fiogf49gjkf0d
كشف قيادي بالجماعة الإسلامية في مصر ومسئول تنظيمها باليمن عن تعرض الرئيس السابق حسني مبارك لأكثر من 12 محاولة اغتيال على يد عناصر الجماعة داخل مصر.
وقال علي الشريف مسئول تنظيم الجماعة باليمن في حوار مع جريدة “الرأي” الكويتية نشرته الأحد، إنهم خططوا لاغتيال مبارك في العاصمة الإثيوبية أديس ابابا من اليمن، وكان المسئول عن تلك العملية شريف عبد الرحمن، لافتا إلى أن ذلك توافق مع هدف النظام السوداني وقتها، الذي كان من مصلحته القضاء على مبارك.
وأوضح أن الجماعة اتخذت قرارا بقتل مبارك لأسباب كثيرة أبرزها ما وصفوه باحتجاز النساء كرهائن وتعذيبهن للضغط على مسئولي الجماعة داخل السجون، فضلا عن ممارسات التصفية الجسدية لعناصر الجماعة في الشوارع والبيوت على حد قوله.
وقال الشريف إن الجماعة أعلنت مبادرة وقف العنف بعد حادث أديس ابابا عن قناعة فكرية بجانب ضعف الجماعة على المستوى العسكري والخوف من تصفيتها.
وأضاف أن منظر جماعة الجهاد الدكتور سيد إمام بدأ مراجعات الجهاد التي أعلنها في وثيقة ترشيد العمل الجهادي من اليمن بعد حادث 11سبتمبر، الذي وصفه وقتها بأنه انتحار جماعي لـ “القاعدة”.
وتوقع الشريف أن تحل القاعدة نفسها بعد مقتل أسامة بن لادن، خصوصا أن شخصية مثل أيمن الظواهري لا تحظى بقبول من اليمنيين أو الخليجيين ولن يرحبوا بإمارته، لافتا إلى أن هناك علماء سعوديين رفضوا الانضمام إلى بن لادن بسبب مشاركة الجهاديين المصريين.
وإلى نص الحوار الذي نشرته الجريدة:
• كيف كان انضمامك وبداية علاقتك بالجماعة الإسلامية؟
- التحقت بالجماعة الإسلامية في أسيوط منذ بدايتها، والتزمت في صفوفها منذ أن كانت جماعة دينية في الجامعة في نهاية سبعينات القرن الماضي، وتدرجت فيها حتى تبلورت كحركة لها رؤية ومنهج بعيداً عن «الإخوان»، باعتبار أن «الإخوان» كانت الجماعة الدينية الوحيدة الموجودة على الساحة وقتها.
• معنى ذلك أنك كنت ضمن تنظيم اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات؟
- اتهمت في قضية الجهاد المعروفة بالقضية 462 أمن دولة عليا العام 1981 واعتقلت ثلاثة أعوام وأفرج عني في 1984، بعدها أكملت دراستي في جامعة الأزهر بأسيوط. كنت أميراً للجماعة في جامعة الأزهر، وبعدما تخرجت في الجامعة العام 1986 ورفض الأمن أن يسلمني قرار تعييني في وظيفة حكومية بسبب ملفي الأمني القديم قررت السفر خارج مصر. وكان ذلك في العام 1990، حيث سافرت إلى السعودية لأداء العمرة بعدما رفعت قضية على وزير الداخلية المصري وقتها اللواء زكي بدر بسبب منعي من السفر إلى اليمن، ومن السعودية سافرت إلى نيجيريا لمدة شهر أو أكثر كإمام من قبل رابطة العالم الإسلامي. وأثناء سفري إلى نيجيريا تم اعتقالي في مطار القاهرة، وتدخل وقتها الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي الدكتور عبدالله نصيف، واتصل بشيخ الأزهر حينذاك الدكتور جاد الحق والمفتي قائلاً: كيف يتم اعتقال مندوب الرابطة في المطار؟
• ما الدور الذي قمت به لمصلحة تنظيم الجماعة من السعودية؟
- بقيت في السعودية عامين، وقبل سفري إلى نيجيريا حاولت تشكيل نواة للجماعة الإسلامية في السعودية من عناصر وأفراد الجماعة الذين استطاعوا أن يسافروا إلى هناك وإلى بعض الدول الأخرى، مثل محمد خليل الحكايمة الذي انضم لـ «القاعدة» قبل أعوام وقُتل في باكستان. وبعد العودة وجدت القيادي البارز أسامة رشدي. حضر من القاهرة وساعد في تنظيم تشكيل الجماعة في السعودية إلى أن حدث خلاف بينه وبين القيادي طلعت فؤاد فترك السعودية وعادت مسؤولية إدارة الجماعة هناك لي مرة أخرى.
