أكد عمرو الجارحى، وزير المالية، أن الإقبال الكبير على المشاركة فى اكتتاب السندات الدولارية التى طرحتها مصر بالأسواق الدولية، بقيمة 4 مليارات دولار، والتى تمت تغطيتها 3 مرات، بعد تلقينا طلبات بقيمة 13.5 مليار دولار، يؤكد مدى الثقة فى مستقبل الاقتصاد المصرى، وأن دوائر الأعمال الدولية تلمس بالفعل جدية الحكومة والقيادة السياسية فى الإصلاح، واستمراره، وأن التجربة الآن تختلف عن تجارب الإصلاح السابقة، التى لم تكن شاملة لجميع جوانب الضعف التى يعانى منها الاقتصاد المصرى، لافتًا إلى أن القيادة السياسية تدعم جهود الإصلاح والمكاشفة بالمشكلات بقوة، سعيًا إلى مواجهتها وحلها بشكل جذرى|، بما فيها الضغوط الاجتماعية، ما سينعكس إيجابيًّا على جهود جذب الاستثمارات وتحقيق معدلات نمو مرتفعة فى السنوات المقبلة.
وقال وزير المالية، فى بيان صادر عنه، اليوم الأحد، أن هذا الاقبال الذى شهدته السندات الدولارية المصرية من مجتمع الأعمال الدولى، رسالة واضحة على مدى ثقة مجتمع الأعمال فى الإصلاحات المصرية، خاصة أن سندات 2017 جذبت 3 أضعاف عدد المستثمرين وصناديق الاستثمار التى شهدها طرح عام 2015.
جاء ذلك خلال المؤتمر الصحفى الذى عقده وزير المالية الدكتور عمرو الجارحى، بحضور الدكتور محمد معيط نائب الوزير لشؤون الخزانة، وأحمد كوجك، نائب الوزير للسياسات المالية، وعمرو المنير نائب الوزير للسياسات الضريبية، للإعلان عن تجربة الطرح المصرى الذى تم تسجيله فى بورصة لوكسمبورج.
وأشار الوزير، إلى أن إصدار سندات دولارية، بجانب اتفاق مصر مع صندوق النقد الدولى، والإجراءات الأخرى التى اتخذتها الدولة، سيسهم فى تغطية الفجوة التمويلية للعام المالى الحالى، وأيضًا فى تغطية جزء كبير من الفجوة التمويلية للعام المقبل 2017/ 2018.
وأضاف "الجارحى" أن خطة وزارة المالية كانت تستهدف طرح سندات بقيمة 2.5 مليار دولار فقط، وارتفعت إلى 4 مليارات بعد الإقبال الكبير والتنوع فى نوعية المستثمرين والأسواق، مشيدًا بفريق العمل الذى رافقه فى جولة الترويج، إذ ضم أحمد كوجك نائب وزير المالية للسياسات المالية، وسامى خلاف رئيس وحدة الدين العام بوزارة المالية، ورامى أبو النجا مساعد محافظ البنك المركزى، وامتدت الجولة من مدينة أبوظبى بالإمارات يوم 17 يناير الجارى، ثم إلى دبى ونيويورك ولوس أنجلوس وبوسطن، واختُتمت بلندن، إذ عقدنا اجتماعات ولقاءات مع أكثر من 120 مستثمرًا دوليًّا، معظمهم من صناديق وبنوك الاستثمار العالمية، إذ حرصنا على شرح تطورات الاقتصاد المصرى، وما تم من إصلاحات، والأهم عرضنا للتحديات التى نواجهها فى جو من المصارحة والشفافية.
وقال الوزير، إن الطرح شهد نجاحا أكبر من طرح سندات دولارية عام 2015، لأنه استند على تبنى مصر لبرنامج إصلاحى شامل ومتكامل على المستوى المالى والنقدى والهيكلى والاجتماعى، وبدأ تنفيذه بالفعل، وشمل إجراءات مثل إقرار قانون الضريبة على القيمة المضافة، التى سنوقع خلال أيام على لائحته التنفيذية، إلى جانب الاتفاق مع صندوق النقد الدولى، وأيضا اتخاذ البنك المركزى المصرى قرارا بتحرير أسعار الصرف لتعتمد على قوى السوق بشكل واضح وشفاف.
وأضاف وزير المالية، أن ثلاثة من مسؤولى البنوك العالمية الأربعة المسؤولة عن الترويج للسندات الدولارية مصريين وبذلوا جهدًا ملموسًا فى عملية الطرح التى جاءت بنتائج أعلى من التوقعات، سواء فى حجم الطرح أو سعر العائد المتميز الذى حصلت عليه مصر، لافتًا إلى أن اليومين الماضيين شهدا أول تداول فى البورصات العالمية لهذه السندات، إذ جاءت أسعار التداول بالقرب من أسعار الطرح الأولى، ما يؤكد نجاح الطرح وصحة التسعير.
