محمد حسن، العامل المصري الذي تحدى ظروفه وكتب قصة نجاحه بالعرق والتعب حتى أصبح من أكبر رجال الأعمال فى السويد والذى عرفناه من خلال الراحل أحمد زكي الذي قدم شخصيته بكل براعة، وتعاطفنا معه وأحببناه وأحببنا حبه لـ " هيلجا" التى تمنينا أن نكون بدلا منه لنحظى بحبها، خاصة لو كانت نجمة فى جمال وفاء سالم.

لم يكن محمد حسن المهندس الذي هاجر لألمانيا عام 1960 ليعمل خراطا وعانى من العنصرية وتغلب على المتاعب ومارس الملاكمة وأصبح من كبار الرياضيين ورجال الأعمال وأصبح مالكًا لإحدى الشركات في السويد. وأتقن 5 لغات. وفاقت شهرته الآفاق أن تكون نهايته الإصابة بالزهايمر بعد عودته إلي القاهرة قادما من السويد بعد وفاه زوجته "سيلفا"، التي كانت،، كل شيء بالنسبة له وأقام لفترة في دار مسنين فأصيب بعد وفاتها بالزهايمر، ثم كان يزور اخته فايزة في السيدة زينب. وكانت نهايته الموت تحت عجلات مترو القاهرة وكان من الممكن ألا يتعرف أحد على حثته وتقيد بأنها لـ " لمجهول"

"مهمد أنا أهبك يا مهمد" تلك الجملة التى كانت تنطق بها جارته «هيلجا»، التي جسدت شخصيتها في الفيلم الفنانة وفاء سالم، وتولت تعليمه اللغة الألمانية وساعدته على أن يصبح «أشهر خراط في ألمانيا في ظرف سنتين والتى وقفت بجانب النمر الأسود ليشق طريقه فى الخارج ليصبح ملاكما ومالكا لكبرى الشركات، لم تنته قصة حبهما بالزواج ، كما بدا في فيلم النمر الأسود بعد أن حملت منه ونصحها محمد بالإجهاض لسوء ظروفه المادية، وتقدم بعدها إلى والدها للزواج ورفضه بسبب فقره. وهدده والدها أكثر من مرة بالقتل إذا لم يغادر ألمانيا.

رغم بداية محمد حسن الصعبة في ألمانيا نتيجة اضهاده لسواد بشرته وانتشار العنصرية اتجه للملاكمة وأثبت فيها جدارته ومثّل ألمانيا ضد كندا وفرنسا وحقق بطولات عدة، وكتبت الصحافة عنه، وحتى تعرف والدته ما يحققه أرسل لها تلك الجرائد التي أخذها وتوجهت بها إلى السفارة الألمانية، ليترجم لها العاملون المكتوب.

وللنمر الأسود قصة لطيفة مع الملاكم محمد علي كلاي الذي وصل إلى ألمانيا عام 1966 ألمانيا بمرافقة فردين يساعدانه في تدريباته، وقتها تعرض أحدهما للإصابة ووقع اختيار المسئولين على «محمد» ليكون البديل، وذلك بأجر 50 دولارا في الجولة الواحدة. وتوقف محمد عن الملاكمة وهو في سن 32 عامًا نزولًا على رغبة زوجته التي قالت له: «يا محمد البوكس خطير جدًا ولابد أن تتوقف عنه، فالملاكمة رياضة جميلة طالما أنت صغير، لكن عندما تتقدم بك السن لابد أن تراعي ذلك».

لم يتزوج محمد حسن هليجا حبيبته بل تزوج سيدة سويدية تكبره في السن نصحته بالذهاب إلى السويد لأن المستقبل هناك أفضل، والسويد في حاجة إلى أفكاره التي بدأت تخرج إلى النور اتجه محمد إلى التجارة فاصبح أحد أشهر رجال الأعمال في السويد وبدأ بين الحين والآخر يأتي إلى مصر، لزيارة أخته والتقى بالفنان أحمد زكي في أواخر أيامه.

لم يكن يتخيل أو نتخيل نحن أن تكون نهاية الأسطورة محمد حسن أو النمر الأسود تحت عجلات مترو الأنفاق في مصر بعد أن خرج من شقة شقيقته فايزة المقيمة في السيدة زينب صباحًأ وكانت هذه آخر مرة ترى شقيقها في ذلك اليوم الذي تأخر فيه عن العودة لمنزلها فأصابها القلق خاصة أنه يعاني من الزهايمر، وكانت دائما ما تنصحه بالانتباه لنفسه حين يقول لها أنا نازل بقي يا أختي عندي شويه شغل أخلصهم، فتقول له أنت في مصر يا أخويا مش في السويد"

انتاب القلق والحيرة قلب الأخت على شقيقها محمد الذي لم يكن معتادًا التأخر عليها، أصاب قلبها غصة حين سمعت من الباعه في السوق أن شخصا قتل في حادث بالمترو. حاولت مثلما يفعل الكثيرون تحرير محضر لدى الشرطة لكن مسئولي الأمن رفضوا لعدم مرور 24 ساعة علي غيابه، فانتظرت حتي انتشر خبر قتيل المترو، ". الذي مات على قضبان محطة محمد نجيب لتكتب نهاية مأساوية لـ "النمر الأسود" الملاكم ورجل الأعمال الشهير في ألمانيا والسويد الذي صدمه القطار فأرداه قتيلا.

لم يكن محمد حسن يحمل أي أوراق تثبت هويته وعثرت عليه الشرطة مبتور الساقين، ولحقت به إصابات مختلفة، حين كان يحاول العبور بين رصيفي المحطة من فوق القضبان" وذهبت عائلته وأهل منطقته إلي المشرحة لتتعرف على القتيل وهى تتمنى ألا يكون محمد حسن الذي غالفها وخرج كما يخرج في الصباح وكانت الفاجعة .إنه هو النمر الأسود ..محمد حسن .التى قالوا لها في مشرحة زينهم "احمدي ربنا أنكم لحقتوا تتعرفوا عليه قبل ما يتقيد مجهول.

مات النمر الأسود فى 2014 لتطوى قصة نجاحه صفحات النسيان ولم يعلم بموته إلا القليل بقيت أشهر لزمات فيلمه نطق وفاء سالم لاسمه مهمد، الذى نال شهرة واسعة، حيث كانت تقول له دائما "بهبك مهمد"، كما ساهم فى شهرة هذا الفيلم أغنية "اتقدم" والتى غناها المطرب أحمد إبراهيم، وكلمات عبد الرحمن الأبنودى، وأصبحت من أيقونات الأغانى الوطنية.

 

محمد حسن الحقيقي خلال زيارته للفنان الراحل أحمد زكي