للوحة -أقل من ثلث القيمة التي دُفعت فيها خلال عملية البيع التي تمت الشهر الماضي- ولا يزال حتى الآن يخوض معركة قانونية مع تاجر اللوحات الفنية الذي باعه اللوحة بذلك السعر المرتفع جداً، ضمن مجموعة أخرى من المشتريات.