• هل كانت هناك حرية لأعضاء الجماعة في الحركة والتنظيم داخل السعودية خلال فترة وجودك بها؟
- كانت هناك أحداث كثيرة، حيث طلب القبض عليّ من الأمن السعودي، لأن الشيخ عمر عبدالرحمن، الزعيم الروحي للجماعة والمعتقل حالياً في أميركا، كان في السعودية، ويقيم معي في شقتي، والأمن السعودي كان يراقب تحركات الشيخ عمر لأنه أفتى وقتها بتكفير حكام السعودية لاستجلابهم القوات الأميركية في غزو العراق فأخذوا موقفاً منه. ودخل الأمن السعودي علينا في الشقة وكنا ثلاثة أنا ومفتي الجماعة عبدالآخر حماد وطلعت فؤاد، وأوهمت الأمن السعودي أن هناك مجموعة كبيرة من أعضاء الجماعة في الحرم المكي، وقلت لهم: هل تريدون أن تأخذوا ثلاثة أم تنتظروا لبعد العشاء سيحضر عشرون فردا؟ فقالوا ننتظر، وكانت تلك خدعة استطعنا من خلالها أن نأخذ أوراقنا وهربنا نحن الثلاثة. ومن اللافت أن الأمن كان يقول إنهم يريدون القبض على اثنين، الأول علي الشريف، والثاني الأسمر، والمتهمان هما الشخص نفسه، لأن الأسمر كانت صفتي. وفي هذه الفترة قررت أن أترك السعودية وذهبت إلى اليمن في العام 1992.
• ما شكل وجود الجماعة الإسلامية في السعودية في هذا الوقت؟
- في هذه الفترة بدأت فكرة إنشاء معسكر للجماعة الإسلامية في أفغانستان، حيث كانت هناك عناصر من الجماعة في السعودية بعضهم كان في رحلة عمرة من جامعة أسيوط وكان الرابط بينهم الشيخ عبدالله عزام فقرروا الذهاب إلى الجهاد الأفغاني. ووقتها أيضاً كان هناك بعض عناصر الجماعة الذين حضروا للسعودية مثل سامح غمري وشخص يدعى عدلي من أسيوط، واقترحوا فكرة إنشاء معسكر للجماعة في أفغانستان، واعترضت على تلك الخطوة وقلت للإخوة وقتها مثل محمد شوقي الإسلامبولي وأسامة رشدي ان هذا خطأ بيّن.
• على ماذا بنيت اعتراضك؟
- كنت أرى أن ذلك سيسبب عبئاً أمنيا ثقيلاً لا تتحمله الجماعة وستنتج عنه ملاحقات من الأمن في كل مكان، كما أن ليس هناك مبرر للمعسكر لأنه لم يكن في أذهاننا المواجهة داخل مصر، فقلت لهم إنه من الأفضل لعناصر الجماعة أن يذوبوا ويشاركوا في معسكرات المجاهدين سواء «حكمت يار» أو غيره… وألا يكون لهم شكل مميز عن غيرهم لأن الأمن المصري سيكتشف المعسكر وسيكون مردوده سلبيا على الجماعة ووضعها داخل مصر.
