على مدى عقود كان الوافدون لاعباً مهماً في تنمية دولة الكويت ورافداً أساسياً لاقتصادها ولم يخلو الأمر في السابق من مضايقات ومع ذلك لم ترق لإمكانية وصفها بالظاهرة إلا أن الحملة الأخيرة ارتفعت حدتها خلال الشهور الأخيرة لتطرح كثيراً من التساؤلات عن أسباب التصعيد غير المسبوق بحق الوافدين.
وتطالعنا الصحف المحلية بشكل يومي، بأخبار ومقالات رأي ورسومات كاريكاتورية، توجه انتقادات لاذعة للوافدين، محملة إياهم جريرة تعثر مشاريع التنمية، وتضع على كاهلهم جميع مشاكل الداخل الكويتي وأزماته، من بطالة وانخفاض في مستوى المعيشة وارتفاع في نسبة الجرائم وخلل في التركيبة السكانية.
ولم تقتصر الهجمة غير المسبوقة، على وسائل الإعلام، إذ تحولت جلسات مجلس الأمة الكويتي (البرلمان) إلى ساحة لكيل الاتهامات للوافدين، ومحطة أولية لتوجيه الرأي العام ضدهم.
ويؤكد وافدون على أن أساس الحملة الموجهة ضدهم نابع من أعضاء في مجلس الأمة، فهم من أوائل من اتخذ خيار التصعيد.
ورغم محاولات بعض المثقفين والكتاب الكويتيين، بين الحين والآخر، التخفيف من اللهجة التصعيدية ضد الوافدين، مطالبين "بوقف العنصرية ضدهم"، ومحاولين إظهارهم بمظهر الشركاء في بناء الاقتصاد الكويتي، إلا أن تلك الأصوات تبقى خافتة أمام الهجمة الشرسة المدعومة بقرارات رسمية.
وأكدت مصادر على أن "أعضاء في مجلس الأمة يقودون حملة تستهدف الوافدين، ويزرعون في ذهن المواطن الكويتي بأن الخلل في إضاعة الموارد وضعف الرواتب يعود لوجود الوافدين، الذين يضيعون على المواطن الفرص ويستأثرون بخيرات البلاد".
وقال موظف وافد إن "الوافدين يتعرضون لتمييز في المعاملة"، مؤكداً على "أن راتبه لا يتجاوز 500 دينار (حوالي 1655 دولار) غير قابلة للزيادة، رغم بقائه في وظيفته لأكثر من سبع سنين، في حين وصل راتب زميله المواطن المُعيَن حديثًاً إلى 1500 دينار (حوالي 5 آلاف دولار) بالإضافة إلى حصوله على 450 دينار (حوالي 1500 دولار) على شكل مكافآت، علماً أن متوسط المعيشة في الكويت يصل إلى 1500 دينار، ما يضطر الوافدين لأن يكونوا دقيقين في موازنة دخلهم مع المصروفات".
تخفيض بدل السكن للمعلمين الوافدين
عمدت وزارة التربية، منذ حوالي عام، إلى تخفيض بدل السكن الخاص بالمعلمين الوافدين بواقع 60 بالمئة، لينخفض من حوالي 500 دولار إلى حوالي 200 دولار، ما شكل صدمة للمعلمين الوافدين بخفض امتيازاتهم المالية في وقت ترتفع تكاليف الحياة بشكل كبير بسبب الإجراءات التقشفية الحكومية التي صاحبت انخفاض أسعار النفط.
ورغم أن غالبية التقارير التي ناقشت أسباب تخفيض بدل السكن للمعلمين الوافدين ذكرت إنها تعود لعجز في الموازنة، أكد معلمون وافدون لأريبيان بزنس على أن قرار التخفيض جاء "كردة فعل على تمكن معلمات وافدات من الحصول على حكم قضائي يحصلن بموجبه على بدل سكن". إذ لم يكن بدل السكن في الكويت يشمل المعلمات وكان مقتصراً على المعلمين الذكور فقط.
وقال معلم وافد -رفض الكشف عن اسمه- إنه "رغم المطالبات المتكررة بإعادة بدل السكن إلى ما كان عليه ورفع معلمين وافدين لدعاوى قضائية تطالب بإعادته، استمر إصرار الوزارة على تمرير القرار مؤكدة على استحالة التراجع عنه".
وأضاف إنه "بعد أن سحب بعض المعلمين الوافدين دعاوى قضائية ضد وزارة التربية، عمدت الوزارة إلى رفع دعوى رد اعتبار مضادة".
ويشتكي معلمون وافدون من تحميلهم عبء تراجع العملية التعليمية في الكويت، مشيرين إلى أنهم لا يتدخلون إطلاقاً في وضع الخطط التربوية والمناهج وخطط الوزارة.
زيادة الرسوم الصحية "غير قانونية"
أبدى وافدون اعتراضهم على زيادة رسوم الخدمات الصحية، مؤكدين لأريبيان بزنس على أن قرار الزيادة "غير قانوني؛ إذ أن جميع الوافدين في الكويت يدفعون بشكل روتيني رسوم التأمين الصحي، خلال إجراءاتهم الحصول على إقامة".
وأثقلت أحدث الضرائب المفروضة على الوافدين كاهلهم، بعد زيادة رسوم الخدمات الصحية بحقهم بنسبة تصل إلى 50 بالمئة، منذ مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ويرى كثير من الوافدين في الزيادة عبئاً جديداً، جاء بعد زيادات أخرى قامت عدة جهات حكومية بتطبيقها، وكان آخرها قيام وزارة الداخلية بزيادة رسوم إقامة الوالدين لتصل إلى 6 آلاف دولار سنوياً.
وكان قرار زيادة الرسوم على علاج الوافدين أحدث جدلاً في الكويت، من ناحية عدم قدرة الوافدين على تحمل نسبة الزيادة، وسط تحذيرات من أن يتحول المجتمع الكويتي إلى مجتمع من العازبين، بعد أن يضطر العمال إلى تسفير عائلاتهم إلى بلدانهم الأصلية لتخفيض النفقات عليهم.
معارك انتخابية
رغم أن الأسباب المُعلنة لحالة الامتعاض من الوافدين تركز على محاولات الحكومة لتعديل التركيبة السكانية لتصبح عكس ما هي عليه حالياً، إذ يشكل الأجانب في الكويت أكثر من ثلثي السكان، البالغ عددهم نحو أربعة ملايين نسمة في منتصف العام 2016، إلا أن وافدين يرجحون وجود أسباب أخرى غير معلنة.
وقال موظف وافد لأريبيان بزنس إن "الحكومة تحاول التنصل من مسؤولياتها حيال الضائقة المالية، باتهام الوافدين بأنهم السبب وراءها".
وتابع إن "أكثر الأصوات المتشنجة حيال الوافدين في مجلس الأمة استثمروا عدائهم للوافدين في حملاتهم الانتخابية، بصناعة عدو وهمي، ما يمنحهم شعبية كبيرة باستقطاب أصوات يوجهها الرأي العام".
وأضاف إن "بعض النواب ذاع صيتهم واكتسبوا شعبيتهم بارتباط أسمائهم بمهاجمة الوافدين بذريعة الدفاع عن حقوق المواطنين".