خبراء: الهبوط يزيد فرص الاستثمارات العربية بالسوق الأوروبى
انخفاض اليورو ينعش الأسواق العربية بالمنتجات الأوروبية ذات الجودة العالية
بالرغم مما يعانيه السوق الأوروبى "دول منطقة اليورو" - منذ ما يقرب من عامين - من تراجع فى قيمة اليورو مقابل الدولار، بدءا من انخفاض الناتج المحلى لدول المنطقة خاصة ألمانيا – من أهم دول الاتحاد الأوروبى- فى عام 2014، مرورا بخروج بريطانيا مؤخرا من الاتحاد، نهاية إلى استفتاء إيطاليا الأخير الذى هزم فيه رئيس الوزراء الإيطالى وهو ما أثر على الأوضاع السياسية والاقتصادية والتى تسببت أيضا فى تراجع قيمة اليورو تراجعا جديدا.
ويعد استمرار اليورو فى التراجع سواء أمام الدولار أو العملات العربية، خطرا يهدد السوق الأوروبى واقتصاديات دول المنطقة حاليا، إلا أن ذلك يحمل فى طياته العديد من المزايا الإيجابية لاقتصاديات الدول العربية، خاصة دول الخليج ذات الفائض المالى، وهو ما أوضحه الدكتور فخرى الفقى أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة ومساعد المدير التنفيذى السابق بصندوق النقد الدولى، قائلا: "إن انخفاض قيمة اليورو بشكل عام وبالتالى تراجعه أمام العملات العربية له أثاره الإيجابية على معظم الاقتصاد العربى خاصة اقتصاديات دول الخليج، حيث سيساهم فى تخفيض إجمالى قيمة الواردات لهذه الدول بعد قيامها باستيراد المنتجات الأوروبية بتكلفة أقل".
وأضاف الفقى: "بالنسبة للصادرات فى الدول الخليجية فلن تتأثر بتراجع اليورو، خاصة أن صادرات هذه الدول تعتمد على المنتجات البترولية والنفط والتى يتم التعامل بها بالعملة العالمية الأولى والأكثر تداولا (الدولار)"، لافتا إلى أن التأثير السلبى الوحيد لانخفاض اليورو يختص بصادرات الدول العربية النامية، خاصة أن السوق الأوروبى يعتبر هو الشريك التجارى الأول للدول العربية، وهو ما سيؤدى إلى انخفاض إجمالى قيمة الصادرات للسوق الأوروبى بعد تراجع قيمة اليورو، إلا إذا تم تفادى ذلك من خلال إبرام اتفاقيات تصدير المنتجات العربية للدول الأوروبية بعملة الدولار وليس اليورو.
وأوضح الدكتور فخرى الفقى أنه على مستوى الاستثمارات الأوروبية لن يتأثر بانخفاض عملة اليورو بها سوى الدول النامية أيضا، خاصة أن المستثمر الأوروبى يختار الدول الأقل فى معدلات التضخم، وهذا ما تعانى منه الدول العربية النامية بجانب المشاكل الاقتصادية الأخرى وعدم الاستقرار السياسى، لذلك قدرتها التنافسية مع باقى الدول العربية ذات الفائض المالى ستكون أقل، مشيرا إلى أن 40% من حجم التجارة العالمية يتم بعملة الدولار لذلك انخفاض قيمة اليورو لن تكن تأثيراته سواء السلبية أو الإيجابية كبيرة على الاقتصاديات العربية، خاصة أن معظم التعاملات الخارجية لهذه الدول تتم بعملة الدولار.
واتفق الدكتور إيهاب الدسوقى أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية، مع الرأى السابق، قائلا: "إنه بالرغم من أن عملة اليورو ثانى أكبر العملات العالمية، إلا أن تراجع قيمتها لن يؤثر بشكل كبير على اقتصاديات الدول العربية، خاصة أن معظم التعاملات العالمية سواء الصادرات أو الواردات تتم بالدولار باعتباره العملة العالمية الأولى والرئيسية فى السوق العالمى".
وأضاف الدسوقى أنه إذا كان هناك تأثير لتراجع قيمة اليورو الأوروبى، فسيكون تأثيرا إيجابيا على اقتصاد الدول العربية، يتمثل فى انخفاض قيمة فاتورة واردات الدولة العربية، خاصة دول الخليج والتى تعتبر دول ذات طبيعة استهلاكية للمنتجات المستوردة، كما سيساعد على إنعاش الأسواق العربية بالسلع الأوروبية والألمانية ذات الجودة العالية، علاوة على خفض قيمة الديون العربية المقيمة باليورو، وفتح المجال لزيادة حجم الاستثمارات العربية داخل الأسواق الأوروبية، بعد أن أصبحت تكلفة تنفيذ هذه الاستثمارات أقل حاليا بسبب تراجع قيمة اليورو.
وأشار الدكتور إيهاب الدسوقى إلى أنه بالنسبة للعائد من الاستثمارات العربية داخل السوق الأوروبى لن يتأثر كثيرا بتراجع اليورو، ولن تقل قيمة المكاسب المحققة من هذه الاستثمارات، خاصة إذا كانت استثمارات طويلة الأجل، كما أن تراجع اليورو لا يعتبر تراجعا حادا يؤدى لخسائر، قائلا: "إن عملة اليورو لن تستمر فى الانخفاض طوال الوقت، وإنما ستتجه لمزيد من الارتفاع خلال الفترة القادمة، فور استقرار الأوضاع السياسية الحاصلة حاليا فى بعض دول منطقة اليورو والتى تسببت فى تراجع العملة الأوروبية".
وتجدر الإشارة إلى أن انخفاض قيمة اليورو بدأ منذ ما يقرب من عامين بعد أن انكمش الناتج المحلى لعدد كبير من دول منطقة اليورو الأوروبى على رأسها دولة ألمانيا فى الربع الثانى من عام 2014، إضافة إلى لجوء عدد كبير من المستثمرين الأوروبيين على مدار العامين الماضيين لبيع اليورو وشراء الدولار باعتباره ملاذا أمنا بشكل أكبر من عملة اليورو الأوروبى.
وتفاقمت أزمة انخفاض اليورو بشكل أكبر فى الشهور الأخيرة الماضية، بداية من خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، نهاية إلى هزيمة رئيس الوزراء الإيطالى ماتيو رينزى فى الاستفتاء الدستورى، والتى تسببت فى فوضى سياسية واقتصادية أيضا، ساهمت فى تراجع قيمة اليورو مرة جديدة، خاصة أن هزيمته يترتب عليها حدوث انتخابات مبكرة للأحزاب المرشحة والتى تعهدت بعمل استفتاء حول بقاء ايطاليا فى الاتحاد الأوروبى أم لا، فى حال وصول أيا منهم للسلطة.