وفيما يتصل بالتساؤل عن أوجه استخدام حصيلة السندات الدولارية، أشار أحمد كوجك، نائب وزير المالية للسياسات المالية، إلى أن الحصيلة ستوجه للبنك المركزى لدعم الاحتياطيات الدولارية، أما المقابل النقدى بالجنيه فسيوجه لتمويل أنشطة الموازنة العامة، لافتًا إلى أن هذه السندات الدولارية بمثابة آلية من آليات التمويل، وميزتها أنها تساعد الحكومة فى تنويع مصادر التمويل بدلا من الاقتصار على السوق المحلية فقط، بما يساعد على خفض التكلفة.
وقال الوزير، إن الطرح المصرى بالأسواق العالمية يعد الأكبر لدولة أفريقية خلال السنوات الخمس الماضية، وجذب 729 مستثمرًا دوليًا من جميع الأسواق المستهدفة ،وهى أوروبا وأمريكا وآسيا والشرق الأوسط، إذ تلقينا طلبات شراء بقيمة 13.5 مليار دولار، مقابل 230 مستثمرا فقط فى طرح 2015، كما تلقينا طلبات من 20 بنكًا استثماريا لشراء سندات بأرقام كبيرة وصلت لنحو 150 مليونا للطلب، كما أن 92% من المستثمرين من صناديق وبنوك استثمارية و8% فقط من صناديق معاشات، وهذا التنوع فى المستثمرين بالسندات المصرية يؤكد تغير نظرة مجتمع الأعمال الدولى لمستقبل الاقتصاد المصرى، خاصة أن شريحة كبيرة من هذا الطرح لمدة 30 عاما، وهو ما يعد بمثابة استثمار طويل الأجل فى الاقتصاد المصرى.
وقال "الجارحى" أن من المؤشرات الجيدة أيضًا للطرح الأخير، جذبه لمستثمرين خرجوا من السوق المصرية عام 2011، ومستثمرين دوليين لأول مرة يتعاملون فى السندات المصرية، وهى نوعية المستثمرين التى سنحرص على التواصل معها فى الفترة المقبلة، عبر شرح تطورات برنامج الإصلاح المصرى وما يتم من خطوات وإجراءات.
وحول أسباب الاتجاه للسندات الدولية، أكد "كوجك" نائب وزير المالية للسياسات المالية، أن هذه السندات لها ميزتان، الأولى أنها تغطى الفجوة التمويلية من الدولارات، وتغطى احتياجات الموازنة العامة، إلى جانب أنها تساعدنا فى إيجاد منحنى عائدًا بالأسواق الدولية، تسترشد به الشركات والبنوك المصرية الراغبة فى الحصول على تمويل من الخارج، وتعليقا على هذا أشار الوزير إلى أن هناك ميزة أخرى للسندات الدولارية، أن سعر العائد عليها أقل من أسعار الفائدة على السندات وأذون الخزانة التى تطرح محليًّا، وهى ميزة تساعد فى تخفيض تكلفة خدمة الدين العام خاصة مع تراجع المخاطر المرتبطة بسعر الصرف بعد تعويم الجنيه.
وحول تساؤل عن مدى ارتفاع سعر العائد على السندات الدولارية، والمقدر بنسبة 7.5%، مقابل سندات الدول المثيلة لمصر من حيث الوضع الاقتصادى ودرجة التصنيف، أكد "كوجك" أن السندات المصرية لمدة 10 سنوات تعد أقل من السندات التى طرحتها غانا بسعر 8.5%، على سبيل المثال كما أن سعر السندات المصرية لمدة 5 سنوات يماثل سعر السندات اللبنانية 6.1%، والنيجيرية 6.5%، لافتًا إلى أن هناك عوامل أخرى يجب أخذها فى الاعتبار، إلى جانب التصنيف الائتمانى للدولة مثل مدى التواجد فى الأسواق العالمية، وحجم الاقتصاد الكلى، والمشكلات التى تواجهها، وحجم الدين العام للناتج المحلى، إلى جانب حجم الطلبات المقدمة للاكتتاب فى السندات وقيمتها.
وردًا على سؤال حول التعديلات الضريبية المنتظر إدخالها على قانون الضرائب على الدخل فى الفترة المقبلة، أشار وزير المالية إلى أنها ستشمل التعديلات فى الحوافز التى يقررها مشروع قانون الاستثمار الجديد، إلى جانب تأجيل ضريبة الأرباح الرأسمالية بالبورصة لمدة 3 سنوات، وبعض الآليات التى ندرسها لتخفيف العبء الضريبى على المواطنين.
يذكر أن السندات الدولارية التى طرحتها مصر تعد الأولى والأكبر منذ يونيو 2015، كما أنها طرحت على 3 آجال متنوعة، وهى 5 سنوات بقيمة 1.75 مليار دولار وبعائد سنوى قدره 6.125%، و10 سنوات بقيمة مليار دولار وبعائد سنوى قدره 7.5%، و30 عاما بقيمة 1.25 مليار دولار وبعائد سنوى قدره 8.5%، وهذا التسعير جاء جيدا للاقتصاد المصرى، خاصة فى ظل التطورات التى تشهدها الأسواق الدولية من رفع أسعار الفائدة الأمريكية وارتفاع تكلفة الإصدار أمام الأسواق الناشئة.