ما زالت اصداء الزلزال السياسي الذي احدثه ارتكاب الرئيس الاميركي دونالد ترامب جريمة الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لاسرائيل ونقل سفارة بلاده اليها تتردد في مختلف عواصم الدنيا بين منددة ومحذرة ورافضة لهذا العدوان على حق الشعب الفلسطيني في عاصمته، وانحيازه الاعمى للاحتلال الاسرائيلي الغاشم.
وعم الاضراب العام، امس جميع مرافق الحياة في الضفة الغربية المحتلة، احتجاجاً على قرار ترامب، حيث أغلقت المدارس والجامعات والمحال التجارية والمؤسسات الخاصة والعامة أبوابها، وبدت الشوارع خالية من المارة.
كما عمت المسيرات الغاضبة جميع مدن الضفة الغربية واحرق المحتجون الاعلام الاميركية وصور الرئيس ترامب فيما اندلعت مواجهات في مناطق التماس في مدن رام الله وقلقيلية وأريحا والخليل وبيت لحم والقدس.
وشهدت مدينة رام الله مواجهات عنيفة عند حاجز مستوطنة «بيت ايل»، ما أدى إلى إصابة عدد من الشبان بالاختناق جراء إطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع.
كما أصيب العديد من المواطنين بجروح والعشرات بحالات اختناق في عدة مناطق.
في قطاع غزة، تواصلت ردود الفعل الغاضبة، حيث شهدت محافظات القطاع مسيرات احتجاجية على القرار، ووقعت مواجهات عند خط التماس شمال القطاع ما ادى الى اصابة ثلاثة فلسطينيين برصاص جيش الاحتلال.
وأمر رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي غادي آيزنكوت بوضع مختلف الوحدات العسكرية في حالة استعداد لمواجهة أي طارئ، وإمكانية تدهور الأوضاع الأمنية واندلاع مواجهات بالأراضي الفلسطينية المحتلة.
وامتثالا لنصائح واشنطن بكبح الحفاوة الإسرائيلية الرسمية بقرار الرئيس الأميركي، أوصى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو وزراء حكومته بالتزام الصمت وعدم الإدلاء بأي تصريحات للإعلام.
ويجمع محللون إسرائيليون على أن الوضع مرشح للانفجار، ويرى بعضهم أن إسرائيل تعيش هواجس أمنية وعسكرية من شأنها خلق أزمة إقليمية قد تفجر غليانا شعبيا في الشرق الأوسط ضد إسرائيل.
انتفاضة جديدة
ويؤكد مدير معهد ميتفيم الإسرائيلي المتخصص في السياسات الخارجية لإسرائيل نمرود جورن، أن قرار ترامب «يزيد المشهد تعقيدا، ليس في الأراضي الفلسطينية المحتلة فقط، بل في الشرق الأوسط برمته».
وأضاف أن القيادة العسكرية الإسرائيلية مشغولة حاليا بتداعيات القرار والسيناريوهات المتوقعة، «التي ترشح اشتعال انتفاضة لا يمكن توقع مدى تأثيرها دبلوماسيا وعسكريا بالإقليم».
وأظهرت صحيفة «إسرائيل اليوم» تخوف الشرطة والجيش الإسرائيليين من التظاهرات والتحركات المزمع انطلاقها اليوم، وذلك وسط الحديث على فرض قيود معينة على دخول المصلين إلى الحرم القدسي الشريف. ونقلت الصحيفة عن مصادر في الشرطة والاستخبارات الإسرائيليين أن الاختبار الحقيقي سيكون اليوم الجمعة أثناء وبعد صلاة الجمعة في الحرم القدسي الشريف. ولم تستبعد هذه المصادر حدوث ردود فعل واسعة على القرار الأميركي.
بدورها، دعت معظم الفصائل الفلسطينية الى انهاء اتفاق «اوسلو» بما في ذلك حل السلطة الفلسطينية، وسحب اعتراف منظمة التحرير باسرائيل.
وفي هذا السياق، دعا رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية، الى إطلاق انتفاضة جديدة، رداً على قرار الرئيس الاميركي.
وقال هنية في كلمة له في مدينة غزة «هذه السياسة الصهيونية المدعومة أميركياً لا يمكن مواجهتها إلا بإطلاق شرارة انتفاضة متجددة»، مضيفاً «نطالب وندعو، بل ونعمل وسنعمل على إطلاق انتفاضة في وجه الاحتلال، حيث لا توجد اليوم أنصاف حلول».
وقال هنية إن ترامب «سيندم ندماً شديداً على هذا القرار». ودعا الى أن يكون «اليوم الجمعة يوم غضب وبداية تحرك جديد لمواجهة مخططات الاحتلال في الضفة الغربية ومدينة القدس. مضيفاً: «فليخرج شعبنا وأمتنا وليخرج كل أحرار العالم غداً».