انتقدت العديد من الصحف العربية مواقف الدول العربية والإسلامية تجاه ما يحث في ميانمار (بورما) ضد أقلية مسلمي الروهينجا في ظل تقارير صحفية وحقوقية عن حرق منازلهم وقتل المئات خلال الأيام الماضية.
 
وفيما أدان بعض المعلقين قادة الدول العربية لاكتفائهم ببيانات الشجب والإدانة تجاه الأزمة، صوب آخرون سهام النقد إلى السعودية، مطالبين الرياض بتحمل مسؤولياتها باعتبارها "قائدة للعالم الإسلامي". انتقادات للموقف السعودي في افتتاحية حملت عنوان "إبادة الروهينجا والتجاهل السعودي".
 
تنتقد صحيفة "القدس العربي" اللندنية الصمت السعودي تجاه ما تصفه بـ"حملة الإبادة ضد أقلية الروهينجا المسلمة في ميانمار". وتقول الصحيفة "كما يحصل حين تحدث مجازر للمسلمين فإن الكثيرين يتطلّعون لموقف واضح من المملكة العربية السعودية بسبب وزنها الدينيّ المؤثر. لكن باستثناء تصريح يتيم صدر أمس عن بعثتها الدبلوماسية في الأمم المتحدة فإن الصمت الرسمي السعودي ساد.
 
وتعامل إعلامها بطريقة سلبية غير معهودة مع الكارثة الحاصلة، بينما كان المتوقع أن تقود الرياض البلدان الإسلامية لوقف المجازر ومساعدة ضحاياها المسلمين". وتضيف الجريدة "الأغلب أن المنطق السياسي الكامن وراء هذا الموقف هو توجّه جديد لدى المملكة يعتبر التبرؤ من أي شكل من أشكال التعاطف مع المسلمين هو إثبات لأصحاب السطوة والنفوذ في العالم، وخصوصاً إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ببراءة المملكة من أي شبهة إرهاب".
 
وبالمثل، تطالب مها محمد في "الوطن" القطرية السعودية بالتحرك في هذا الموضوع. وتقول الكاتبة "إنه ملف آخر كان على المملكة تبنيه بصرامة ما دامت قد قدمت نفسها قائدة للعالم الإسلامي، والواجهة الأولى له. الأمر لا يقف عند مأساة الروهينجا، بل يتعدى إلى كل الملفات الإسلامية الغارقة في الدم، والتجاهل، مما يعد مؤشراً واضحاً على خلل الرؤية، وخلل التوجه، والإدارة عند من يقود هذه الأمة.. فمتى سيصحح القوم مسارهم؟".
 
كما يؤكد ربيعة بن صباح الكواري في "الشرق" القطرية أن "انشغال العرب بخلافاتهم السياسية جعلهم لقمة سائغة لأعدائهم"، مضيفاً "لابد أن يكون لمنظمة التعاون الإسلامي ومنظمة مجلس التعاون لدول الخليج العربية وكذلك الدول الإسلامية الكبرى التي تقود المسلمين اليوم مثل تركيا والمملكة العربية السعودية الدور الريادي على وجه السرعة لإنقاذ هؤلاء المساكين من التصفية الجسدية وإبادتهم عن بكرة أبيهم بطريقة بشعة وغير إنسانية".
 
"وصمة عار في جبين البشرية" من جهته، يرى ياسر الزعاترة في "الدستور" الأردنية أن الدول العربية والإسلامية لم تقم بأي رد فعل تجاه الأزمة "سوى بيانات الإدانة الخجولة التي تصاعدت في الأيام الأخيرة"، متسائلاً "لماذا يصمت الوضع الدولي على هذه الجرائم، ولا تفرض أية عقوبات على ميانمار بسببها، مع أن ما دونها يستنفر العالم؟".
 
ويختتم الزعاترة بالقول "مأساة أخرى تُضاف لكثير من المآسي التي يعيشها المسلمون، والذين أصبحوا أكثر أتباع الأديان تعرضاً للاضطهاد، وأكثر البشر بحثاً عن اللجوء هنا وهناك، سواء تم ذلك بأيدي آخرين، أم بأيدي بعض طغاتهم، كما في سوريا التي أصبحت مأساة القرن". 
 
بالمثل، يرى رحيل محمد غرايبة في الجريدة ذاتها أن "ما هو أشد بشاعة في هذا السياق هو تجاهل العالم الإسلامي هذه المأساة الإنسانية التي لم يعرف التاريخ البشري لها مثيلاً ولم تأخذ قسطاً من اهتمام زعماء العالم الإسلامي، ولم تأخذ حظها من اهتمام الشعوب كذلك ولا المؤسسات الخيرية والتطوعية".
 
ويختتم غرايبة بالقول "نحن الآن أمام مأساة إنسانية تعد وصمة عار في جبين البشرية، وكل دول العالم تتحمل المسؤولية إزاء ما يحدث من جرائم تقشعر لها الأبدان، والأمم المتحدة ومجلس الأمن يستطيع أن يضع حداً لهذه المأساة لو أراد ذلك، والشعوب الإسلامية يجب عليها أن تتبنى قضية الشعب الروهينجي وأن تبرز قضيتهم أمام الرأي العام العالمي، وأن تتوجه للضغط على دول العالم من أجل وقف هذه المجازر المروعة، والعمل على تقديم الجهود السياسية والإنسانية من أجل التخفيف من معاناتهم واسترداد آدميتهم المهدورة".
 
أما صحيفة "الرياض" السعودية، فتقول في افتتاحيتها "الدول العظمى لا تتفاعل بما فيه الكفاية مع حملة التطهير العرقي التي تتعرض لها الأقلية المسلمة في بورما تحت مسمى أزمة الروهينجا رغم بشاعتها بحق مدنيين لا حول لهم ولا قوة". وتضيف الصحيفة "العالم بحاجة إلى وضع أسس جديدة للتعامل وفق مبادئ الحق والعدل والمساواة، ولا يمكن أن يسود العالم الاستقرار طالما كانت هناك مكاييل مختلفة تقاس بها الأزمات وتوضع الحلول على أساسها".