قوبل طلب اتحاد العقاريين بمنع تأجير عائلات الوافدين في السكن الخاص، بهجوم معاكس، رفض هذا الطلب، حيث أكد عقاريون أن الطلب غير واقعي ويضر بالمواطن الذي راعى في بناء سكنه موضوع التأجير، وهو الرأي الذي أيدهم فيه عدد من أعضاء المجلس البلدي السابق الذي انتقدوا الدعوة، ورأوا أنها لا تستند إلى أي سند قانوني.
العقاريون رأوا أن المواطنين الكويتيين يراعون جانب الإيجار خلال بنائهم قسائم السكن الخاص، لافتين إلى أن «هذا الأمر أصبح سلوكاً معتاداً يحقق إيراداً نوعياً لملاك هذه القسائم». واعتبر هؤلاء في تصريحات أن هناك نسبية كبيرة من هذه القسائم تبنى بهدف التأجير، مشدّدين في الوقت نفسه على أن هناك زيادة ملحوظة في هذا النوع من القسائم.
وفيما أكّدوا أن «الفيصل في تواجد العائلات الوافدة في السكن الخاص من عدمه، هو وجود معروض من المساحات التأجيرية، ومن ثم توافر القدرة المادية لهذه العائلات والأسر بدفع القيمة الإيجارية، وبالتالي فإنه لا يوجد أي مانع من تواجدهم في هذا النوع من السكن».
وفي هذا السياق، أشار رئيس مجلس الإدارة في شركة أبراج المتحدة القابضة، أحمد السميط إلى أن التأجير في السكن الخاص أصبح سلوكاً يراعيه الكويتون أصحاب القسائم عند إنشائها، في محاولة لتحقيق إيراد نوعي.
ولفت السميط إلى أن أغلب مباني السكن الخاص التي يتم تشييدها حالياً تُبنى على نظام التأجير في محاولة للاستفادة من فرصة وجود مساحات شاغرة لدى مالك المنزل، أو أن يكون المبنى نفسه قائما بالكامل بغرض التأجير دون سكن المالك فيه.
وذكر أن قسائم السكن الخاص المبنية بغرض التأجير في ازدياد ملحوظ، وهو ما سيترك أثره على السوق خلال الفترة المقبلة من زيادة المعروض من الوحدات التأجيرية في تلك الأماكن، بما قد يؤدي إلى انخفاض أسعار إيجاراتها.
من ناحية ثانية، رأى السميط أن إخراج عائلات الوافدين من السكن الخاص أمر غير مقبول، خصوصاً وأن العادات والتقاليد والقيم بينهم وبين أهل الكويت واحدة، معتبراً أن نسبة إشغالهم بسيطة قياساً إلى نسبتهم في أماكن السكن الخاص، مقارنة بإجمالي الوحدات السكنية الموجودة فيه، وهو ما يجعل خروجهم أمراً غير مؤثر على «الخاص» اقتصادياً، بل سيحرم أصحاب قسائم السكن الخاص من مردوده.
وبيّن السميط أن المعنيين في الشأن العقاري منذ فترة يدفعون نحو فتح الباب لتملك الأجانب في الكويت، وهو الأمرالذي سيفتح الآفاق للسوق العقاري، بل يرفع معدلات الاستثمار فيه.
من جانبه، أكد الخبير والمقيّم العقاري عبدالعزيز الدغيشم، أن الفيصل في التأجير بالسكن الخاص من عدمه هو وجود معروض من المساحات التأجيرية، ووجود القدرة المالية لدى المؤجر من أجل الوفاء بالتزامه الشهري تجاه مالك القسيمة. وأضاف «إخواننا الوافدون المقتدرون من العوائل، لا يوجد أي مانع من تواجدهم في السكن الخاص طالما توفرت لهم القدرة المالية لذلك».
في السياق نفسه، قال عضو المجلس البلدي السابق أسامة العتيبي «إن كان لدى اتحاد العقاريين آراء وأفكار معينة فيما يخص تأجير الشقق والبيوت والمنازل للوافدين في السكن الخاص أو النموذجي، وتقتصر عملية التأجير على المواطنين فقط، لابد من بحث الموضوع بجوانبه كافة، وأول جانب منها يختص بتطبيق نصوص القانون الساري حالياً 125/ 1992 الذي يمنع إسكان غير العائلات ضمن تلك المناطق، أي أن القانون سالف الذكر لم يتطرق إلى أي تفرقة في الجنسية».
وأضاف العتيبي لـ«الراي» أن «أي أفكار تطرح تحترم، ولكن لابد من خضوعها إلى الإجراءات القانونية، ومن ثم لتشريع يصدره مجلس الأمة كمسار قانوني، فضلاً عن ذلك المقترح الذي تقدم به اتحاد العقاريين بشكله الحالي لا أؤيده»، مبدياً اعتراضه على ذلك التوجه، وبالتالي يجب الامتثال لقانون البناء بالدرجة الأولى، والالتفات للتجاوزات الواقعة في مناطق السكن الخاص والنموذجي من خلال تقطيع المنازل إلى شقق خلافاً لما هو مصرح ومعمول فيه بالقانون.
وأكد «عدم قبوله أن رؤية أي منزل يتحول لعمارة سكنية، ومن هذا المنطلق على بلدية الكويت تشديد الرقابة قبل وبعد عملية البناء، وأن تكون رقابتهم مستمرة وليست متقطعة على شكل حملات كما هو حاصل الآن»، مضيفاً «يجب أن تكون جميع مقتضيات الحياة وفقاً للأطر القانونية، وليست وفقاً لمزاج من يريد ومن لا يريد، فالكويت بلد قانون».
بدوره رفض نائب رئيس المجلس البلدي السابق مشعل الجويسري هذا التوجه، باعتبار أن هناك عائلات وافدة لديهم عادات شبيهة بعادات وتقاليد الكويتيين، والمقترح بعدم تأجيرهم في السكن الخاص والنموذجي هو تحيز لملاك العقار في السكن الاستثماري، مطالباً الاتحاد بالالتفات إلى تفعيل قرار إجلاء تلك المناطق من العزاب، ومن ثم التوجه لطرح فكرة منع العوائل الوافدة من التأجير، مؤكداً أن «السكن الاستثماري لن يستوعب العائلات الوافدة في حال ترحيلها من السكن الخاص».
وبين الجويسري أنه مع مقترح ترحيل العزاب سواء كان في السكن الخاص والنموذجي، إضافة للسكن الاستثماري، وبالتالي لابد من الإسراع في إنجاز المدن العمالية، موضحاً أنه مع كل الأسف أن موضوع العزاب تحديداً ليس أساسياً في مجلس الأمة، وإن تطرقوا للأمر يكون بشكل هامشي.
ومن جانبه، أوضح عضو المجلس البلدي الدكتور حسن كمال لـ«الراي» إنه «عند إقرار مثل هذا الأمر لابد من وجود سند قانوني في بداية الأمر، إضافة لذلك يجب توفير مساكن أخرى للوافدين، لاسيما أن ثلثي السكان في الكويت من غير الكويتيين سواء كانوا عائلات وافدة أو عزابا».
وأكد كمال أن مسؤولية توفير البدائل ترجع إلى الحكومة والتجار في آن واحد، بما يدل على ضرورة الحاجة إلى تشريع، ومبررات، وإيجاد بديل، لافتاً إلى تأييده للتوجه إن طال فئة العزاب فقط وليس العوائل الوافدة.