أعلن محافظ البنك المركزي طارق عامر، في مؤتمر صحفي أمس، أن أزمة النقد الأجنبي في مصر انتهت بعد تحرير سعر الصرف في نوفمبر الماضي.. فهل تعبر المؤشرات المعلنة بالفعل عن هذا التحسن؟.
شهدت التدفقات الدولارية لمصر تحسنا ملحوظا خلال الشهور التالية لتحرير سعر الصرف في نوفمبر الماضي وهو ما يعكس عودة العملة الأمريكية إلى القنوات الرسمية في البنوك بدلا من السوق السوداء التي توارت خلال الفترة الأخيرة بشكل واضح.
ولكن جزءا من هذا التحسن يعُزى إلى الاستثمارات الساخنة في أذون الخزانة، إلى جانب القروض ومنها الشريحة الأولى من قرض صندوق النقد بقيمة 2.75 مليار دولار، والشريحة الثانية من قرضي البنكين الدولي والتنمية الأفريقي بقيمة 1.5 مليار، وطرح سندات دولارية بقيمة 4 مليارات دولار.
بينما أظهرت أحدث مؤشرات المصادر المستدامة للدولار تحسنا طفيفا في بعض القطاعات، ومن الصعب الحكم على تأثير التعويم عليها قبل أن تعلن السلطات في مصر عن آخر تحديث لتلك البيانات يغطي الستة أشهر التالين للتعويم.
ونعرض لكم في الفقرات التالية أبرز المؤشرات المعبرة عن تطور معدلات تدفق النقد الأجنبي للبلاد بعد تحرير سعر الصرف. 
الصادرات:

الصادرات
أظهرت آخر البيانات المعلنة وفقا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، زيادة الصادرات خلال أول 4 شهور من التعويم، لكن هذه الزيادة لم تكن قوية حيث اقتصر الارتفاع على نسبة 13.4% لتسجل خلال الفترة (نوفمبر - فبراير) 7.6 مليار دولار مقابل 6.7 مليار خلال نفس الفترة من السنة السابقة عليها.
ومن المفترض أن ينعكس تعويم الجنيه على تنافسية الصادرات بقوة لأن انخفاض العملة المحلية أمام الدولار يخفض من أسعار السلع المصرية في الأسواق الدولية مما يزيد من جاذبيتها للمستهلكين في الخارج. 
السياحة
السياحة
 
رغم تراجع إيرادات السياحة خلال الربع الرابع من 2016 - الذي شهد تحرير سعر الصرف - بنسبة 15.8% إلا أن هناك العديد من المؤشرات على تحسن أوضاع القطاع السياحي في الربع الأول من العام الجاري.
وأظهرت نتائج أعمال شركة أوراسكوم للفنادق والتنمية ارتفاع إيرادات قطاع الفنادق بنسبة 135% خلال الربع الأول من 2017 بفضل التحسن في قطاع السياحة بمصر، كما سجلت شركة "التعمير السياحي" تراجعا في خسائرها بنسبة 82% مقارنة بنفس الفترة من 2016.
كما أشار المتحدث باسم شركة توماس كوك إلى أن مصر تحظى بطلب كبير هذا العام، متوقعا أن يصل عدد حجوزات البريطانيين إلى أكثر من الضعف مقارنة بالعام الماضي لتتجاوز 150 ألف حجز، وذلك على الرغم من تحذيرات وزارة الخارجية البريطانية من السفر لشرم الشيخ وهو ما ألغت بسببه الشركة حجوزات الرحلات إلى هناك.
تحويلات العاملين للخارج
 
تحويلات العاملين بالخارج
 
ارتفعت تحويلات العاملين المصريين بالخارج بنسبة 14.3% خلال الشهور الخمسة الأولى من تعويم الجنيه (نوفمبر-مارس)، وهو أحد أبرز النتائج الإيجابية من تعويم الجنيه، حيث كان جزء كبير من هذه التحويلات يتم خارج القطاع المصرفي في فترة ما قبل التعويم، وقت أن كان الفارق في سعر الدولار بين السوق الرسمي والموازي كبيرا للغاية. 
قناة السويس
 

قناة السويس
 
تراجعت إيرادات قناة السويس المقومة بالدولار بنسبة طفيفة خلال الستة أشهر الأولى من التعويم - نوفمبر 2016 وحتى أبريل 2017 - لتصل إلى 2.4 مليار دولار.
 
الاستثمار المباشر
 

الاستثمار الأجنبي المباشر
 
ارتفع صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر خلال الربع الأخير من 2016 بنسبة 33.3% مقارنة بنحو 1.8 مليار دولار في نفس الفترة من العام السابق.
وينتظر المستثمرون حاليا صدور قانون الاستثمار بعد موافقة البرلمان عليه إلى جانب لائحة القانون التي ستظهر إلى مدى مرونة تطبيق التيسيرات المنتظرة لتحفيز النشاط الاستثماري في البلاد.
 
الاستثمار غير المباشر
 
استثمارات الأجانب في أذون الخزانة
 
استثمارات الأجانب في أذون الخزانة
شجع التعويم الأجانب على دخول سوق الديون الحكومية بقوة بدفع من اتجاه الحكومة لزيادة أسعار العائد على تلك الديون، حيث مهد البنك المركزي أسواق الأذون والسندات المحلية لارتفاع الفائدة مع قراره بزيادة العائد على الإيداع والإقراض في نوفمبر الماضي بنسبة 3%.
وساهم العائد المرتفع لأذون الخزانة، بجانب تعزيز اتفاق مصر مع صندوق النقد على برنامج إصلاحي للثقة في أوراقها المالية، في حدوث طفرة في استثمارات الأجانب في هذا القطاع.
وتتمثل خطورة الاستثمارات في الديون الحكومية قصيرة الأجل، أذون الخزانة، في أن إمكانية التخارج منها تكون أسهل من الاستثمارات المباشرة، مثل المصانع، لذا فهي معرضة للتخارج بقوة في حالة حدوث أي اضطرابات اقتصادية في البلاد، وهو ما يدفع المحللين لتسميتها بالأموال الساخنة.
الواردات
تراجعت قيمة الواردات المصرية بنسبة 28.7% خلال أول 4 أشهر بعد التعويم (نوفمبر - فبراير) لتصل إلى 16.9 مليار دولار مقابل 23.7 مليار خلال نفس الفترة من العام السابق، وهو ما يخفف من الطلب على الدولار.
ولكن ذلك يأتي تزامنا مع ارتفاع سعر الصرف ووضع الدولة للعديد من القيود على نشاط الاستيراد، وهو ما يعني أن هذا التحسن قد لا يبقى على وضعه في حالة التخلص من هذه القيود في المستقبل.
الاحتياطي والدين
ارتفع احتياطي النقد الأجنبي بقوة خلال أول 6 أشهر بعد تحرير سعر الصرف بنحو 9.6 مليار دولار، ليغطي نحو 6 أشهر من الواردات المصرية في أبريل مقابل 4 أشهر في أكتوبر الماضي، لكن جزءا كبيرا من الاحتياطي كان بفضل الاستدانة من الخارج، لذا ارتفع الدين الخارجي خلال عام 2016 بنحو 19.5 مليار دولار منها نحو 7.1 مليار في ربع التعويم ليسجل 67.3 مليار.
ووصل الدين الخارجي قصير الأجل بنهاية 2016 إلى نحو 12 مليار دولار وهو ما يعني أن مصر ملزمة بسداد هذا المبلغ خلال عام 2017.