قال محللون في ثلاثة بنوك استثمار، إن أزمة النقد الأجنبي في مصر، لم تنتهي تماما حتى الآن، رغم التحسن الملحوظ في توفر الدولار، واستقرار سعر الصرف.
ويرى المحللون الثلاثة أن هناك مزيد من الخطوات والإصلاحات التي لابد من استكمالها، من أجل الخروج بسلام من الأزمة التي عانت منها البلاد في السنوات الماضية.
وكان محافظ البنك المركزي طارق عامر، قال في مؤتمر صحفي في مجلس الوزراء، أمس، إن مشكلة النقد الأجنبي في مصر "انتهت وأصبحت تاريخا بلا عودة".
وأضاف أنه "بالرغم من كل التحديات فإن الوضع النقدي في مصر في تحسن، واستطعنا أن نحل مشكلة النقد الأجنبي" وفقا لوكالة أنباء الشرق الأوسط.
وقالت رضوى السويفي رئيسة قسم البحوث في بنك استثمار فاروس، إن سوق النقد الأجنبي في مصر يشهد تحسنا ملحوظا في السيولة الدولارية، لكن لا يمكن القول حتى الآن أن أزمة العملة انتهت بالكامل.
"نقدر نقول إننا خرجنا من عنق الزجاجة، والسوق يشهد بالفعل تحسنا كبيرا في السيولة، مع التدفقات الدولارية القوية التي تدخل البلاد خاصة في المحافظ المالية، والتي عملت انفراجة قوية جدا"، بحسب ما قالته رضوى.
وأضافت رضوى أن "مشكلة ندرة وشح الدولار انتهت، والعملة الصعبة أصبحت متوفرة، لكن لا زالت هناك إصلاحات وخطوات يجب استكمالها، حتى يمكننا القول إن مصر قدرت تجني ثمار الإصلاح".
وحررت مصر سعر صرف الجنيه في نوفمبر الماضي، بعدما عانت عدة سنوات من أزمة حادة في توفير النقد الأجنبي، بسبب تضرر مصادره الرئيسية وهي الصادرات والسياحة والاستثمار الأجنبي وتحويلات العاملين في الخارج.
وقال عامر إنه منذ تعويم الجنيه جذب البنك المركزي 8 مليارات دولار من الصناديق العالمية، وأن الاقتصاد المصري بشكل عام جذب حوالي 45 مليار دولار في 6 أشهر.
وحصلت مصر على دفعات من قروض دولارية اتفقت عليها صندوق النقد والبنك الدوليي، والبنك الأفريقي للتنمية، ساهمت في انعاش السيولة الدولارية للبلاد، إلى جانب استثمارات الأجانب في البورصة وأدوات الدين الحكومية.
وقال هاني فرحات، الخبير الاقتصادي في بنك استثمار سي آي كابيتال، إن أزمة النقد الأجنبي في طريقها للزوال، بعد التحسن الكبير في تدفقات الدولار، والذي انعكس على السيولة المتوفرة في السوق واستقرار سعر الصرف.
وأضاف أنه "طبعا في تحسن ملحوظ، فاق التوقعات، فيما يخص السيولة الدولارية، والتدفقات التي دخلت البنوك، واستجابة حائزي الدولار لبيعه في البنوك بعد التعويم، والقضاء على السوق السوداء".
ورغم هذا التحسن في السيولة الدولارية فإن البنوك لا تسمح حتى الآن بتوفير الدولار للأفراد إلا لأغراض السفر والعلاج والدراسة في الخارج، وبعد تقديم المستندات التي تدل على ذلك، كما أنها لا تلبي كل طلبات مستوردي السلع غير الأساسية، وتعطي الأولوية لاستيراد السلع الغذائية الرئيسية، وهو ما اعتبره فرحات أمر طبيعي لحين انتهاء أزمة النقد الأجنبي بشكل كامل.
وقال فرحات إن "تحديات سعر العملة التي عانينا منها على مدار الست سنوات الماضية في طريقها للزوال بالتأكيد".
وهو ما اتفقت عليه أيضا ريهام الدسوقي كبيرة محللي الاقتصاد في بنك استثمار أرقام كابيتال الإماراتي، التي قالت إن أزمة النقد الأجنبي في مصر "قاربت على الانتهاء".
وأضافت أن أزمة النقد لن تنتهي فعلا إلا إذا تمكن الأفراد والشركات من الحصول على ما يحتاجونه من الدولار بسهولة ودون تأخير، وسداد كل المتأخرات الدولارية المتراكمة منذ سنوات.
وقالت ريهام إن رفع القيود البنكية على استخدام كروت الائتمان والخصم في الخارج، واتجاه المركزي في رفع القيود على تحويلات الأفراد قريبا، وسداد جزء من مستحقات الشركاء الأجانب، يشير إلى أن هناك تحسنا كبيرا في السيولة الدولارية.
وأعلن طارق عامر بالأمس عن سداد 750 مليون دولار من مستحقات شركات البترول الأجنبية، وأنه سيسدد مثلهم في أول الشهر المقبل، وقال أيضا أن المركزي سيلغي "قريبا" سقف المئة ألف دولار المفروض على التحويلات المصرفية للأفراد.
وبلغ رصيد مستحقات شركات البترول الأجنبية لدى مصر 3.5 مليار دولار حتى أول شهر مايو، كما أن بعض شركات الطيران لها متاخرات دولارية.
وقالت رضوى السويفي إن "الحل المستدام لأزمة العملة في مصر يتطلب العمل بشكل كبير على دعم مصادر الدولار المستدامة، مثل التصدير والاستثمار الأجنبي المباشر والسياحة".
وأضاف فرحات أن مصر لا تزال في منتصف طريق الإصلاح، وأن "المجهود والإصلاح الذي يحدث في مسألة سعر الصرف لا بد أن يستمر بنفس الوتيرة والسرعة حتى نرى طفرة حقيقية في عام 2018".