تصاعدت شكاوي مستخدمي الإنترنت من تردي مستوى الخدمة خلال الفترة الماضية، بالرغم من الدعاية الحكومية بتطبيق جيل جديد من الإنترنت بسرعة أكبر من السرعة التقليدية، ويقول الخبراء إن الخدمات الجديدة لم تطبق حتى الآن لأسباب تقنية بينما تعطلت الخدمات التقليدية بسبب تقادم البنية الأساسية للاتصالات.
تحت تأثير التصريحات الحكومية المروجة لخدمات الـ4G -جيل جديد من الاتصالات ينافس ما يُقدم في دبي- بدأ العديد من المستهلكين ضبط أجهزتهم لاستقبال تلك الخدمات أو استبدال المحمول بآخر جديد مؤهل لذلك، فالشبكة الجديدة ستقدم سرعات إنترنت 10 أمثال السرعات الحالية.
لكن السرعات لم تتحسن، بل ازدادت الخدمة سوءا، حيث تقول مصادر بوزارة الاتصالات إن الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات كان يتلقى مؤخرا نحو50 ألف شكوى شهريا.
"جودة خدمات الاتصالات في مصر تتراجع للأسوأ بشكل ملحوظ، بسبب تدهور البنية التحتية والتنافس على جذب أكبر عدد من العملاء اعتمادا علي أسعار الخدمات المقدمة وليس جودتها" كما يقول خالد الشريف نائب وزير الاتصالات السابق محاولا تفسير الأزمة الجارية.
ويضيف الشريف في تصريحات لمصراوي أنه "من المؤكد أن تراجع استثمارات الشركات في تطوير الشبكات كان بسبب استقطاع جزء من استثماراتها للحصول علي رخص الجيل الرابع".
ومن المفترض أن يقدم الجيل الرابع تقنية متقدمة تتيح جميع خدمات الإنترنت، مثل الصوت والبيانات والوسائط المتعددة، ولكن بسرعة تدفق أعلى وبمعدلات بيانات أكثر مقارنة بالأجيال السابقة.
وطرحت الحكومة في مايو الماضي رخص ترددات الجيل الرابع للاتصالات، أمام شركات المحمول الثلاث والشركة المصرية للاتصالات.
وفي أغسطس من نفس العام وقعت الشركة المصرية للاتصالات اتفاقية الحصول علي رخصة الجيل الرابع للمحمول، ثم قامت شركات المحمول الثلاث بتوقيع اتفاقيات الحصول علي الجيل الرابع ورخص التليفون الأرضي في أكتوبر الماضي.
وبينما أعلنت شركات للمحمول قبل بضعة أشهر عن بدء تقديم خدمات الجيل الجديد، لم يسهم ذلك في تحسن ملموس في أسعار الإنترنت.
ويفسر ذلك مصدر بوزارة الاتصالات بأن " الشركات لم تقم حتى الآن سوى بتجارب على الشبكة في بعض المناطق، لأنها لم تتسلم بعد ترددات هذا الجيل".
ويوضح المصدر أن "وزارة الاتصالات في سبيلها لاستلام الترددات من المؤسسة العسكرية التي تقوم بإخلائها، ومن المتوقع أن تستلم الشركات جزءا كبيرا من الترددات قبل انتهاء شهر يونيو المقبل".
وفي ظل تردي مستويات إنترنت الجيل الثالث وتأخر الجيل الرابع تزايد سخط مستخدمي الإنترنت خلال الفترة الماضي إلى درجة أن تردد الموضوع داخل أروقة البرلمان.
"المؤكد حاليا أن تغطية شبكات المحمول تتراجع سواء في الجودة أو الانتشار، ولا يهم المواطن العادي الأحاديث عن الجيل الرابع بينما لا يمكنه إتمام مكالمة واحدة بدون انقطاع، بخلاف سرعات الانترنت المتدنية" كما علق عضو مجلس الشعب فتحي الشرقاوي في أحد جلسات المجلس.
ويلفت الشريف النظر إلى أن اعتماد جميع شبكات المحمول على البنية التحتية التي تمتلكها الشركة المصرية للاتصالات هو الجزء الأكبر من مشاكل التغطية في مصر"الشبكة الأرضية ستواجه انهيارا وشيكا إذا لم يتم تطويرها لاستيعاب الزيادات المستمرة في أعداد المشتركين".
وبحسب خبير الاتصالات والمسئول السابق "حتى الآن لا تتجاوز كفاءة التغطية لخدمات الجيل الثالث للمحمول في مصر الـ30% على الأكثر وفقاً للقياسات الحقيقية".
في المقابل أكد مصدر رسمي بوزارة الاتصالات أن أي تراخي من قبل الشركات في تطوير شبكاتها سيواجه بالغرامات المنصوص عليها، مشيرا إلى أن التعلل بتراجع الإيرادات أو الاستثمار في الجيل الجديد غير مقبول "الشركات حققت المليارات خلال تواجدها في السوق المصري ومازالت تحقق أرباحا كبيرة".
ويقدم مسئول في أحد شركات المحمول تفسيرا آخر لتردي خدمات الاتصالات، حيث قال لمصراوي إن "تجارب الجيل الرابع التي تقوم بها الشركة في أماكن محددة بالقاهرة الكبرى يمكن أن تكون قد أثرت في بعض الأحيان علي جودة الاتصالات الصوتية."
ويضيف المصدر "نحن نقدم خدمات الجيل الرابع عبر حيز ترددات مزدحم بالفعل، لأننا لم نستلم بعد الترددات الجديدة".
ويوضح المصدر أن الجيل الرابع الذي تم تشغيله هو جيل مخصص للبيانات وليس للصوت، وعند استقبال المشتركين الذين تدعم هواتفهم الجيل الرابع لمكالمات الصوت يقوم الجهاز بالبحث أولا على شبكة الجيل الرابع الذي تكون معالجة الصوت عبره مختلفة عن الجيل الثالث "ولذلك يتم في بعض الأحيان فصل استلام البيانات لتلقي خدمة الصوت، ثم يقوم بالعودة إلي استلام البيانات ثانية بعد انتهاء المكالمة".