صدمة اقتصادية جديدة تلقاها العالم العربى، بوفاة رجل الأعمال الكويتى ناصر الخرافى.. فالمعروف عنه أنه أحد كبار المستثمرين فى العالم العربى فدائما ما أكد أن رأسمال العرب للعرب، لكن مصر تعتبر نفسها اكبر الخاسرين من وفاة هذا الرجل ، فقد حظيت بالنصيب الأكبر من استثمارات مجموعة شركات الخرافى على مدار 30 عاما مضت فى جميع المجالات خاصة الصناعات الثقيلة والغذائية وغيرها.

الخرافى رجل أعمال كويتى ورئيس مجموعة الخرافى، ولد عام 1944م وهو نجل محمد عبد المحسن الخرافى مؤسس "مجموعة الخرافي" وأحد مؤسسى "بنك الكويت الوطنى" ، وصنفته "مجلة فوربس" العالمية ضمن قائمة أغنى أغنياء العالم لعام 2008م بثروة بلغت 14 مليار دولار، متقدما ستة مراتب عن عام 2007م، فقد حقق الخرافى العديد من الانجازات والمساهمات فى مجال الاقتصاد والأعمال والمجتمع على المستويين العربى والعالمى.

وتعتبر مجموعة شركات ناصر الخرافى من أكبر الشركات فى العالم العربي، وتم إطلاقها فى عام 1976م كشركة وطنية للأشغال الهندسية والكهربائية، وتحولت -بعد أن تنوع نشاطها- إلى مؤسسة ذات سمعة عالمية فى مجالات الهندسة، والمقاولات، والصيانة، وأعمال النفط والمياه، والكيماويات، والطاقة، ويبلغ عدد العاملين بالمجموعة أكثر من 70 ألف موظف من جنسيات عربية مختلفة.

ومن أشهر استثمارات الخرافى شركة "أمريكانا" المنتشرة فروعها فى جميع أنحاء الوطن العربي، وهى تعنى بالصناعات الغذائية باستخدام موارد زراعية محلية، وتقدر مبيعاتها بنحو 600 مليون دولار سنويا، وتقدم أكثر من 65 مليون وجبة سنوياً بمواصفات عالية.

ويعرف الخرافى بحبه الشديد لمصر والمصريين، حيث بلغت استثماراته فى مصر أكثر من 38 مليار جنيه فى نحو 35 مشروعاً صناعياً، وسياحياً، منتشرة فى جميع مناطقها ومحافظاتها، وهناك أكثر من 285 ألفاً من المصريين يعملون بشكل مباشر فى مشروعاته، وهو المستثمر العربى الوحيد الذى ضخ استثماراته بكثافة، بعد أحداث "الإرهاب" التى ضربت مصر فى منتصف التسعينات من القرن الماضى وقال فى هذا الصدد: " مهما فعلنا لن نوفى مصر حقها، لأنها ببساطة هى صدر وظهر العرب، وهى المكان الأعظم للاستثمارات، بها العقول والكوادر والسوق والأرض والفرص الواعدة".

وتتركز مشروعات الخرافى فى الصناعات الثقيلة كثيفة العمالة، ومنها مشروع "بورتو غالب"، الذى يحوى عدة فنادق كبرى، وميناء دولى على البحر الأحمر يستقبل اليخوت الضخمة التى يمتلكها أثرياء العرب والعالم، ومصفاة للنفط بطاقة 15 ألف برميل بتكلفة مليار دولار، ومشروع آخر حول "بحيرة قارون" لاستخلاص الأملاح وتصديرها بتكلفة 785 مليون دولار، وهذا المشروع يخلق 5 آلاف فرصة عمل، هذا إلى جانب سلسلة "أمريكانا" التى يعمل بها 20 ألف مصرى.

كما أقام الخرافى مصنعا للورق يهدف إلى إنتاج 200 ألف طن سنوياً ويسوق إنتاجه مصرياً وعربياً وأوروبياً، ومصنعا للحواسب يخطط لإنتاج 300 ألف جهاز سنوياً، بالإضافة إلى امتلاك مجموعة الخرافى "للشركة المصرية - الكويتية القابضة" التى تستثمر أكثر من 250 مليون دولار فى مجالات البتروكيماويات والزجاج والمواسير والأسمدة والغاز.