• ماذا كان موقف عناصر الجماعة وقتها رداً على هذا؟
- قالوا إنهم يريدون التدريب على أسلحة ثقيلة. فقلت لهم إن أقصى شيء يمكن أن نستخدمه في مصر هو الكلاشنكوف وبالتالي لا يوجد داعٍ للمعسكر. لكنهم في النهاية أصروا على موقفهم، فقلت لهم إن التنظيم العسكري للجماعة الإسلامية في العام 1981 كان بقيادة كرم زهدي ويساعده نبيل المغربي وعبود الزمر، ومع ذلك لم ينجح النجاح المرجو منه، وبالتالي فإن قادة تنظيم أفغانستان يجب ألا يقلوا درجة عنهم.
• من الذي كان المسؤول عن تدريب معسكر الجماعة في أفغانستان؟
- أسندوا التدريب إلى شخص يدعى عدلي، وهو شخص كان مشهودا له بالخبرة العسكرية، ولكنه لم يكن صاحب قدرة حتى يملأ فراغ كرم زهدي أو نبيل المغربي، وقلت لمحمد شوقي الإسلامبولي إذا أردنا أن نؤسس معسكراً فيجب ألا يقل المسؤول عنه عن قوة الشيخ كرم زهدي، فرد عليّ بشكل غير لائق فقررت ألا أذهب إلى أفغانستان، وهذا ما حدث في السعودية العام 1991.
• لماذا فضلت اليمن؟
- على الرغم من أنني ساعدت الكثيرين في السفر إلى هناك وعودة آخرين فإنني لم أذهب إلى أفغانستان للأسباب السابقة، وضربت لهم مثلاً بأننا أشبه باثنين داخل شقة وهناك مخبرون يتربصون بهما للقبض عليهما، وقاما بتشغيل كاسيت بهتافات وشعارات فأبلغ المخبر بأن هناك مجموعة داخل الشقة، فجاءت قوات وكتائب أمن لاقتحام الشقة بما يعني أن ما سيفعلونه في المعسكر سيكون صداه عالياً جداً لدى الأمن، وسيواجه الجماعة بالقوة نفسها رغم أن الحقيقة غير ذلك. وبالفعل لم تحدث حادثة واحدة داخل مصر رغم أنهم تدربوا هناك وصرفت عليهم الملايين من الدولارات، لكنهم لم يوفقوا في أي عمل داخل مصر.
• كم يقدر عدد أعضاء الجماعة الذين شاركوا في المعسكر، ومن أين كانت مصادر التمويل؟
- كانت هناك أعداد بالعشرات تذهب إلى أفغانستان. أما بالنسبة للتمويل فكان الجهاد الأفغاني في هذا الوقت مدعوماً من الجميع بمن فيهم النظام المصري والنظام السعودي وبعض دول الخليج، فضلاً عن الدعم الأميركي مالياً وبالسلاح. وكان لأسامة بن لادن دور كبير في هذا الأمر، كما أن التيسيرات كانت كثيرة، فمثلاً كنا نذهب للمطار في السعودية بجوازات من دون تأشيرات وأحياناً نسافر من غير جوازات سفر، وبالتالي كانت جميع الجهود منصبة لدعم هذا الجهاد بغية إسقاط الاتحاد السوفياتي.
• ما حقيقة ما يقال ان الأميركيين هم من قاموا بتسليح بن لادن ودعموه؟
- هذا الكلام كذب وافتراء فهو لم يكن في حاجة إلى أحد، كان لديه 30 مليار ريال سعودي، كما أن عدداً كبيراً من التجار ورجال الأعمال البارزين في السعودية والخليج كانوا يثقون فيه وفي دينه وكانوا يعطونه تبرعات وأموال الزكاة، وبالتالي فإن علاقته بأميركا أكذوبة.
• لماذا فشل أعضاء الجماعة الإسلامية الذين تدربوا في أفغانستان في القيام بعمليات في القاهرة؟
- لأن كل من كان ينزل إلى القاهرة يتم القبض عليه مثل مجموعة «العائدون من أفغانستان» التي كانت في العام 1993، حيث تم استدراج أحد أعضاء الجماعة وهو هاني الشاذلي، وأضيفت لهم أسماء لم تكن لها علاقة بالقضية مثل عثمان السمان الذي كان موجوداً وقتها في اليمن معي حيث أوصى القائمين على الجناح العسكري في الخارج بأن يقولوا أن السمان هو من كلفهم بالعملية بهدف إخفاء الشخص الحقيقي، وأخذ حكماً بالإعدام لهذا السبب ولم ينفذ الحكم حتى الآن.
