منتصف العام الجاري 2016، شهد مجلس العموم البريطاني، جلسة استماع حول ملف الإسلام السياسي، وكان هناك وفد إخواني رفيع المستوى، يرأسه إبراهيم منير، الرجل الأقوى داخل التنظيم الدولي للإخوان، الذي ما زال يدير ملف التنظيم كاملا، إضافة إلى سيطرته على الجماعة بمصر بعد ثورة 30 يونيو 2013.

بعد انتهاء الجلسة حدث زلزال قوي داخل الإخوان، مازالت تبعاته قائمة حتى تاريخه، فحينما طلب أحد أعضاء مجلس العموم من الوفد الإخواني تبيان موقفهم من حرية الإلحاد والمثلية الجنسية “الشذوذ” جاء رد منير كالصاعقة التي نزلت على رءوس الإخوان، فقد قال الرجل كلاما خلاصته أن «كل إنسان حر فيما يفعله»، وأن الشريعة الإسلامية لا تطالبنا بتتبعهم، ماداموا لا يضرون بالأجواء العامة أو الدولة فهم أحرار فيما يفعلون. 

وبعد انتهاء جلسة الاستماع بمجلس العموم البريطاني تبارى قادة الإخوان والمقربون من إبراهيم منير في الدفاع عن الرجل ونفي ما تم تناقله في الجلسة، على الرغم من وجود فيديو “صوت وصورة” لما دار وردود منير بصوته، حتى أن أحد القيادات الوسطى في الجماعة برر كلام منير بقوله: “الكلام كان في دار كفر وليس بعد الكفر ذنب”!

منذ ذلك الوقت بدأت رحلة البحث والتحري، خاصة أن رجلا مثل إبراهيم منير محنك وخبير لا يخرج منه كلام وليد اللحظة أو غير مدروس ومؤسس له فقهيا، فالرجل حينما يتحدث يقصد كل كلمة يقولها، ويدرك أين تذهب وماهية نتائجها، ليس ذلك فحسب بل إن منير حينما يتحدث في مسائل فقهية لا يطلق الكلام على عواهنه، لكنه دومًا ما يستند لدراسات وقواعد فقهية يعتقد بصحتها.

ما يقرب من 6 أشهر قضيناها في التنقيب والبحث عن الأسس والقواعد الفقهية التي استند إليها منير في حديثه أمام مجلس العموم البريطاني، ولكن كانت هناك فضيحة أخرى في انتظارنا أثناء هذا البحث، ففي أغسطس 2016 هزت فضيحة أخلاقية كبرى حركة “التوحيد والإصلاح” المغربية –إخوان- الجناح الدعوي لحزب العدالة والتنمية الحاكم، على خلفية ضبط أحد قيادتها البارزة في وضع مخل داخل سيارة مع سيدة عضوة بالحركة.

وكان الأمن المغربى، قام بضبط القيادي في حركة التوحيد والإصلاح “مولاي عمر بن حماد” داخل سيارة خلال ممارسة أعمال منافية للآداب مع سيدة بشاطئ المنصورية، اتضح فيما بعد أنها “فاطمة النجار” القيادية البارزة في الحركة التي بررت فيما بعد ما حدث أنها لم تكن تمارس الجنس لكنها كانت تساعده على الاستمناء!

وقتها كشف الصحفى المغربي إبراهيم الصافي، في تصريحات خاصة لـ”فيتو” عن سقطة أخلاقية جديدة لمنصور الذي يرتدي قناع العفة لتبرير الدفاع عن جماعة الإخوان الإرهابية، وأكد المصدر أنه على هامش إحدى زيارات مذيع الجزيرة للمغرب خلال شهر أغسطس عام 2012، وأقام حينها بفندق سوفيتيل بالرباط ما بين 17 و22، عقد زواجًا عرفيًا على إحدى فتيات حزب “العدالة والتنمية” الحاكم تدعى كريمة فريطس، وتعمل بمديرية الضرائب.

وأكد الصافى أن تفاصيل الواقعة الكاملة التي نشرها موقع “برلمان. كوم” المغربي موثقة بالمستندات، وأن المثير في هذا الزواج العرفي أنه تم بحضور بعض قيادات حزب “العدالة والتنمية”، الذراع السياسية لجماعة الإخوان في المغرب، وعلى رأسهم عضو الأمانة العامة لهذا الحزب عبد العالي حامي الدين.


إذن فالمسألة ليست متعلقة بالشذوذ، لكن فيما يبدو أن هناك هوسا جنسيا شديدا يتحكم في رغبات قادة هذه الجماعة، تعقدت عملية البحث كثيرا، فبدلا من البحث عما استند إليه إبراهيم منير في إباحته -على استحياء- للشذوذ، بات علينا التنقيب وراء هذا الهوس الجنسي الشديد الذي يتحكم في قادة الجماعة.

