كتبت - سمر مدحت:‏
 
بالرغم من العلاقة الجيدة التي تجمع أمريكا والمملكة العربية السعودية، إلا أن وسائل ‏إعلام واشنطن دومًا ما يكون لها رأيًا آخر، بعدما تعمدت خلال الفترة الأخيرة إثارة غضب المملكة في أكثر من واقعة وقضية، مع التوتر الكبير الذي نشب بينهم على خلفية قانون "جاستا" الأمريكي.‏
 
‏"النساء أولًا"‏
بهذه الكلمات، عنونت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية فيلمًا وثائقيًا جديدًا من إنتاجها، تحدثت فيه عن ‏وضع المرأة في السعودية، أو بالأحرى سخرت منه، ما آثار ردود أفعال سعودية واسعة، واعتبره ‏كثيرون بمثابة ضغط دولي، ومحاولة لتشويه صورة المملكة ونسائها.‏
 
الغضب من الفيلم تفاقم، بسبب تناوله حياة عدد من السعوديات وطرقه إلي تعايشهن مع العادات الاجتماعية ‏الخاصة في الرياض، ومشاركة بعض الناشطات الحقوقيات الأمريكيات والسعوديات و‏المرشحات للانتخابات البلدية التي عقدت أواخر عام 2015، في الفيلم إضافة إلى عدد من المرشحين ‏السعوديين.‏
 
الغريب أيضًا أن أحداث الفيلم تم تصويرها في الرياض، وتناول الأحداث التي وقعت خلال ديسمبر ‏‏2015 عندما كانت المرأة السعودية تشارك للمرة الأولى في الترشح للانتخابات البلدية، ورصد الفيلم عن ‏قرب تجربة المرشحة "فادية الخضراء"، واستعرض الخطوات التي اتبعتها للفوز في تلك الانتخابات.‏
 
وتطرق الفيلم لمعاناة المرشحات في التنقل، بسبب ‏حظر قيادة المرأة السيارة في السعودية، مدعيًا أن المجتمع السعودي ليس ملتزمًا ولكن مجبرًا على الالتزام ‏ويمارس جرائم ضد النساء.‏
 
وتوقف الفيلم عند الناشطة الحقوقية السعودية "لجين الهذلول" التي مُنعت من الترشح في تلك الانتخابات، ‏وصرحت لمنتجي الفيلم بأن منعها كان من قبل جهات حكومية مجهولة، بسبب قيادتها السيارة على الحدود ‏السعودية.‏
‎ 
وفي المقابل، بعض السعوديين قرروا الرد بحملة معاكسة، مدشنين هاشتاج يتضامن مع المرأة الأمريكية المظلومة، ‏بعنوان: "جرائم أمريكا ضد المرأة"، واستعرضوا فيه مقاطع فيديو تظهر العنف ضد النساء في واشنطن، ‏إضافة إلى العنصرية ضد السود والبيض‎.‎
 
‏"استطلاع رأي"‏
ويبدو أن "تايمز" تتعمد خلال الفترة الأخيرة على إثارة غضب المملكة، فلم يكن الفيلم وحده هو مبعث ‏الغضب، فقد نشرت الصحيفة، خلال أكتوبر الماضي، استطلاعًا للرأي يستهدف السعوديات تحديدًا، ‏وآرائهم في المجتمع السعودي، ما آثار غضب الكثيرون واعتبروه تضليل إعلامي بهدف إثارة للفتنة ‏وتشويه المملكة.‏
 
‏"دعم داعش"
قبلها بأيام، كانت الواقعة الأكثر جدلًا من قبل وسائل الإعلام الأمريكية، حين ذكرت قناة "إية بي سي" ‏الأمريكية، قلق واشنطن من تزايد عدد عربات "تويوتا" في قبضة تنظيم"داعش"، وربطت بين شكوك ‏إدارتها وبيان الشركة المصنعة، الذي أكد أن هناك 4 دول عربية ابتاعت كميات كبيرة من السيارة خلال ‏الفترة الأخيرة ومن بينهم السعودية.‏
 
