الفقيه الدستورى قال إن هناك من يتلاعب بالرأى العام ولا يفرق بين «الإدارة» و«السيادة»
«الجريدة الرسمية» نشرت قرار الحكومة بأحقية المملكة فى «تيران وصنافير» سنة 1990.. والوثيقة مثبتة لدى أمين الأمم المتحدة
يقترب مجلس النواب فى هذه الأيام من مناقشة اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والمملكة العربية السعودية وسط حالة من الجدل كان سببها الأساسى ضعف المعلومات بشأن القضية لدى الرأى العام نتيجة التشويش الحادث من قبل أطراف معارضة.
وفى محاولة لفهم طبيعة الأزمة وتفاصيلها، وحسم الخلافات المثارة حولها خلال الفترة الأخيرة، تجرى «الدستور» مجموعة من الحوارات، مع الخبراء العسكريين والاستراتيجيين، والفقهاء الدستوريين، وأساتذة القانون الدولى.
حذر الدكتور صلاح فوزى، الفقيه الدستورى، عضو لجنة الإصلاح التشريعى، فى حواره مع «الدستور»، من رفض مجلس النواب إقرار الاتفاقية، باعتبار أن الأمر سيعرض الدولة إلى مأزق كبير، ويدخلها فى خلاف غير مسبوق بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.
حذر الدكتور صلاح فوزى، الفقيه الدستورى، من رفض مجلس النواب إقرار اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، مشيرًا إلى أن هذا الأمر سيعرض الدولة إلى مأزق كبير، ويدخل البلاد فى خلاف غير مسبوق بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.
وأضاف «فوزى»، أن هناك وثائق تثبت تبعية الجزيرتين للمملكة منها الوثائق الموجودة لدى الأمم المتحدة، مشددًا على ضرورة التمييز بين حقوق الإدارة وحقوق السيادة، وعدم تجاهل ثوابت وقواعد القانون الدولى.
■ هل يحق للبرلمان مناقشة الاتفاقية فى ظل الأحكام القضائية المتضاربة حول الأمر؟
- نعم، مجلس النواب له حق أصيل فى الإطلاع على الاتفاقيات الدولية التى تعقدها الدولة المصرية مع أى دولة أخرى، طبقًا للمادة 151 من الدستور، وبعد حكم محكمة القضاء الإدارى قامت الحكومة برئاسة المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، بإرسال المستندات التى تثبت أحقية المملكة العربية السعودية فى جزيرتى تيران وصنافير إلى البرلمان.
■ ما الإجراءات القانونية التى يتبعها البرلمان فى هذه الحالة؟
- الإجراءات هى ما قام به الدكتور على عبدالعال، رئيس مجلس النواب، الذى أرسل مستندات الحكومة إلى اللجنة التشريعية والدستورية المختصة برئاسة النائب بهاء أبوشقة، لإعداد تقريرها المفصل بشأن الجزيرتين، لتمكين البرلمان من ممارسة سلطاته التشريعية والرقابية، وقيامه بالموافقة أو الرفض على الاتفاقية.
■ كيف سيتم اتخاذ القرار النهائى فى البرلمان؟
- بعرض التقرير والاتفاقية على الجلسة العامة للتصويت عليها، وستكون الموافقة أو الرفض بأغلبية الحضور، مع العلم أنه لا يجوز تنظيم استفتاء على ترسيم الحدود، أو تسليم الجزيرتين.
■ هل يمكن للبرلمان رفض الاتفاقية أو تأجيل تنفيذها؟
- مجلس النواب له الحق فى اتخاذ القرار بعد التصويت، وإذا رفض الاتفاقية سيقدم أسباب الرفض بالمستندات، والوثائق، والخرائط، إلى الرئيس عبدالفتاح السيسى، رئيس الجمهورية، أما اللجنة الدستورية والتشريعية فلا تملك حق رفض العمل بالاتفاقية، ولابد أن تعمل فيها بمنتهى الجدية والوضوح، وللمجلس الحق فى تأجيل مناقشة الاتفاقية لمدة شهرين، لكن ليس له الحق فى إدخال أى تعديلات عليها، بموجب المادة 197 من اللائحة الداخلية لمجلس النواب.
