fiogf49gjkf0d
كشفت دراسة أعدتها وزارة البترول، الأسباب الحقيقية، التى دفعت مصر إلى تصدير الغاز لإسرائيل، موضحة أن إسرائيل كانت تحصل على حصة من البترول المصرى منذ عام 1979، تنفيذاً لاتفاقيات كامب ديفيد، حيث كانت آبار الزيت تحت يد المحتل الإسرائيلى، ووقتها قال الرئيس الراحل محمد أنور السادات "أسترد آبار الزيت، مع ضمان بيع الفائض منه إليكم"، لكن آبار الزيت نضبت بعد ذلك، فاستبدل المهندس سامح فهمى وزير البترول السابق، البترول بالغاز عام 2008 بعد مفاوضات شاقة بدأها وزراء آخرون للبترول، واستكملها فهمى.

واجتهدت الدراسة لتأكيد أنه لم يتم ضرب الفلسطينيين بالغاز المصرى الذى تستورده إسرائيل، موضحة أن الزيت لا يستخدم فى تمويل الطائرات الحربية، لكنه يستخدم فى محطات الكهرباء الإسرائيلية، والتى تمول محطات الكهرباء الفلسطينية.

وحول تسعير الغاز، كشف مصدر مسئول بوزارة البترول، طلب عدم ذكر اسمه، أن عاطف عبيد أثناء توليه منصب رئيس الوزراء عام 2001 أرسل خطابا رسميا إلى وزارة البترول وقتها يطلب تحديد سعر المليون وحدة حرارية من الغاز بـ 75 سنتا، ووقع عقد التوريد عام 2005 فى عهد المهندس سامح فهمى بدولار للمليون وحدة حرارية بريطانية، وبدأ الضخ الفعلى فى يوليو من عالم 2008، وطلبت الحكومة المصرية تعديل الأسعار، بحيث يصل إلى 4 دولارات للمليون وحدة حرارية، وبدأ ذلك فعليا عام 2010، على أن يصل إلى 5 دولارات عام 2011، وتبيعه شرق المتوسط بـ 8 دولارات، يحصل قطاع البترول منها على 80% من 4 دولارات قيمة العمولة لصالح شركة غاز المتوسط.

وأكدت الدراسة أن المفاوضات بدأت مع إسرائيل عام 1998، فى عهد وزير البترول الأسبق حمدى البنبى، لكنها فشلت وتوقفت، ثم استؤنفت فى عهد الوزير السابق المهندس سامح فهمى الذى تولى منصب وزير البترول منذ أكتوبر عام 1999 إلى فبراير 2011، فيما بدأ ضخ الغاز عام 2008.

وأشارت إلى أن هيئة المساحة الجيولوجية قدرت احتياطى مصر من الغاز بـ 223 تريليون قدم مكعب، فى حين قدرت مؤسسة وود ماكنزى وهى إحدى المؤسسات العالمية، فى هذا المجال، احتياطى مصر بـ 72 تريليون قدم مكعب.

ووفقا للدراسة، فإن الغاز ظهر فى مصر بكثافة خلال تسعينيات القرن الماضى، وكانت الشركات الأجنبية صاحبة حق امتياز البحث عن الزيت، عندما تكتشف بئر غاز أثناء عمليات البحث تقوم بردمه أو إشعال الحريق فيه لعدم جدواه الاقتصادية بالنظر إلى عدم وجود وسائل لنقلة أو تصديره، وعدم وجود أنابيب لنقلة أو ووحدات إسالة له، مع العلم أن الغاز لا يتم تخزينه أى عندما يتم اكتشاف بئر من الغاز يتم تنميته واستخدامه على الفور على عكس الزيت الخام الذى يتم تخزينه.

ومن الناحية العلمية، أوضحت الدراسة أن الغاز الطبيعى يتم تسويقه قبل استخراجه لأنه لا يتم تخزينه، كما يتم نقله عن طريق أنابيب أو محطات إسالة، فضلاً عن أن عقود توريد الغاز قصيرة الأجل، ويتراوح مداها بين 6 و12 شهر، بعكس الزيت الخام "البترول" الذى يتم تخزينه أولا ثم تسويقه، وتتراوح مدة عقوده بين 15 و35 عاماً، ولابد من وجود أسواق قريبة من مصر حتى يتم خفض تكاليف الإنتاج وتحقيق الجدوى اقتصادية من تصديره، وإسرائيل من تلك الدول المستهدفة، حيث من مصلحتها الحصول على الغاز المصرى لقرب المسافة.