في عام 2001 شهدت أروقة محكمة مصر الجديدة قضية فريدة من نوعها، حيث أقامت السيدة ”ر.ا.م” دعوى قضائية ضد قيادى إخوانى كبير، وكان من كبار المسئولين عن إدارة ملف النقابات المهنية داخل الجماعة، اتهمته فيها بالتغرير بها بمظهره المتدين وإقناعها بالزواج بعقد زواج مدنى غير شرعى عليه شاهد واحد، وأنها علمت بعد ذلك أن هذا العقد غير شرعى فهو بشاهد واحد ودون ولى ولا يتوافر فيه الإشهار، وبعدها تم التصالح بعدما قام القيادى الشهير بتعويض السيدة.

الفرج
بعد ما يقرب من 6 أشهر بدأت الخيوط تنكشف شيئا فشيئا حتى حصلت “فيتو” على عدة وثائق حول التأصيل الفقهى للعلاقات الجنسية من وجهة نظر الإخوان، والأهم من كل ذلك دراسة فقهية في منتهى الخطورة أعدها الدكتور مجدى شلش وكان يعمل أستاذا للتفسير في جامعة الأزهر، وهو قيادى بالهيئة الإدارية العليا للإخوان، ومنذ فض رابعة نصب “شلش” مفتيًا للجماعة، بعد القبض على الدكتور عبدالرحمن البر، مفتى الجماعة السابق، وفرض “شلش” نفسه مفتيًا رغم عدم الإجماع عليه. 
ويعتمد مجدى شلش في إقناع قيادات الجماعة بتوليه منصب المفتى على أنه أستاذ فقه أزهري، ولديه دراية بعلوم الدين ما يساعده في إيجاد النصوص الدينية.

وكان شلش مقربًا من محمد كمال، زعيم التيار المتمرد داخل الإخوان، والذي قتل من قبل قوات الشرطة عقب تبادل إطلاق نار، وكان قائمًا على الشئون الإدارية والتخطيط، وكانت قوت الأمن قد أعلنت القبض على شلش في 16 فبراير 2014 داخل منزله بمنطقة الخانكة، وأفرج عنه في وقت لاحق، ليهرب بعدها إلى خارج مصر متنقلا بين عدة دول.

الوثيقة
بعد خروجه من السجن أعد “شلش” دراسة فقهية حملت عنوان “رسالة من الإخوان إلى الإخوة المجاهدين في مصر وسوريا وليبيا والعراق وباقى البقاع”، وهى كارثة بكل المقاييس فكل شيء يتعلق بالجنس فيها مباح، حتى وإن كان مشروطًا.

السؤال الآن: ما هي حكاية تلك الوثيقة المنسوبة لـ”شلش”؟
نأتى للإجابات..
شرع مجدى شلش في كتابة هذه الدراسة بعد خروجه من السجن، بعد أن وصلت إليه بعض الشكاوى من جانب شباب الإخوان المسجونين، خاصة بتأزمهم من غياب العلاقة الجنسية، وسؤال عن الأحكام الشرعية فيما يخص المثلية الجنسية، خاصة أنه داخل السجن كان قد رخص للشباب القيام بعمل قوم لوط دون الكبار، وقال إن الكبار عاشوا حياة جنسية قبل سجنهم، لكن الشباب مازالوا في فورتهم، ولديهم رغبة جنسية كبيرة وجامحة، والصوم لا يستطيع أن يقضى على تلك الشهوة، وأنه لا يجوز للمسلم أن “يخصى نفسه” أو يتبتل لأنها غريزة وضعها الله في الإنسان.

وأخبرهم وقتها أن الفقهاء اتفقوا أن المثلية الجنسية عمل لا حد له، ورخصة لهم على أن يكون مشروطا بمدة زمنية بعيدة بين المرة والأخرى. 
بعد خروجه من السجن تيقن شلش أن عليه إعداد دراسة فقهية مستفيضة تجيب عن كل الأسئلة من شاكلة المثلية الجنسية، وبعد خروجه من السجن بأيام قليلة زاره بعض أمراء الجماعة الإسلامية، وبعض المنتمين للتيار السلفي، وبعض أتباعه من قادة الإخوان لمباركة خروجه من السجن.

وأثناء الزيارة فتح شلش معهم نقاشا موسعا حول ما طرحه الشباب عليه أثناء وجوده في السجن، فزادوه بأن هناك أمورا أخرى في هذا الشأن بالنسبة للمجاهدين في سيناء وليبيا وسوريا والعراق، وهى خاصة بانقطاع حياتهم الجنسية، وعدم تمكنهم من التمتع بالنساء. 
تبادل الحضور الآراء وقتها عن زواج المتعة، وزواج الهبة، وملك اليمين، وقال لهم شلش: لعل الله لم يشرع لنا زواج المتعة والهبة وملك اليمين إلا من أجل الحالات التي يعيش فيها المجاهدون في بقاع الأرض، وبالتالى فهذه الأشياء لا تصلح إلا للمجاهدين دون غيرهم هم ومن انقطعت بهم السبل عن أهلهم، وهذا استثنائى لا يقاس عليه ما استقر عليه الفقهاء في الأصل العام.

