حي العباسية من الأحياء المصرية العريقة التي ارتبطت بكثير من الأحداث والوقائع فضلا عن الأبنية.. فما قصته؟

تبدأ قصة حي العباسية من موقعة الريدانية التي ذكرتها كتب التاريخ ووقعت أحداثها عام 1517م الموافق 922هــ بين المماليك والعثمانيين، وانتهت بهزيمة طومان باي آخر السلاطين المماليك، ولا يعلم كثير منا أن الريدانية هذه هي نفسها حي العباسية، الذي سُمِّي بهذا الاسم نسبة إلى “ريدان الصقلي” أحد حاشية الخليفة العبيدي الفاطمى العزيز بالله، الذي يعدّ أول من أصلح صحراءها، وأنشأ فيها بستانًا كبيرا، وبعد هزيمة المماليك فيها ودخول العثمانيين منها للقاهرة، أهملت هذه المنطقة، ثم تغيّر اسمها إلى”الحصوة”، حتى أعاد اكتشافها عباس الأول ابن أحمد طوسون ابن محمد علي باشا، مؤسس الأسرة العلوية، الذي تولى حكم مصر في 14 نوفمبر عام 1848م الموافق 18 ذو الحجة  1264هـ، وكان مقر إقامته بالقلعة، وكثيرًا ما كان ينزل من القلعة إلى صحراء الريدانية (العباسية الآن)، فأعجب بتلك المنطقة، وأمر بتشييد قصر له فيها، وبناء ثكنات للجيش، ثم أمر بتسمية هذه المنطقة باسم “العباسية”.

وبعد أن تولى حكم مصر إسماعيل ابن إبراهيم باشا أدرك مدى أهمية موقع حي العباسية بالنسبة لتسكين الجيش؛ وذلك لقربها من الصحراء حيث يتمكن الجنود من التدريب، وأنشأ بها مدرسة البيادة (المشاة)، ثم مدرسة السواري (الفرسان)، ثم مدرسة الطوبجية (المدفعية) ثم الهندسة الحربية، ثم مدرسة الري والعمارة.

كما قام الخديو إسماعيل بمد السكك الحديدية من القاهرة إلى العباسية، ثم من العباسية إلى منطقة القبة، وأنشأ فيها ميدانا لمسابقات الخيول، ثم تحولت العباسية إلى ميدان عام للرماية والاحتفالات الشعبية.

وارتبط حي العباسية بالثورة العرابية، التي وقعت أحداثها عام 1881م الموافق 1298هـ في عهد الخديو توفيق؛ ففي 18 فبراير 1879م الموافق 26 صفر 1296هـ اجتمع 600 ضابط في حي العباسية ثم خرجوا في مظاهرة عسكرية إلى شوارع القاهرة؛ احتجاجا على التدخل الأجنبي في البلادـ، وفي اليوم التالي نتيجة هذه الأحداث سقطت وزارة نوبار باشا، أول رئيس للوزراء في مصر الحديثة.

كما ارتبط الحي بمستشفى الأمراض العقلية، الذي أصبح مردافا للحي، ويرجع تاريخه إلى عهد الخديو إسماعيل؛ حيث أنشأ هذا المستشفى في جزء من السراي (الصفراء) التي أقامها الخديو إسماعيل، ثم احترقت هذه السراي، وأعاد بناءها الخديو توفيق، وعرفت باسم سراي المجاذيب.