• كيف كان وضع الجماعة الإسلامية حركياً في السعودية بعد انتقالك إلى اليمن؟
- بعد أن ذهبت إلى اليمن قمنا بتشكيل نواة لتشكيل خاص بالجماعة الإسلامية هناك يضم عدداً من المدرسين المصريين المعارين للعمل هناك، وقررت ألا أتدخل في شأن أي شخص يريد أن يذهب إلى أفغانستان أو يرجع منها، حيث خصصت الجماعة مسؤولا عن ذلك الأمر في حين توليت أنا مسؤولية الإشراف على التنظيم بشكل عام، وتم تكليف شخص أخر كمسؤول عسكري بجانب مسؤول دعوي وذلك بقرار من مسؤولي الجماعة في مصر وهم من داخل السجون.
• هل كانت هناك صلات بين الجماعة وقادة مجلس شورى الجماعة الذين كانوا داخل السجون في ذلك الوقت؟
- نعم. لم يكن هناك حادث يحدث في الجماعة سواء داخل مصر أو خارجها إلا بموافقة مسؤولي الجماعة داخل السجون وكانوا على علم بكل شيء، كما أن قيادات الجماعة في كل مكان كانت على تواصل مشترك. ولم يكن يحدث شيء خارج نطاق وتعليمات مسؤولي الجماعة، وما يقال إن بعض عناصر الجماعة قاموا بحادث معين من دون الرجوع إلى قادتهم غير صحيح، لأنه لم يكن أحد يتجرأ على فعل شيء من دون الرجوع إلى مسؤولي الجماعة.
• ما أشكال نشاط الجماعة في اليمن، هل كنتم تشاركون في التخطيط في العمليات المسلحة التي تقوم بها الجماعة؟
- كنا مجموعة مدرسين ندير حركة الجماعة والدعوة بطبع أشرطة وبيانات ومنشورات. لقينا استجابة كبيرة من اليمنيين نتيجة ما كانوا يسمعونه عن الجماعة، حيث كانوا يعتبرون قتل السادات شيئا عظيماً، لأن اليمن كانت ضمن فريق الصمود والتصدي في معاهدة كامب ديفيد، وبالتالي كانوا متعاطفين معنا.
• هل نظمتم أو خططتم لأي عملية من اليمن؟
- اليمن لم تكن محلاً للعمليات، كلها كانت تأتي من أفغانستان، لكن لم يمنعنا ذلك من المساندة والمشاركة، حيث كانت هناك لجنة كاملة في اليمن تتولى تجهيز الأوراق الخاصة بالسفر، كما أن كل من يأتي من أفغانستان كان يمر من اليمن.
• إذا كل العمليات التي كانت تخطط لها الجماعة كنتم على علم بها؟
- ليس شرطاً، فحفاظاً على السرية كان هناك كثير من الخطط التي لا نعرف عنها شيئاً، مثل محاولة اغتيال الرئيس السابق حسني مبارك في أديس ابابا.
• ما دور الجماعة في هذه المحاولة؟
- أمد المسؤول العسكري منفذي العملية بجوازات سفر يمنية من دون علمي رغم أنه كان يجب أن أعرف بحكم مسؤوليتي في اليمن، وأيضاً من دون علم محمد شوقي الإسلامبولي، رغم أنه عضو مجلس شورى.
• من المسؤول عن عملية أديس ابابا؟
- المسؤول عن تلك العملية هو شريف عبدالرحمن وقد توفي في الحادث، وكان يشاركه مجموعة من أعضاء الجماعة لا أتذكر أسماءهم، وهناك نحو ثلاثة من منفذي العملية صدرت ضدهم أحكام بالإعدام، ولم ينفذ الحكم في الغالب.
