أثارت التقارير التي تحدثت عن أن إيران مهددة بالعطش والجفاف جدلًا واسعًا في الأوساط الإيرانية، فبعد تحركات نظام الملالي التي تدعو إلى توسع النفوذ في منطقة الشرق الأوسط للحفاظ على بقاء حكمه، يبدو أنه فشل في استراتيجيات أخرى أكبر خطرًا لا تهدد سقوطه فقط بل تهدد بمحو البلاد بأكملها.
جفاف إيران
ويقول الخبراء في إيران إن أغلب البحيرات الملاحية التي تمثل المخزون الاحتياطي للماء في البلاد، قاربت على الجفاف بعد إهمالها لفترة من الحكومة الإيرانية، أبرز هذه البحيرات هي بحيرة أورميه، التي كانت تمثل كنزًا وهي التي تعد أكبر بحيرة مالحة في الشرق الأوسط والثانية على مستوى العالم، لكن في غضون الـ 20 عاما الماضية انحسرت مياه البحيرة وفقدت 98 % من مخزونها المائي بعد تبخرها.
وتعد مسألة قلة المياه الشغل الشاغل لملايين الإيرانيين، لاسيما وأنهم مهددون بالنزوح من أراضيهم إذا لم تجد الحكومة الإيرانية حلًا لمشكلة قلة المياه، لكن يؤكد الخبراء مرارًا أن هناك أسباب أخرى أدت إلى جفاف البحيرات الإيرانية ، حيث قال الدكتور كامران زينال خبير في الشئون البيئية والعضو في لجنة إحياء بحيرة أرومية في تصريحات سابقة له إن إنقاذ البحيرة لا يقتصر فقط على الإجراءات التي تتخذها الحكومة الإيرانية، بل على المواطن أيضا أمور يجب أن يلتزم بها.
جفاف إيران
وثمة معلومات عدة تتناقلها وسائل الإعلام الإيرانية كل فترة عن أن مشكلة المياه في إيران متفاقمة وخرجت عن سياق الأزمة المحدودة لتتحول إلى تحدى حقيقي يواجه مستقبل البلاد، لاسيما وأن الثروة الزراعية والحيوانية تعتمد بشكل أساسي على المياه وهو ما يهددها بالجفاف والعطش.
وبحسب صحيفة العرب اللندنية، أكدت أستر كويش لاروش، ممثلة إيران في منظمة اليونسكو خلال مداخلتها في مؤتمر الدورة التقنية الأولى لملتقى «أمن المياه في المستوطنات البشرية»، الذي عقد مؤخرا في طهران، أن للتوسع الحضري مساوئه التي انعكست على الموارد المائية التي تنفد بشكل كبير لضمان استمرارية التطور والتنمية ولضمان توفير مياه الشرب وتسهيل النقل في المجال الصناعة، مضيفة أن نسبة كبيرة من المياه المستعملة لا تجري معالجتها بما يمكن من الاستفادة منها مرة أخرى.
جفاف إيران 3
وبدا واضحًا أن المشكلة خرجت عن نطاق السيطرة بعد أن بلغ نضوب الموارد المائية وضرب الجفاف مخزونات مائية غير التي تتواجد في أورمية، ففي جنوب إيران تواجه ما تعرف باأهوار إيران الجفاف وذلك لقلة الامطار وبناء السدود والمنازل الزراعية، وبسبب مخلفات المعامل، الأمر الذي أدى إلى تضرر التنوع البيئي والثروة السمكية.
وعقدت وزارة البيئة في إيران لمناسبة اليوم العالمي للأرض الرطبة مؤتمر لمناقشة الخطر المحدق بهذه المنطقة في فبراير الماضي، حيث لم يخل الحديث عن إن الحكومة الإيرانية بالرغم من السعي الحثيث إلا إنها لم تستطع كبح جِماح جفاف قضم 56 % من مساحة هذه الأرض وسط المعاناة البيئية.
جفاف إيران 4
من ناحية أخرى، فإن هناك وسائل إعلامية تتحدث عن أن هناك خطر محدق بالسدود الإيرانية المخصصة لغرض تأمين مخزون المياه، فالتحدي الأكبر الذي يواجه المحافظات الإيرانية منذ سنوات هو الضغط الكبير على مصادر الإمداد، خاصة السطحية منها، الأمر الذي أدى إلى تعرض السدود للجفاف التام، ففي العاصمة طهران باتت ثلاثة سدود من أصل خمسة جافة تمامًا وهو أمر تكرر في مناطق أخرى نتيجة تعرض المنشآت المائية للجفاف جراء الإهمال وغياب المتابعة ونقص الأمطار خلال السنوات الأخيرة.
في نفس الوقت، فإن إقامة السدود الإيرانية أثرت على موارد المياه في الدول المجاورة، حيث حذر مجلس محافظة ديالي العراقية من اندثار نهر «الوند» الذي ينبع من إيران، بسبب إقامة الأخيرة سدودًا استنفدت أغلب مياهه، فيما دعا الحكومة العراقية إلى التحرك لضمان حقوق المحافظة في النهر، وقال رئيس المجلس، علي الدايني، في تصريح صحفي منذ أيام، إن «الوند الذي ينبع من إيران، يمتد لعشرات الكليومترات في عمق الأراضي العراقية، وصولًا إلى مركز قضاء خانقين (100 كم شمال شرق بعقوبة)، وهو يعد شريان الحياة فيها»، مطالبًا بالتدخل ومفاتحة الجانب الإيراني بضرورة إعطائنا حقنا في مياه الوند باعتباره من الأنهر الدولية التي تحكمه المواثيق والاتفاقيات، مبينًا أن «الوند الآن يعاني من شح في تدفق مياهه، ما يهدد مناطق واسعة بالجفاف».
سد إيراني
وأضاف الدايني: «الوند يعاني منذ سنوات عدة من انخفاض كبير في مستويات مياهه على نحو يهدد باندثاره إذا ما بقي الحال على ما هو عليه، خاصة بعد بناء الجانب الإيراني سدودًا استنفدت أغلب مياهه وقلصت حصتنا في الوند إلى مستويات متدنية جدًا، وفي بعض الأحيان تنقطع بشكل تام، ما يهدد البشر والشجر على حد سواء».