حذر محمد العريان، الخبير الاقتصادى العالمى وأحد أبرز الأسماء فى الأسواق المالية من أزمة مالية جديدة يمكن أن تضرب العالم خلال عامين، معتبرا أن هذا الخبر السئ ولكن الأمر الجيد هو أن نسبة حدوث ذلك لا تتجاوز الـ50% ويمكن التصدى له.
 
 
وأضاف أن هناك طريقين أمام دول العالم المتقدم؛ الأول يؤدى إلى نمو أعلى ونوع أكثر شمولية من الرأسمالية، بينما يؤدى الثانى إلى الركود وعدم الاستقرار والاضطرابات. 
 
واعتبر العريان، وفقا لصحيفة "الجارديان" البريطانية، أن أحد مؤشرات وجود مشكلات فى النظام الاقتصادى العالمى، هو البريكست، أو خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، وحقيقة أن 30% من الدين الحكومى العالمى يتم تداوله بعائدات بمعنى أن المستثمرين يدفعون من أجل امتلاك أصول لن تعود عليهم إلا بخسارة الأموال.
 
وأضاف أن انتخاب الرئيس الأمريكى، دونالد ترامب والفرنسى إيمانويل ماكرون، يزيد من الضغوط على النظام الاقتصادى لأن هذه الانتخابات شهدت هزيمة لأحزاب رئيسية، فضلا عن أنه لم يكن ليتوقع أحد كل هذه الأحداث التى شهدها العالم خلال الـ18 شهرا الماضية. 
 
وقال العريان إن السياسيين كانوا أذكياء فيما يتعلق بعملية خروج بريطانيا من التكتل الأوروبى، إذ أبطئوا من العملية وأطالوا المدة الزمنية وتمكنوا من تجنب قرارات يفرضها السوق عليهم، وهو الأمر الذى سمح للمستثمرين بالتوقف عن الهوس بشأن خروج "صعب" أو "سهل" وبدأوا يفكرون فى "بريكست بطئ". 
 
وأضاف العريان أن ما حدث للأسواق بسبب ترامب كان مماثلا، فالجزء "الحمائى" فى حملته، والذى كان المقصود منه أن يخيف الأسواق، لم يعد مخيفا الآن، مؤكدا أن "الحمائية" لم تكن مشكلة، بل إرثه من الاتفاقيات التجارية.
 
وتوقع الخبير العالمى أن يقدم ترامب بعض التنازلات التى من شأنها أن تسمح له بقول إن التجارة "لا تزال حرة ولكنها أكثر نزاهة". 
 
ولكن القضية الأكثر إلحاحا، وضغطا على النظام العالمى تتمثل فى عدم المساواة الذى خلفه مناخ تراجع النمو، وهو الذى أدى بدوره إلى ارتفاع معدل البطالة بين الشباب فى العديد من دول منطقة اليورو. 
 
ووضع العريان خطة لتخفيف هذا الضغط قائلا "نحن بحاجة للعودة إلى الاستثمار فى الأمور التى تعزز النمو الاقتصادى والبنية التحتية، ونظام ضرائب داعم للنمو فى الولايات المتحدة ، وإعادة تجهيز العمالة بشكل جيد..وإذا كنت فى أوروبا، توظيف الشباب يجب أن يكون القضية التى ينبغى التفكير فيها بشكل جاد".
 ثانيا، يضيف العريان، على الدول أن تستغل "مساحتها المالية"، بمعنى أن تقوم الدول بالاقتراض للاستثمار أو خفض الضرائب، معتبرا أن الولايات المتحدة وألمانيا يندرجان تحت هذه الفئة، وإلى حد ما المملكة المتحدة. 
 
ثالثا، أكد الخبير العالمى أن مسألة الديون الكثير يجب معالجتها، مستشهدا بدرس تعلمه بالعمل مع صندوق النقد الدولى فى وضع أمريكا اللاتينية فى الثمانينات. 
أما رابعا، فأوضح أن الإدارة العالمية والإقليمية تحتاج إلى الإصلاح، وقارن منطقة اليورو بكرسى له رجل ونصف رجل بدلا من أربعة أرجل، قائلا إن الرجل الكاملة هى الاتحاد النقدى، أما نصف الرجل فاتحاد المصارف. وأكد أن الرجلين المفقودتين هما التكامل المالى، وهذا يعنى الميزانية المشتركة، والتوافق السياسى، مشيرا إلى أنه بسبب تلك الأسباب لا عجب أن منطقة اليورو غير مستقرة، على حد تعبيره. 
 
وأضاف "يمكنك القيام بالمهام بثلاثة أرجل، لكن لا يمكنك القيام بها بواحدة ونصف".