اختر أي فكرة عبقرية ونحن هنا لا نتحدث عن فيس بوك أو جوجل كمثال بل نتحدث عن اكتشاف النسبية لاينشتاين أو بداية الطريق للاتصالات  على يد الكساندر جرهامبيل ستجد أن فكرة كل منهم منيت بالكثير من التجاهل والكثير من الصعاب التي كان عليهم تخطيها.
لا يمكننا القول إلا أن الابداع ليس وليد اللحظة بل هو نتيجة مجموعة متتابعة من الأحداث والاجتهادات. فلحظة واحدة من استيعاب الأمور والتي تولد لك الفكرة المبدعة هي لحظة أقل بكثير أن نطلق عليها لحظة ابداعية لأنها تحتاج إلى الكثير من العمل بعدها والكثير من لحظات الشكل وعدم التأكد.
إن توصلت بالفعل لفكرة مبدعة فلا يكون الخوف من أن يقوم شخص ما بسرقتها ونشرها بل الخوف الأكبر من أن يأخذها شخص ما على محم الجد ويقوم بتطبيقها وتطويرها فيما أن تتلكأ في الفعل. لأن الابداع ليس مجرد الفكرة –بالطبع الفكرة جزء من الابداع ولكنها ليست كل الابداع- فالابداع  الحقيقي يتحقق بالعمل.
 
 
الطريق الطويل لتشستر كارلسون
تشستر كارلسون هو مخترع وفيزيائي أمريكي علم نفسه بنفسه ولسنوات عدة كان غارقًا في الاختراعات في القوت الذي كان يعمل فيه وظيفة بدوام كامل ويذهب إلى مدرسة الحقوق في الليل. كان تشستر يقوم باكثير من التجارب الكيميائية في مطبخ المنزل وعادة ما كانت تنتهي بإنفجارات حتى ضاقت به زوجته فنقل عمله في مكان خاص في الطابق السفلي للمنزل.
بعد العمل المتواصل لعشر أعوم تكلل عمله بالنجاح عام 1916 بعد أن استطاع أن يتعاون من مؤسسة هالويد. لكن المشكلات لم تتوقف عن هذا التعاون لأن المنتج  المتوقع لهذا التعاون يحتاج  إلى 10  أضعاف المبلغ المخصص له لذلك حاولوا أن يأخذوا دعم كبار الشركات في هذا الوقت مثل IBM,GE,Kodak لكن للأسف لم يقتنع أي منهم بمساعدتهم مما اضطرهم إلى تعديل الميزانية وتقليل التوقعات من المنتج.
ومع ذلك كان جو ويلسون لا يزال يرى أن هذا المنتج لا يزال يحمل الكثير من النجاح في المستقبل لذلك وبدلًا من شراء الماكينات التي يحتاجون إليها قاوموا بمشاركتها مع صاحب المكان والتي كانت أداة أساسية في تصنيع منتجهم فقللت هذه الفكرة الكثير من تكاليف المشروع مما أخرج لنا شركة Xerox القائمة على انتاج ماكينات الطباعة والتصوير والتي نعرفها جميعًا حتى الآن.
 
 
 
الهجوم الناري
عندما انتهى جاري ستاركويزر من دراسة الماجستير في الضوئيات من جامعة روتشيستر  ذهب للعمل كباحث في شركة تشستر كارلسون وكان وظيفته تطوير عمليات الانتاج من ماكينة long distance xerography والتي تشبه إلى حد كبير الفاكس.
 
كانت ماكينات Xerox تستخدم أنابيب الكاثود كأساس لعملها لكن ستاركويزر كان يحمل فكرة أفضل بحيث يستخدم الليزر في الكتابة لكن الليزر في هذا الوقت لم يكن موثوقًا به بشكل كامل لذلك لم يستطع مديره الموافقة على فكرته وقام بايقافه عن العمل.
ليصبح لديه  الوقت  الكافي لتطوير تقنية استخدام الليزر والعمل عليها وبعد اكتمال الفكرة لديه قام بعرضها ثانية على المدير ليقوم بطرده مرة أخرى ليذهب للتحدث  إلى نائب مدير الشركة ويخبره بالفكرة التي يريد  تنفيذها وفي تعنيف شديد يخبره إلى كان يريدها أم يذهب لتنفيذه في شركة أخرى؟؟
فيقبلها النائب بكل سرور ويقوم بتعيين ستاركويزر مديرًا لمركز أبحاث Xerox في كاليفورنيا ليصبح مخترع الطابعة التي تعمل بالليزر.
 
 
الفكرة التي تمت تجبرتها وفشلت
كان جيم أليسون يعمل كعالم في أبحاث المناعة وفي منتصف عام 1990 وفي لحظة استرخاء قفزت إلى عقله فكرة مفادها سؤال “لماذا لا نقوم بتقوية الجهاز المناعي لمواجهة السرطان؟؟”
استحوذت  الفكرة على عقله ليقوم بالعديد من التجارب على الفئران ليحصل على نتائج مدهشة ليهب للسفر حول العالم ويوقم  بعرض فكرته ونتائجة في كل مؤتمرات الأدوية والشركات التي قامت برفض الفكرة تمامًا.
كان الموقف برمته محبط جدًا فهو يعرف جيدًا أن هذا الاختراع سيغير الكثير في حياة المرضى لكنه  يحتاج فقط الى التنفيذ والاستثمار لكن المشكلة بالنسبة للشركات ليست أنها تحتاج إلى المال بل لأن هناك الكثير قد  جربوا تنفيذها وباءت بالفشل  في النهاية عدة مرات.
يقول ألسون أن الفكرة استغرقته ثلاثة سنوات حتى يستطيع أن يوصل الفكرة ليستطيع أليسون الحصول على جائزة نوبل عام 2009 و قامت شركة medarex بالاستحواذ عى براءة الاختراع بمبلغ 2.4 مليار دولار.
كل شئ كبير يبدأ بفكرة ليس لها قيمة في  نظر الجميع
دائما ما نرى أن الإبداع هو مجرد فكرة كبيرة جديدة ستعجب الناس لكن هذا ليس كل القصة.الابداع عبارة عن مجموعة متكاملة من المجموعات  المترابطة بحيث تتلاقى الفكرة الصحيحة مع المشكلة الصحيحة مع مجموعة من الأفكار الصحيحة المكملة لها.
لا يمكن لفكرتك أن تظهر للنور بمجرد أنها فكرة مميزة بل انها تحتاج إلى الكثير من العمل والمكملات والمثابرة والقدرة على حل المشكلات فهذا هو الابداع  الحقيقي فالكنز في الرحلة ليس في البداية  أو النهاية