كشف معهد ستراتفور الأمريكي للمعلومات المخابراتية عن اندلاع خلافات في الهرم القيادي الإيراني .
حيث اشتعلت أزمة بين المرشد الأعلي للثورة الإسلامية في إيران آية الله علي خامنئي ورئيس الجمهورية محمود أحمدي نجاد بشأن المؤسسة الأمنية . وفي تأكيد سريع لما وصل إليه المعهد الأمريكي من نتائج, صرح خامنئي مساء أمس الأول بأن من حقه التدخل في شئون حكومة نجاد.
وفيما يتعلق بالدراسة التي أعدها معهد ستراتفور, فقد أوضح البحث الذي أعلنت نتائجه أمس أنه وعلي الرغم من أنها ليست المرة الأولي التي يختلف فيها خامنئي وابنه الروحي نجاد بشأن بعض السياسات, فإن طبيعة الخلاف هذه المرة بلغت من الجدية والخطورة ما يفوق أي خلاف سبق ووقع بينهما.
وظهر الخلاف بين المرشد والإبن الروحي للعلن في20 من الشهر الحالي عندما طلب نواب في مجلس الشوري- البرلمان- من نجاد الالتزام بتنفيذ الأمر الصادر عن خامنئي بإعادة تعيين وزير الأمن والمخابرات حيدر مصلحي في منصبه بعد استقالته بسبب خلاف نشأ بين الأخير ونجاد. وسارع خامنئي للدخول علي خط الأزمة ورفض استقالة مصلحي وطلب منه مواصلة مهامه المعتادة, حيث تؤكد المعلومات الواردة من طهران أن الوزير يداوم في مكتبه بشكل روتيني, في الوقت الذي يرفض الرئيس أحمدي نجاد التعامل معه كوزير علي رأس عمله.
وأشار المعهد الأمريكي إلي أن أسباب الخلاف الحالي تعود بالدرجة الأولي إلي عزم المرشد الأعلي للثورة الإيرانية- وهو الحاكم الفعلي للبلاد- إدخال تعديلات علي المؤسسة الأمنية وتحويلها إلي مؤسسة خارج دائرة السلطة التنفيذية, مما سيؤدي إلي تداعيات ليس علي تمركز أدوات السلطة بيد نجاد وحسب بل علي القدرات المستقبلية لهذه المؤسسة.
وأضاف المعهد أن خامنئي يريد تحويل وزارة الأمن إلي هيئة لا تتبع قانونيا السلطة التنفيذية التي يقودها الرئيس, وبالتالي سيتعين علي رئيس الهيئة الجديدة أن يقدم تقاريره للمرشد حصرا دون المرور بنجاد, وهي خطوة وفقا للدراسة الأمريكية- تعكس بشكل صريح رغبة خامنئي في السيطرة علي أقوي الأجهزة الأمنية في البلاد من خلال الإمساك بكافة مفاصلها والعمل علي منع الخلافات بين قادتها.
وأوضح معهد ستراتفور أن التعديل الذي يريد خامنئي إدخاله علي المؤسسة الأمنية لا يقتصر علي وزارة الأمن فقط, بل يتعداها إلي إدارة المخابرات الخاصة لواحدة من أهم المؤسسات العسكرية النخبوية وهي الحرس الثوري الإيراني التي تتبع المرشد شخصيا وتحولت في السنوات الأخيرة إلي سلطة مستقلة بحد ذاتها يمكن القول عنها إنها دولة داخل الدولة.
وأشارت الدراسة الأمريكية إلي أن هذه المؤسسة الأمنية استغلت الصراع الدائر في أروقة السلطة لتعزيز موقعها عبر استغلال مواقف وتحركات نجاد نفسه, خاصة أن رئيس دائرة مخابرات الحرس الثوري الإيراني حسين طائب- وهو رجل دين عينه خامنئي- كان علي تنافس دائم مع مصلحي بشأن الموارد والصلاحيات الممنوحة لجهازه الأمني.
في هذه الأثناء, تصاعدت حدة الخلاف بين خامنئي ونجاد بسبب أزمة منصب وزير المخابرات, فحذر المرشد من انتشار الخلافات داخل القيادة الإيرانية. وأكد خامنئي في كلمة تليفزيونية أنه قد يتدخل مرة أخري في شئون الحكومة فيما يخص قضية وزير المخابرات, قائلا إنه يدعم وزير المخابرات ولا يسمح لأي شخص بالتدخل في هذا الجهاز الأمني.
وأوضحت وكالة أسوشيتد برس أن الخلاف بشأن مصلحي يثير تكهنات جديدة بأن نجاد وحلفاءه يحاولون كسب المزيد من الصلاحيات وتحدي المرشد الأعلي, معتبرة أن خطاب خامنئي الذي تم بثه علي نطاق واسع, يعد تحذيرا جديدا لنجاد بعدم تحدي رغبات السلطة الدينية.
جاء ذلك بينما حذر بيان وقع عليه216 عضوا بالبرلمان- أي أكثر من ثلثي البرلمان المؤلف من290 مقعدا- نجاد من أنه لا يمكنه تجاهل خامنئي الذي يملك الكلمة الأخيرة في جميع شئون الدولة. وطالب النواب في بيان نجاد بإطاعة المرشد في إعادته.