• لكن ما أسباب شروع الجماعة الإسلامية لاغتيال مبارك؟
- بسبب ما كان يفعله من تضييق على الإسلاميين، والتصفية الجسدية التي كان يمارسها نظامه في الشارع، ونطالب حالياً بتشكيل لجنة تقصي حقائق في الأحداث منذ العام 1990 حتى إعلان مبادرة وقف العنف في العام 1997، ويحقق فيها بشفافية أياً كانت نتيجتها، لأن هناك مفقودين وعناصر قتلت في الشوارع وفي الشقق من دون محاكمات أو تحقيقات.
والأخطر أن نظام مبارك استخدم النساء بشكل يتنافى مع أبسط حقوق الإنسان للضغط على أعضاء الجماعة، حيث كان يأخذ النساء رهائن بالشهور، وكان نظامه يقتحم البيوت والشقق ويأخذ النساء بملابس النوم ويعذبهن، وهناك شهود على ذلك من الجماعة، مثل المحامي إبراهيم علام، وهو موجود حاليا في ألمانيا، وكان من المتهمين في قضية اغتيال رئيس البرلمان الراحل رفعت المحجوب. وقضية المرأة في الصعيد شرف لا يمكن التنازل عنه أو المهادنة فيه مع أي كائن من كان، واعتبرنا أن ذلك جرماً عظيماً يستوجب الرد، وكان لدينا استعداد أن نضحي بالغالي والنفيس في سبيل ذلك الهدف.
• معنى ذلك أنك كنت تعلم بمحاولة اغتيال مبارك؟
- لم يكن لديّ علم بحادث أديس ابابا ولكن كان هناك ملف في الجماعة الكل يعمل من أجله وهو قتل حسني مبارك… وكل تنظيمات الجماعة كانت تتفاعل مع ذلك الهدف.
• هل كانت هناك سيناريوات لاغتيال مبارك في مكان أو زمان غير أديس ابابا؟
- حسني مبارك تعرض لأكثر من 12 عملية اغتيال كان آخرها حادث أديس ابابا، وبعدها أعلنت الجماعة مبادرة وقف العنف.
• أين كانت تلك العمليات، ولماذا فشلت؟
- كلها تم التخطيط لها داخل مصر وفشلت مثل حادث سيدي براني. والسبب أن مبارك لم يدع لنا مجالاً للتفاهم معه رغم أننا خرجنا من السجن في العام 1984. خرجنا من أجل الدعوة ولم يكن في تفكيرنا العنف حتى إن قتل السادات كان رد فعل لأنه عندما ألقى القبض على الناس جميعاً كان في تصورنا أنه سيفعل بهم مثلما فعل جمال عبدالناصر مع «الإخوان» من تعذيب فقلنا لن نسمح بذلك أو أن نعيد فترة عبدالناصر مرة أخرى وفقاً للمثل الصعيدي «قبل ما يتعشى بي أتغدى به»… هذا كان تفكيرنا وقتها. ولكن الآن لو تدبرنا أمرنا لما أقدمنا على تلك الخطوة، ولو دارت بنا الأيام مرة أخرى لما وافقنا على قتل السادات خصوصاً بعد الأحداث التي ترتبت على ذلك، حيث جاء حسني مبارك الذي كان خطيئة من خطايا السادات، فالآن نترحم على السادات لما رأيناه من حسني مبارك.
• بخصوص حادث أديس ابابا قلت إنك لم تعلم به رغم أنك كنت تعرف أن مبارك كان هدفاً لكم. كيف ذلك؟
- أنا لم أعرف بالحادث إلا بعد أن كتبت الصحف أن هناك مجموعة من اليمنيين أرادوا اغتيال مبارك، وذهبت إلى بيوت تلك الأسماء بحكم علاقتي بهم فوجدت الأمن اليمني هناك ومحيطاً بمنازلهم، وعدت إلى الجناح العسكري وعرفت أنهم أخذوا جوازات يمنية من هؤلاء الشباب إلى أديس ابابا.
• لماذا تم إخفاء العملية عنك وعن محمد الإسلامبولي؟
- كنوع من السرية وحتى لا يتم تسريبها لأننا أخذنا الدرس من اغتيال السادات حيث إن المئات كانوا يعرفون بعملية الاغتيال وخصوصاً أعضاء الجماعة الإسلامية.