وقالت الدراسة إن مصر تمتلك وحدتين فقط للإسالة لارتفاع تكاليف إنشاء مصانع الإسالة، حيث تتراوح بين 2 و3 مليارات دولار، وكان لابد من إنشاء شركات تعمل فى نقل وتسويق الغاز، وشركات أخرى تبنى خطوط أنابيب لنقل الغاز مثل شركة غاز المتوسط لصاحبها حسين سالم، خاصة مع وجود اختلافات بين أنابيب البترول والغاز، حيث يتطلب فى أنابيب الغاز وجود تكنولوجيا متقدمة، حيث تمتد الأنابيب تحت المياه العميقة، وعجزت الحكومة المصرية وقتها عن إنشاء شركات لنقل وتسويق الغاز فاتجهت إلى الشركات الخاصة.

وتحدثت الدراسة عن طريقة تسعير الغاز قائلة "إن هناك عدداً من العوامل التى تؤثر على تسعير الغاز منها تكلفة الإنتاج، والاستثمارات المطلوبة لتصديره مسالاً عن طريق أنابيب الغاز، وتكلفة النقل، والمسافة بين نقطة التصدير ونقطة الاستلام، حيث تلعب المسافة بين نقطة التصدير ونقطة الاستلام دوراً حيوياً فى تكلفة النقل، وتتكلف مراكب التسييل والنقل مبالغ باهظة، كما أن عددها محدود فى العالم كله وتبلغ 20 مصنع تسييل فى العالم ومصر بها مصنعان، أحدهما فى دمياط والآخر فى إدكو.

كما تؤثر عوامل العرض والطلب على أسعار الغاز، فقطر مثلا تعد سادس مصدر للغاز فى العالم، حيث تمتلك نحو 920 تريليون قدم مكعب من الغاز وأسعار الغاز لديها منخفض لزيادة العرض عن الطلب، وكان لابد أن تخفض مصر من أسعار بيعها لمنافسة قطر، كما أن قطر عرضت مساعدات على إسرائيل لتزويدها بالغاز بعد تفجير خط الغاز الموصل إليها بالعريش، ولكن قطر لا تستطيع منافسة مصر فى ذلك لعدم امتلاكها وسائل لنقل الغاز أو مصانع إسالة، مما يضاعف من أسعارها مقارنة بمصر، والتى تتوافر لديها خطوط النقل، كما أن قطر إذا أرادت توصيل الغاز منها إلى إسرائيل لابد أن يمر من الأراضى السعودية أو السورية، وهو ما سترفضه الدولتان.

وقالت الدراسة إن هناك 4 مراحل هى التى تحدد تكلفة الإنتاج، وبالتالى تسعيره، ومنها تكلفة الإنتاج من البئر، ثم المعالجة، ونقله إلى محطة التوزيع بالعريش ونقله من خلال الأنابيب، ثم يتم توجيهه إلى عسقلان، أما أوروبا فمراحل نقله تصل إلى 7 مراحل، لذلك ترتفع أسعار تصديره عن الغاز المصرى، وهى نقله من البئر، ثم إلى محطات المعالج، ثم الإسالة، ثم تخزينه، ونقله بعد ذلك عن طريق المراكب، ثم تخزينه فى موانئ، وبعد ذلك يتم إعادة تحويله إلى الحالة الغازية تمهيدا لتوزيعه.

وعن أسباب عدم التعاقد مباشرة مع الحكومة المصرية لتصدير الغاز، أوضحت الدراسة أن التعاقد مباشرة مع الحكومة المصرية، يتطلب توافر مصانع لإسالة الغاز، ومد خطوط أنابيب تحت الأرض للغاز وتحت البحر أيضا، بما يتكلف مبالغ باهظة لا تستطيع الحكومة المصرية توفيرها، بالإضافة إلى قلة الخبرة المصرية فى نقل وتسويق الغاز عالميا، بما دفعها إلى البحث عن شركات أجنبية تدخل لنقل وتسويق الغاز المصرى مقابل عمولة.