وقال لهم أثناء مناقشة مستفيضة: الأصل العام يصلح للحياة المدنية العادية المستقرة، أما دار الحرب فلها فقهها الخاص بها، فسيدنا عمر بن الخطاب في حياته المدنية العادية حينما وجد النساء يشتكين من غياب أزواجهن الذين خرجوا في الفتوحات الإسلامية أراد أن تستقر الحياة المدنية فكان لا يرخص للجنود بالغياب عن زوجاتهم أكثر من 6 أشهر، فيأمر بإعادة الجندى ليقضى مع زوجته وقتا ثم يعود لجيشه مرة أخرى، وكان عبدالله بن عباس يبيح زواج المتعة في كل الأحوال للمجاهد والقاعد، ولا يعقل أن يكون عبدالله بن عباس أباح زواج المتعة، وأن يكون الرسول قد حرمها من قبل.

وقال لهم إن الأحاديث التي تتحدث عن تحريم الرسول زواج المتعة بعدما أباحها هي أحاديث ضعيفة، وأن التحريم لم يعرف إلا في نهاية عهد سيدنا عمر بن الخطاب الذي قال في آخر عهده “متعتان كان يحللهما الرسول وأنا أحرمهما” وكان منهما زواج المتعة.

تحدث شلش بعد ذلك عن أن ملك اليمين لم يصدر بشأنها إلغاء شرعى من الله سبحانه وتعالى، وأنه لا يجوز بعدما أحلها الله أن يلغيها بشر، وأن ملك اليمين ومسالة الاسترقاق مرتبطة بالجهاد، فإذا كانت فريضة الجهاد قد عطلها الحكام فإن قيادات العمل الإسلامى في العالم قد فتحت أبواب الجهاد من جديد، وتكونت جيوش إسلامية في سيناء والعراق وسوريا وليبيا، ولهذه الجيوش أن تمارس ما أحله الله لنا من استرقاق للرجال والغلمان والنساء، ووفقا للشرع يجوز لأمير الجيش أن يوزع السبايا على المجاهدين، وللمجاهد مهما كان عدد السبايا التي تحت يده أن يستمتع بهن، بشرط أن يبرأ رحم كل واحدة منهن، بمعنى أنه لا يستطيع أن يستمتع إلا بعد أن تحيض.

انتهت الجلسة التي انعقدت دون ترتيب في منزل مجدى شلش، بعدما طلب الحضور من شلش أن يعد بحثًا فقهيًا لهذا الموضوع، على أن يتم توجيهه كرسالة لكل المجاهدين في الأرض الذين يجاهدون ضد دولة الكفر أو يعيشون في دار حرب. 
وبالفعل أعد شلش الدراسة الفقهية وأرسلها إلى قيادات الجيش الإسلامى من الدواعش وبيت المقدس في سيناء وإلى أبى بكر البغدادى في العراق واتباعه في سوريا وليبيا وإلى أيمن الظواهرى في أفغانستان.

وجاء الرد سريعًا من البغدادى بأن الفقهاء الذين معه أعدوا له أبحاثًا شبيهة إلا أنه أبدى اعتراضه على الجزئية الخاصة بعمل قوم لوط وإباحتها، وقال إنه لا يرى في الترخيص بذلك، لأن الاسير الذي يقبع في سجون دولة الكفر يستطيع أن يفرغ طاقته الجنسية بالاستمناء، أما المجاهدون في دار الحرب فيمكنهم التمتع بالسبايا.

في حين رد الظواهرى بأن هناك بحثا مطولا في هذا الشأن من الدكتور عبدالله عزام، وهذا البحث متداول بين أيدى المجاهدين في أفغانستان منذ الثمانينيات، أما بخصوص ترخيص عمل قوم لوط فقال الظواهرى إنه يوافق عليه لكن للضرورة القصوى فقط، وأنه لا ينبغى أن يكون للشباب فقط، وأن يكون مرة واحدة كل 6 أشهر، قياسا على ما قام به سيدنا عمر بن الخطاب باستدعائه للرجال من الجيش لمعاشرة زوجاتهم، ورأى أنه لابد من تعديل البحث ليتم النص فيه أنه للشباب دون الكبار، ومرة كل 6 أشهر وللضرورة فقط إذا لم يصلح الاستمناء أو تفريغ الطاقة عن طريق الصوم والذكر.

موقف الإخوان في السجون
تمكن شلش من تهريب بحثه داخل السجون، ليطلع عليه قادة الإخوان، ووصل إلى الدكتور محمد بديع، المرشد العام للجماعة، الذي رأى أنه لا ينبغى تداول هذا البحث ورقيا داخل السجون، ويتم تداوله شفهيا حتى لا يقع في أيدى الأمن، وأبدى بديع اعتراضه على الترخيص بعمل قوم لوط، وقال إنه لا ضرورة لذلك خاصة مع قدرة الشباب على الاستمناء وهى مباحة.