يبدو أن المستهلك في المنطقة وفي مختلف أنحاء المعمورة، عليه الاستعداد لاحتمال قوي لموجة ارتفاع في أسعار السلع.
ومن دون حصر أنواع هذه السلع، توقّعت مؤسسة الاستشارات الاقتصادية (ات - كيرني) الأميركية، زيادة الأسعار بنحو 26 في المئة خلال النصف الثاني من هذا العام، لافتة إلى أنها ستطول أسواق الدول المتقدمة و»الناشئة» فضلاً عن النامية.
وكان البنك الدولي أعلن قبل أيام قليلة، ارتفاع أسعار السلع الصناعية خلال هذا العام، وهو مؤشر ينذر بارتدادات ذلك على المستوردين. ومع أن الارتفاع مرتبط جزئياً بأسعار النفط، إلا أن توجهات ارتفاعات الأسعار قد تكون وفق بعض التقارير متأثرة بمقترحات ضريبية في الدول الصناعية الكبرى.
ويبدو أن خططاً ضريبية تدرس تنفيذها دول كبرى كالولايات المتحدة، وكندا، ودول أوروبية مثل بريطانيا وفرنسا كزيادة الضريبة على أسعار بعض السلع أهمها الوقود والخدمات، ستدفع بالأسعار وفق موقع «ماركت بيلز» إلى الارتفاع.
وإن زادت وتيرة سلسلة الارتفاعات في أسعار السلع في الدول المتقدمة، فإنها قد تصبح كموجة عاتية تضرب أغلب أسواق العالم، خصوصاً في حال زاد سعر الوقود وخدمات النقل بفعل مقترحات الضريبة، وهو ما قد ينعكس على تكلفة الانتاج، وبالتالي على أسعار السلع المستوردة.
وفضلاً عن ذلك، ألمحت «ات - كيرني» إلى أن هناك اتفاقاً بين المستثمرين في العالم على أن هناك زيادة متوقعة ومستحقة في أسعار السلع بنسبة 26 في المئة خلال ما تبقى من العام الحالي.
ويرجح المستثمرون الذين يحركون رؤوس أموال ضخمة من أجل الاستثمار في مشاريع في دول كثيرة في العالم زيادة أسعار السلع أكثر من سيناريو تراجعها على الرغم من تحديات الأخطار الجيوسياسية وتذبذب أسعار الطاقة.
وأظهر التقرير أن هناك إجماعاً بين المستثمرين على أن دورة أسعار السلع في الأسواق العالمية تلامس القاع، وعلى أساس ترجيح مؤشرات تعافي كبرى الاقتصادات العالمية المتقدمة والناشئة، يُعوّل المستثمرون الدوليون على أن الاقتصاد العالمي سيعاود النمو، وهو سبب كفيل سيدفع زيادة الطلب على السلع بشكل أسرع من الأعوام السابقة، وهو ما سيبرر رفع أسعارها.
وحسب التقرير، فإن المستثمرين في العالم يعولون على زيادة أسعار السلع من أجل زيادة جدوى الاستثمار وفق تحليلات «ات - كيرني».
إلا أن التقرير أخذ في الاعتبار أيضاً سيناريو آخر، وهو انكماش أسعار السلع بنحو 15 في المئة بسبب ترجيح تراجع النمو الاقتصادي، واستقرار معدلات البطالة، وبالتالي انحسار القوة الشرائية والطلب على السلع.
إلا أن توقعات أخرى ترجح أن الاقتصادات الكبرى ستنمو بدفع من استقرار أسعار المحروقات وعدم ارتفاعها، بالإضافة إلى تحسّن أداء الاقتصادات المؤثرة في العالم، وهي أميركا والصين وأوروبا واليابان، بجانب توقعات بمزيد خلق وظائف جديدة، ما يعني تعزيز القدرة الشرائية والاستهلاك، بالاضافة إلى مؤشرات عن تحسن أداء اقتصادات آسيا والبرازيل.
وتوقف التقرير عند زيادة الاستثمارات الخارجية ومساهمتها في خلق وظائف في دول آسيوية، كالهند وأميركا الجنوبية كالبرازيل، وفي دول الشرق الأوسط بزغ نجم الإمارات، في حين تصدرت جنوب أفريقيا وجهات الباحثين عن الاستثمار في القارة «السمراء».
ويبدو أن المستثمرين في العالم متفائلون أكثر من ذي قبل بوجهات جديدة للاستثمار بعيداً عن التوترات الجيوسياسية في بعض الدول التي حرمتها من توجهات الاستثمارات الخارجية المباشرة وعلى رأسها الدول العربية والفقيرة.
وقد برزت الدول الغنية كأكثر الدول التي حافظت على ثقة المستثمرين الأجانب فيها على عكس الدول الفقيرة أو النامية في الشرق الأوسط وأفريقيا، بينما تبدو نظرة المستثمرين الأجانب أكثر تشاؤمية إزاء دول الشرق الأوسط وأفريقيا.
وفي حين يزيد حرمان الدول العربية والشرق الأوسطية من تدفق الاستثمارات الأجنبية، ستتأثر دورة النمو سلبياً، فيما تزيد تكلفة وارداتها، ولا تتعزز مشاريع جديدة تخلق الوظائف، ما سينعكس على القدرة الشرائية وزيادة مؤشرات التضخم.