إذا كنت من مواليد 1986 فأنت تعيش حاليا في معدلات تضخم لم تشهدها البلاد على مدار حياتك كلها، ويمثل هذا التضخم تهديدا لقيمة مدخرات قطاعات واسعة من الأسر المصرية، وهو ما دفع الكثيرين للبحث عن وسائل استثمار بديلة لتلك الأموال، مصراوي يقرأ من مؤشرات الاقتصاد أين ذهبت أموال المصريين خلال الأشهر الماضية.
وكان البنك المركزي قد رفع يده تماما عن حماية الجنيه في نوفمبر الماضي مما أفقد العملة المحلية أكثر من نصف قيمتها أمام الدولار وساهم في ارتفاع مستويات التضخم السنوي في مؤشر أسعار المستهلكين خلال الربع الأول من 2017 لأعلى مستوياتها منذ الثمانينات.
شهادات الادخار
تعكس مؤشرات البنك المركزي إقبال المصريين بعد التعويم على وضع السيولة في ودائع القطاع العائلي بالعملة المحلية، حيث ارتفعت هذه الودائع متوسطة وطويلة الأجل خلال الأشهر الأربعة التالية لتعويم نوفمبر بنحو 15% بقيمة 163.3 مليار جنيه.
وساعد زيادة الفائدة على تلك الودائع من الإقبال عليها خلال الفترة الماضية، ففي نفس اليوم الذي شهد تحرير سعر الصرف، 3 نوفمبر، طرحت البنوك العامة الثلاثة الأهلي المصري، مصر، والقاهرة شهادات ادخار بعائد مرتفع 20% سنويًا لمدة عام ونصف، و16% لمدة 3 سنوات.
ورفع البنك المركزي أسعار العائد على الإيداع والإقراض بنسبة 3% تزامنًا مع قرار تحرير سعر الصرف في نوفمبر الماضي، لاحتواء الآثار التضخمية الناجمة عن التعويم.
وشهد شهر نوفمبر أكبر زيادة في قيمة ودائع القطاع العائلي بالعملة المحلية متوسطة وطويلة الأجل، بقيمة 72.7 مليار جنيه، ثم 33.4 مليار في ديسمبر، و21.9 مليار خلال يناير، و35.4 مليار في فبراير.
التربح من العملة الصعبة
بالرغم من أن التعويم كان يستهدف الحد من الإقبال على العملة الأمريكية، لكن المصريين اتجهوا لزيادة ودائعهم بالعملات الأجنبية.
وينشر البنك المركزي قيمة ودائع العملات الأجنبية بالعملة المحلية، وبحساب ودائع القطاع العائلي في نوفمبر، التي بلغت 26 مليار دولار، على أساس متوسط سعر الدولار في هذا الشهر يظهر ارتفاعها عن شهر أكتوبر بنحو 2.3 مليار دولار (ما يعادل 37.4 مليار جنيه).
ولكن هذا النوع من الودائع شهد تذبذبا خلال الشهور الأربعة التالية للتعويم، فبينما تراجع خلال ديسمبر بنحو 2.9 مليار دولار (ما يعادل 53.5 مليار جنيه)، عاد المصريون مرة أخرى إلى الدولرة ولكن بحدة أقل خلال يناير والذي زادت خلاله هذه الودائع بقيمة 1.1 مليار دولار (نحو 21.4 مليار جنيه).
وانخفض رصيد القطاع العائلي في فبراير بقيمة 1.8 مليار دولار (30.7 مليار جنيه تقريبا) تزامنا مع انخفاض متوسط سعر الدولار بنسبة 10% وهو ما قد يعبر عن مخاوف البعض من تراجع قيمة مدخراتهم أمام الجنيه.
التغير بودائع القطاع العائلي بالعملات الأجنبية
العقار لايزال ابن بار
أظهرت المؤشرات المبدئية أن هناك زيادة في الأموال الموجهة للاستثمار في العقارات خلال الربع الأخير من عام 2016، حيث زادت مبيعات بعض الشركات العقارية ومنها سوديك التي ارتفعت إيراداتها من بيع العقارات والأراضي بنسبة 56.2% مقارنة بنفس الفترة من عام 2015، وزادت مبيعات "بالم هيلز" بنسبة 40%، وزادت الحجوزات بنسبة 17.6%.
كما أشار تقرير لمنصة "أوليكس" للإعلانات المبوبة، إلى أن الشهرين التاليين لتعويم العملة شهدا زيادة ملحوظة في عدد زيارات المغتربين المصريين على إعلانات العقارات مقارنة بشهرين قبل التعويم، فارتفعت الزيارات من السعودية 79%، ومن الإمارات بنسبة 87.5%، ومن الكويت 91.2%، ومن قطر 140.6%.
كيمياء المصريين مع البورصة ليست على ما يرام
على الرغم من ارتفاع البورصة المصرية بأكثر من النصف منذ تعويم الجنيه (52.1%) إلا أن المصريين سجلوا صافي مبيعات خلال الشهور الخمسة الماضية (نوفمبر - مارس) بقيمة 8.9 مليار جنيه أكثر من ثلثها فقط كان في نوفمبر شهر التعويم (37.6%).
وتأتي ارتفاعات البورصة بعد التعويم مدفوعة بشكل رئيسي باستثمارات الأجانب الذين كانوا يتخوفون من شراء أسهم مقومة بالجنيه قبل التعويم في ظل الفجوة الكبيرة بين سعري الدولار في السوق الرسمي والموازي.
مبيعات المصريين في البورصة بعد التعويم
ولا يزال الذهب ملاذا جذابا للمدخرات مع ارتفاع أسعاره إلى مستويات تاريخية، 647 جنيه لجرام الذهب، إلا أن تجار هذا القطاع يقولون إن كثيرا من المصريين قللوا من مشترياتهم لهذا المعدن النفيس في ظل غلاء المعيشة وتوجيه نفقاتهم إلى الحاجات الأساسية.
"الشراء يقتصر على الهدايا الرمزية للخطيبة أو الزوجة" بحسب نادي نجيب سكرتير عام شعبة تجار الذهب بغرفة القاهرة التجارية.
ويقول نجيب إن حركة الاستثمار في الذهب كملاذ آمن لم تشهد أي تغير بعد نوفمبر الماضي عما قبله "فالمستثمرون في هذا القطاع معروفون ولم يطرأ عليهم جديد".