• في حادث أديس ابابا كانت هناك اتهامات لإسلاميين بالسودان مثل حسن الترابي وأطراف أخرى بأنها كانت وراء ذلك الحادث، ما حقيقة ذلك الأمر؟
- الحقيقة لن تذاع بشكل كامل… في ذلك الوقت كانت هناك توترات بين النظامين المصري والسوداني، وكان من مصلحة النظام في الخرطوم والجماعة الإسلامية آنذاك التخلص من حسني مبارك، فالتقى الهدفان، لكن ما تم تحديداً بين الجانبين لم أكن على علم به.
• لماذا وقع الاختيار على العاصمة الإثيوبية لتنفيذ العملية؟
- لأنها لم تكن محكومة بنظام أمني جيد مثل مصر، وهذه كانت صفة عامة في ذلك الوقت في كل دول أفريقيا، بدليل أنني عندما ذهبت إلى نيجيريا خرجت من المطار بجواز السفر من دون أن أختمه.
• قلت إنه بعد حادث أديس ابابا جاءت مبادرة وقف العنف… هل أعلنت الجماعة المبادرة كرد فعل على فشل الحادث ومحاولة اغتيال مبارك؟
- المبادرة لم تكن رد فعل لحادث أديس ابابا، ولكنها جاءت عن قناعة من مسؤولي الجماعة الإسلامية بعد أن تأكدوا أن طريق العنف والفعل ورد الفعل على النظام طريق مسدود ولا نهاية له، كما أنه بعد حادث أديس ابابا حدث ضعف شديد في الجماعة في العمليات العسكرية وفي الوصول إلى أهداف الجماعة بجانب الكم الكبير من المعتقلين ومن النساء اللاتي تم الاعتداء عليهن، وكل هذه الأشياء مثلت ضغوطاً على قادة الجماعة داخل السجن. مع العلم بأن ذلك سبقته مبادرات أخرى أفشلها رجال من داخل النظام مثل حوار قيادة الجماعة مع الشيخ الشعراوي والشيخ الغزالي ورغبوا في أن نظل في صدام دموي مع القيادات الأمنية والسياسية.
• معنى ذلك أن فشل محاولة الاغتيال أصاب الجماعة بالإحباط فاضطرت إلى إعلان مبادرة وقف العنف؟
- المبادرة جاءت عن قناعة حقيقية، لأن الجماعة بدأت كجماعة دعوية سلمية ولم يكن مطروحاً حمل السلاح لدرجة أننا كنا نختلف مع جماعة الجهاد التي كانت تتبنى العمل المسلح والعمل السري، بينما فرض علينا ذلك الأمر بحكم الظروف، وبالتالي فإن أعضاء الجماعة أرادوا العودة إلى قناعاتهم الأساسية التي تربوا عليها وهي الالتزام بالجانب الدعوي ونبذ العنف.
• لكن لماذا جاءت المبادرة في ذلك التوقيت؟
- المبادرة جاءت عن قناعة حقيقية من الجماعة، بالإضافة لما أصابها من ضعف في ذلك الوقت والضغط والتضييق على المعتقلين، والدليل على أن إعلان المبادرة لم يكن يطلب مقابلا هو أنني كنت في اليمن وقت إعلان البيان الأول للمبادرة وكان إعلاناً من طرف واحد يؤكد أن الجماعة لا تحمل السلاح وليست سرية وهي جماعة دعوية لها مساجدها، وكل أعضاء الجماعة الإسلامية لا يختلفون على المبادرة والاستمرار في تطبيقها حتى بعد رحيل نظام مبارك.
• قلت إن طريق العنف فرض على الجماعة الإسلامية… كيف كان ذلك؟
•• كان النظام يتبع سياسة التضييق على الإسلاميين بهدف القضاء عليهم، وهذا مسجل مثلاً في لقاءات إعلامية لوزير الداخلية الأسبق زكي بدر الذي قال إنه يريد القضاء على تلك الجماعات بسياسة «الضرب في سويداء القلب»، فقلنا ندافع عن أنفسنا لأنه لو ترك الأمر لفنيت الجماعة بكاملها.