■ ماذا لو رفض البرلمان الاتفاقية؟
- إذا رفض البرلمان الاتفاقية ستتعرض الدولة المصرية إلى مأزق كبير، بسبب الخلاف بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية، ويجب على البرلمان أن يتحسب لذلك.
■ هل سنلجأ ساعتها للتحكيم الدولي؟
- من المستحيل تحويل القضية إلى التحكيم الدولى، لأنه يشترط فى الإحالة أن يكون هناك نزاع، والقضية لا يوجد بها منازعة من الأساس، لأن رئيس الجمهورية والحكومة موافقان على الاتفاقية، ويستندان إلى وثائق قوية، وأسباب حقيقية، تحتاج إلى تفنيدها بالحجة والوثائق.
■ لماذا لم تسلم مصر الجزيرتين بعد انتهاء حرب 1948؟
- فى ذلك الوقت خضعت «تيران وصنافير» إلى سيادة الدولة المصرية، وحدثت حرب 1956، وكانت المنطقة العربية فى ظل أحداث عصيبة، ومصر فى حالة حرب، استمرت إلى قيام حرب 1967، وبعدها حرب 1973، ولم تتمكن المملكة العربية السعودية من المطالبة بحقها فى الجزيرتين فى ذلك الوقت.
■ هل طالبت المملكة بالجزيرتين بعد انتهاء حرب 1973؟
- فى ذلك الوقت كان الرئيس الراحل أنور السادات يقوم بعمل اتفاقية السلام مع إسرائيل، وتعكر صفو المنطقة العربية كلها، وتكاتف العرب ضد مصر بسبب اتفاقية السلام، وعقد مؤتمر بغداد الذى قرر قطع العلاقات الدبلوماسية معنا، وانتقلت الجامعة العربية إلى تونس، وظلت الأمور متوترة حتى عام 1988.
■ ماذا عن فترة الرئيس مبارك؟
- من المعروف أن عصمت عبدالمجيد، نائب رئيس الوزراء المصرى ووزير الخارجية فى عام 1990، قد عرض مذكرة بتاريخ 4 مارس على مجلس الوزراء، تفيد بأن مصر احتلت الجزيرتين «تيران وصنافير» بناء على طلب المملكة العربية السعودية، لحمايتهما من إسرائيل، وصدر قرار بتسليم الجزيرتين للسعودية.
■ هل هناك وثيقة تثبت هذا القرار؟
- القرار تم نشره فى الجريدة الرسمية فى العدد رقم 3 بتاريخ 18 يناير لعام 1990، بشأن خطوط الأساس التى تقاس منها المناطق البحرية، سواء فى البحر المتوسط أو الأحمر، والقرار الذى نشر فى الجريدة الرسمية يوجد منه نسخة لدى الأمين العام للأمم المتحدة، لكن لم يتم تسليم الجزيرتين فى هذا الوقت، بسبب الأحداث التى شهدتها المنطقة العربية بالكامل وحرب الكويت، والظروف وقتها عطلت تسليم الجزيرتين، وألهت الجميع عن إتمام التسليم.
■ ماذا تقول لمن يصر على نفى سعودية الجزيرتين؟
- أن يقدم المستندات والوثائق للبرلمان، وللحكومة، لا أن يتحدث فى المطلق، ويتلاعب بالرأى العام بحثًا عن التأثير على الشعب المصرى بالكلام العاطفى، خصوصًا أن الحكومة قدمت بالفعل إلى القضاء حوالى 63 حافظة مستندات تثبت سعودية الجزيرتين.
■ لماذا يثور هذا اللغط فى رأيك؟
- بعيدًا عن الحديث عن النوايا، البعض لا يفرق بين مفهومى الإدارة والسيادة فى القانون الدولى، فمن الممكن أن تكون الإدارة لدولة، والسيادة لدولة أخرى، وهذا أمر معروف مفهوم لكل دارس للقانون الدولى، وعلى من ينكر ذلك أن يتقدم إلينا بحجته.