وفي تقرير مصور للقناة ذاتها، طالب مسئولو مكافحة الإرهاب الأمريكيون من شركة "تويوتا" مساعدتهم ‏في الكشف عن المصدر الذي يحصل منه "داعش" على السيارات، واتهموا وقتها الرياض بأنها تقوم بدعم ‏التنظيم بالسيارات والأسلحة من أجل القضاء على الرئيس السوري بشار الأسد في الخفاء.‏‎ 
‎ 
‏"التطرف والوهابية"‏
ولم تنته إلى هنا معارك تكسير العظام بين إعلام واشنطن والسعودية، الذي يشن كل فترة حملات غير ‏مبررة عليها، وهو ما ظهر في الهجوم العنيف الذي شنته صحيفة "أسوشيتد برس"، في أكتوبر الماضي، ‏وحملتها مسؤولية انتشار الوهابية والتطرف في جمهورية "كوسوفو".‏
 
وقالت الصحيفة في هجومها: "سياسة السعودية أصابت أمريكا بالإحباط، ظاهريًا تُعتبر حليفًأ حاسمًا، ‏ومحمية من أعدائها بالمساعدات والأسلحة الأمريكية، لكنها أنفقت الملايين من الدولارات لتعزيز ‏الوهابية، وهي شكل من أشكال الإسلام المتشدد".‏
 
كذلك فإن "برس" كان لها الأسبقية في اتهام الرياض بتدبير أحداث 11 سبتمبر، وظهور تنظيم "داعش"، ‏ما أدى إلى اشتعال غضب سعوديين ورفضهم للهجومه، وأعربت خارجيتها وقتها عن أنها اتهامات لا ‏تستند على حقائق مثبتة، لأن السعودية هي المتضرر الأكبر من تنظيم "داعش".‏
 
وليس ذلك فحسب، بل صبت المملكة غضبها على صمت الإعلام الأمريكي عن مجازر إيران في سوريا، ‏وأن عقيدة الرئيس الأمريكي باراك أوباما تحاول خلع مجازر الملالي بنشر مصطلح الوهابية الوهمي؛ ‏للتغاضي عن تلك الجرائم التي ترتكبها طهران، كما دشن نشطاء سعوديون هاشتاج: "لا صلة للسعودية ‏بالإرهاب"، عبروا فيه عن رفضهم وغضبهم من الهجوم.‏‎ 
‎ 
‏"وقف العدوان"‏
وحين أعلنت السعودية وقف الأعمال العدائية في اليمن لفترة محددة، كان منوطًا بالإعلام الأمريكي أن ‏يرحب، إلا أن النقيض هو ما حدث، حيث اشعلت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، نيران الغضب ‏السعودية حين زعمت أن المملكة أوقفت الحرب في اليمن بضغط من الرئيس الأمريكي.‏
 
وربطت بين القرار والمقابلة التي أجراها الأمريكي مع قناة "إم أس إن بي سي" في وقت سابق قال خلاله: "أعداد كبيرة من ‏السكان داخل اليمن تعاني من شدة القصف وتدمير المنشآت، وما يتعين علينا فعله هو جمع كافة الأطراف ‏معًا والتوصل لحل سياسي".‏
 
وأدعت القناة في التقرير أن القرار جاء في أعقاب ضغوط وآوامر مارستها ووجهتها إدارة أوباما على ‏السعوديين والدول العربية الأخرى لإنهاء الغارات الجوية التي فشلت في تحقيق أهدافها، وخرجت وقتها المملكة تندد بذلك الأمر وتؤكد أن قرارها لم يكن تبيعة لأحد.‏
 
‏"الطيران السعودي"‏
ومؤخرًا، سخرت صحيفة "نيوزويك" في مقال بقلم الكاتب "جيف شتاين" من القدرات العسكرية ‏السعودية، جاء فيه أن الفنيين الغربيين في قاعدة الظهران الجوية تداولوا نكتة مفادها أن الطائرة الوحيدة ‏التي يمكن للسعوديين الطيران بها في الهواء من تلقاء أنفسهم، هي نموذج أو تمثال لطائرة "تورنادو" ‏البريطانية، مثبت على قاعدة، بدعوى أنهم لا يملكون طيران جيد.‏
 إعلام "واشنطن" يسخر من جرائم المملكة ضد النساء بفيلم جديد.. ‏‏"تايمز" اتهمتها بدعم "داعش".. و"فورين بوليسي" فجرت أكبر أزمة بينهما