• هل تأثر نشاط الجماعة الإسلامية في اليمن بعد فشل اغتيال مبارك وإعلان المبادرة؟
- بعد إعلان المبادرة وافقنا عليها كمجموعة اليمن رغم أن أعضاء مجلس الشورى بالخارج بقيادة رفاعي طه وعبدالآخر حماد أعلنوا رفضهم لها، لكننا أصدرنا بياناً نرحب فيه بتلك الخطوة.
• تم ترحيلك إلى القاهرة العام 2004 مع منظر جماعة الجهاد الدكتور سيد إمام… ما علاقة الجماعة الإسلامية بالجهاد في اليمن؟
- عاد الدكتور سيد إمام أو الدكتور فضل إلى اليمن في العام 1997 بعد خلافه مع «القاعدة» لاختصارهم كتابه «طلب العلم الشريف» من دون موافقته، ولم تكن بيننا علاقة شخصية، لكنه عالج عبدالآخر حماد عندما كانت هناك محاولة لاغتياله في باكستان العام 1995.
• لماذا كانت هناك فجوة بينكم والدكتور فضل؟
- لأنه كان في كتاباته متشدداً لدرجة أنه كان يشتد بحدة على الجماعة الإسلامية، وكان يرد على أفكار الجماعة الإسلامية في كتابه «طلب العلم الشريف».
• كيف تقيّم إذاً مراجعات جماعة الجهاد التي أعلنها في وثيقة ترشيد العمل الجهادي؟
- هو كان معي في المعتقل باليمن، والمراجعات التي أعلنها من مصر في العام 2007 لم تكن وليدة إكراه كما قال مفكر «القاعدة» أيمن الظواهري، فهذه كانت قناعته الفكرية، حيث جلست معه في معتقل السجن السياسي باليمن ثلاثة أعوام بعد حادث 11 سبتمبر 2001، وقال لي وقتها إن تنظيم «القاعدة» انتحر جماعياً بما فعله في هذا الحادث، وقال لي نصاً «أميركا دخلت الحرب العالمية الثانية، لأن اليابان قامت بقصف ميناء أميركي في عداوة صريحة وضربت اليابان بالقنبلة الذرية». وقال إن «القاعدة» لم يكن لها بعد سياسي في التخطيط لحادث سبتمبر، وإلا كان التنظيم فكر في ما حدث مع اليابان، وعندما دمر برجين فلابد أن يكون هناك رد فعل وهذا ما حدث. واعتبر أن في الحادث خطأ شرعيا في أنه قتل أبرياء ومدنيين لا ذنب لهم، وخطأ سياسيا وحركيا. وكان رأيه وقتها ضرورة ترشيد العمل الجهادي في ذلك الوقت على مستوى العالم، ومن هنا كان تفكيره في وثيقة المراجعات التي أعلنت من مصر.
• لكن هل كان لكم تأثير في هذا الطريق؟
- أنا قلت له وقتها انك مسؤول عما يحدث في الجزائر من قتل للنساء والأطفال بحكم كتاب «العمدة في إعداد العدة» فقال إنه لم يقصد أن يقوم الجزائريون بهذا الأمر، وتبرأ منه، بما يؤكد أن ما قام به من مراجعات كان عن قناعة حقيقية وليس وليد ضغوط أو إكراه من أي نوع، وأنا أشهد على ذلك.
• كيف تم تسليمك أنت والدكتور فضل من اليمن إلى القاهرة؟
- كان بمقابل أن يسوق الرئيس اليمني علي عبدالله صالح تحويل الجامعة العربية إلى الاتحاد العربي، وذلك كان قبل 11 سبتمبر، وكان صالح يقول إن هناك توترات أمنية بين اليمن ومصر وأنه يريد حسم ذلك الملف.
