نزيل غير محدد الجنسية في السجن المركزي لم يكتفِ بقائمة الجرائم الكبيرة التي يحملها فوق كاهله، والتي أُودع من جرائها خلف القضبان، حيث يؤدي عقوبات مختلفة بالحبس،إنما قام بإبتزاز فتيات عاطفيا عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
 
ليخطط من جوف زنزانته - وبدهاء غير عادي - جرائم «احتيال عاطفي» ينسج خيوطها بإحكام حول فتيات بريئات، دائماً ما كان ينجح في «تكبيلهن» بقيوده الشرسة، برغم أنهن ينعمن بالهواء الطلق في عالم الحرية، بينما هو مقيد وراء القضبان الفولاذية!
وبحسب مصدر أمني من داخل السجن، فقد بدأت قصة من هو في العقد الخامس واعتبر نفسه «دونجواناً»، والتي وصلت مدة حبسه إلى المؤبد عن جرائم متفاوتة الشدة سبق أن ارتكبها، ومن بينها «الخطف» و«هتك العرض» و«الشروع في القتل»، فهداه تفكيره إلى استخدام موهبته الشريرة في الإيقاع بالفتيات، وكسب ثقتهن في أوقات قصيرة، مستغلاً مهاراته المتعددة في التعامل مع «السوشيال ميديا»، من خلال حساباته على تطبيقي «Whatsapp» و«Imo»، ثم بدأ ينصب فخاخه المرة تلو الأخرى حول سيئات الحظ اللاتي يصادفهن في الواقع الافتراضي المفتوح على كل الاحتمالات والرغبات، موهماً إياهن بأنه ضابط في المباحث.
ومن قعر السجن، يتخذ لنفسه زاوية بعيدة، مصطحباً هاتفه المحمول الذي أتقن كيف يخفيه عن أعين الحراس، ليبدأ لعبته الشريرة في مد جرائمه العاطفية عبر القضبان إلى خارج السجن، فينسج كلما واتته الفرصة خيوطه الملونة، ممزوجة بكلماته المعسولة حول ضحية جديدة من الفتيات الباحثات عن قصة حب وفارس يمتطي حصاناً أبيض وبيتٍ مبني من الذهب والفضة، وهي ذاتها الأحلام التي يتقن رسمها «المحتال العاطفي»، ويظل يرددها بصدق مستعار، إلى أن تقع الفتاة في الفخ بعدما تثق به، وتظن فيه كل ما تتمناه في الزوج المقبل!
تعددت الضحايا في سجل «الدونجوان» السجين، وصارت له في كل فترة فريسة نسائية جديدة، ومع مرور الأيام يوقن ناسج الأحلام أن كل واحدة منهن صارت تعشقه وتثق به، إلى حد أنها تقبل أن ترسل إليه صورها الشخصية التي ينبغي عليها أن تصونها عن عيون الغرباء، وكلما زادت الثقة انكشفت الصور أكثر، ليحتفظ هو لكل ضحية بمجموعة صورها «الخاصة جداً» في أرشيفه العاطفي، وكلما شعر بأن الفريسة وثقت به سعى إلى توريطها أكثر.
ولا يمضي وقت طويل حتى يخلع قناعه، لينكشف الفخ حين يباغتها ويساومها بين أمرين أحلاهما شديد المرارة، مطالباً إياها بالخضوع لطلباته من أموال أو صور أكثر حساسية، وربما تلبية رغباته الرخيصة في أن تشاركه في أفعال تخدش الأدب والحياء، وإلا فإن فضح الصور ومعها تسجيلات المكالمات على الشبكة العنكبوتية هي المصير الحتمي للضحية.
 
لكن بعض الضحايا اللاتي تسلحن بالشجاعة وقفن أمام التهديدات رفضن الانكفاء أمام الابتزاز، لكنهن لم يكنَّ يعلمن أن العقاب سيأتيهن قاسياً وسريعاً إلا عندما نفذ المخادع وعيده، ونشر صورهن، ليجدن أنفسهن - بين عشية وضحاها - قد حصلن على شهرة بنكهة الهزيمة والفضيحة!
ووفقاً للمصدر الأمني، فلم يكن أمام الحبيبات المخدوعات، بعدما وجدن أنفسهن في مواجهة وحش شرير، إلا الاستنجاد بالجهات الأمنية، وبتعدد البلاغات التي تحدثت عن «طريقة واحدة» ملساء استدرجتهن جميعاً إلى حافة الخطر.
 
أحيلت القضية إلى رجال المباحث الإلكترونية الذين بذلوا الجهود اللازمة لتعقب العاشق المزيف لتنكشف ملامح المفاجأة، إذ تبين أنه ما هو إلا نزيل يقضي في غياهب السجن المركزي فترات عقوبة طويلة الأمد، تكفيراً عن جرائم متعددة من العيار الثقيل، ارتكبها قبل سنواتٍ طوال، وبدل أن يتخذ من العقوبة المشددة نوعاً من العبرة والموعظة، لم يمنعه السجن من أن يمد ذراعه الشريرة عبر القضبان، ليوقع في قيوده بريئاتٍ يعشن في عالم الحرية، فتمت إحالته إلى نيابة الجنايات حيث يخضع حالياً للتحقيق!
كشف المصدر الأمني أنه من المقرر أن يتطرق التحقيق مع المحتال العاطفي، إلى المصدر الذي يُفترض أن يكون قد حصل منه على الهاتف الذي استخدمه في استدراج ضحاياه، وسيستفسر منه المحققون عما إذا كان سُرِّب إليه من خارج القضبان، أو اشتراه في السجن من أحد النزلاء الذين يتخذون من وجودهم خلف القضبان فرصة للاتجار في الممنوعات وخصوصاً الهواتف وشرائحها، محققين من وراء ذلك أرباحاً طائلة.