بدليل أنه وقت القبض عليَّ طلب الأمن السياسي مني أنا وعثمان السمان أن يهربنا إلى الصومال ثم إلى السودان ورفضنا وكان يرفض تسليمنا إلى مصر لأن هناك قيادات من الحزب الاشتراكي اليمني كانت موجودة في مصر مثل أبوبكر العطاس، وكان محكوماً عليهم بالإعدام بتهمة وقوفهم وراء محاولة الانفصال وتدمير اليمن، وكانت مصر ترفض تسليمهم، فكان ذلك مقابل هذا. ولكن عندما جرت صفقة بين اليمن والنظام المصري على مسألة الاتحاد العربي تم ترحيلنا من اليمن رغم رفضهم من قبل لمطالبنا بالعودة إلى مصر لدرجة أننا دخلنا في أكثر من إضراب عن الطعام لترحيلنا إلى القاهرة.
• اليمن من الدول التي كانت مفرّخة لتنظيم «القاعد»، كيف كانت العلاقة بينكم وبين قادة التنظيم أسامة بن لادن وأيمن الظواهري؟
- علاقة جماعتين ينسقان مع بعضهما الأمور خصوصاً من معسكر الجماعة في أفغانستان لدرجة أنه في فترة من الفترات كانت هناك فكرة لضم الجماعة الإسلامية والجهاد في جماعة واحدة، ولكن لم يتحقق ذلك الأمر بسبب تعارض أفكار وتوجهات قادة التنظيمين.
• ما دور إيران في الجهاد الأفغاني ودعم الجهاديين العرب؟
- إيران كانت تدعم الجانب الشيعي في أفغانستان أثناء الجهاد الأفغاني، وكانت هناك علاقات متميزة بين الجماعة الإسلامية وبين إيران.
• إلى أي حد كانت هذه العلاقات، وهل لاتزال موجودة إلى الآن؟
- العلاقات وصلت إلى جميع الجوانب المادية واللوجيستية، فكانت هناك علاقات متميزة بيننا، وبعد المبادرة وأحداث سبتمبر تغير الوضع تماماً.
• بماذا تفسر احتجاز إيران قيادات جهادية إلى الآن مثل شوقي الإسلامبولي وثروت صلاح شحاتة؟
- إيران تدعم ما يحدث في أفغانستان.
• هل هو نوع من المساومة مع النظام المصري؟
- ليس هناك مقابل لذلك الآن، والأكثر من ذلك أنها تحتجزهم في سجون بحجة ظاهرية أنهم دخلوا إلى إيران من دون علمها أو تنسيق معها. لكن المصلحة التي كانت بيننا وبين إيران غير موجودة الآن… إذن قد تكون أوراق ضغط.
• فيما يتعلق برواية مقتل أسامة بن لادن… هناك تشكيك من بعض الإسلاميين تجاه ما أعلنته الإدارة الأميركية بهذا الخصوص؟
- أسامة بن لادن. قُتل، واعترفت «القاعدة» وطالبان بذلك، وكل الشواهد تقول ذلك… نقل حيا ثم قتلوه، وإلقاء جثمانه في البحر دليل على الخوف والجبن.
• كيف ترى مصير التنظيم بعد رحيله؟
- «القاعدة» مرتبطة ارتباطاً وجدانياً بأسامة بن لادن، بما يعني أن التنظيم الآن أقرب إلى الحل.
• ألا يستطيع أيمن الظواهري أو أي قيادة أخرى إدارة شؤون التنظيم؟
- أيمن الظواهري غير محبوب من اليمنيين والسعوديين والخليجيين، لأن في تصورهم أن جماعة الجهاد في مصر تميل إلى التشدد في قضايا التكفير، وبالتالي لن يرحبوا بإمارة الظواهري أو غيره، وهناك حالة عدم الثقة في القيادات الموجودة الآن تمنع تقديم الدعم لهم.
• ما علاقتكم بأسامة بن لادن؟
- كان رجلا خلوقاً وأنا التقيته كثيراً وجلست معه في السعودية. وتنظيم «القاعدة» تشدد واتخذ طريق العنف عندما انضمت له عناصر من الجهاديين المصريين لدرجة أن هناك علماء سعوديين كانوا يريدون أن ينضموا إلى أسامة بن لادن وفكره لكنهم تراجعوا بعد انضمام هؤلاء الجهاديين، وهذا الكلام قاله لي مسؤول «القاعدة» في اليمن.
• ومن أبرز هؤلاء العلماء؟
- أذكر منهم ناصر العمر وسعد العودة.