وتبرعت مجموعة الخرافى مؤخراً بخمسة ملايين جنيه "لهيئة الأبنية التعليمية" المصرية لإقامة مدرسة تضم جميع المراحل التعليمية فى مدينة مرسى علم بالبحر الأحمر تخدم الأطفال من الحضانة وحتى المرحلة الثانوية بالإضافة إلى مستشفى متكامل، تنوى المجموعة إقامته شمال المدينة لتقديم الخدمة الصحية بالمجان للمواطنين.

وعمل الخرافى على ضخ استثمارات جديدة فى مصر ليرتفع حجمها إلى 50 مليار جنيه واقتناص فرص جديدة بقطاعات عديدة، وأن مشروع "بورت غالب" يسير بخطى ثابتة.

ومن تصريحاته قبل وفاته " أن المجموعة بدأت استثماراتها فى مصر منذ خمسين عاماً فى مشروعات سياحية وصناعية وتنموية وتسعى لزيادة استثماراتها باعتبار هذا الأمر "واجب عربي" تجاه مصر داعياً المستثمرين كافة للاستثمار فى مصر، لما لهذا الاستثمار من نتائج طيبة وجيدة ويعود بالنفع على الجميع، معتبرا أن امن ورخاء مصر هو للأمة العربية كلها.

وأقامت "مجموعة الخرافي" فى مصر "أكاديمية إيماك الدولية- أكاديمية أوراكل" لتخريج حملة ماجستير فى إدارة الأعمال التقنية وهو مشروع غير ربحي، يهدف إلى تنمية الموارد البشرية العربية ، وتخريج مستشارين تنفيذيين متخصصين فى التطبيقات المالية وتطبيقات نظم إدارة علاقات العملاء، وخبراء إنشاء مخازن المعلومات بما يتناسب مع احتياجات السوق الحديثة.

وتعد دولة الكويت ثانى أكبر مستثمر عربى والخامس على مستوى العالم فى مصر، حيث تجاوزت قيمة رأس المال الكويتى المدفوع وفقاً لإحصائيات وزارة الاستثمار المصرية فى عام 2007 نحو 11.5 بليون جنيه مصرى فى 532 شركة تبلغ قيمة رأس المال المعلن بها حوالى 28.5 بليون جنيه.

وتعد "مجموعة الخرافي" التى يمتلكها رجل الأعمال ناصر الخرافى المصنف الثانى عربياً، والتاسع والثلاثين عالميا،ً وفق ترشيحات مجلة "فوربس" العالمية للأكثر ثراء فى العالم، وبلغ إجمالى استثمارات الخرافى فى مشاريع بمصر، على مدى 28 عاما، أكثر من 35 بليون جنيه يتوقع أن تصل إلى 50 بليوناً خلال الفترة المقبلة.

ويستثمر الخرافى فى منتجع مينا غارب على البحر الأحمر فى مصر نحو بليونى دولار ، وتستثمر مجموعة الخرافى فى بورت غالب الواقعة على ساحل البحر الأحمر أكثر من خمسة بلايين دولار فى أكبر مشروع سياحى عقارى فى منطقة الشرق الأوسط.

ويوفر مشروع بورت غالب فرص عمل تصل إلى 5000 فرصة، منها 2000 فى سلسلة الفنادق التابعة للمشروع. ومن المتوقع أن يتم جنى ثمار المشروع فى مدة زمنية لا تقل عن 10 سنوات تقريبا، على اعتبار أن المشروع، وكما هو متبع فى جميع استثمارات المجموعة، من النوع طويل الأمد، الذى يهدف لتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية والمحافظة على البيئة الطبيعية فى مناطق تواجده، إضافة إلى الأرباح المادية.

فيما تمتلك مجموعة الخرافى 17 مصنعا لتعد بذلك اكبر مستثمر أجنبى فى القطاع الخاص المصري، وهى استثمارات من النوع الطويل الأجل ذى المردود الاقتصادى والاجتماعى المرتفع، حيث تؤمن استثمارات الخرافى فى مصر 75 ألف فرصة عمل يشغلها مصريون بنسبة كبيرة ، وحصلت المجموعة مؤخرا على رخصة لإقامة مصنع للحديد فى مصر بطاقة إنتاجية 6 ملايين طن سنويا بكلفة بليون دولار، وسيستغرق إنشاء المصنع عامين أو ثلاثة على أقصى تقدير .

وتعتزم الشركة القابضة المصرية الكويتية «الذراع الاستثمارى لمجموعة الخرافى الكويتية فى مصر» التوسع الاستثمارى فى قطاعات عدة فى مصر أهمها البتر وكيماويات والبترول والبويات وقالت الشركة فى تقرير النشاط عن العام المالى 2009 الذى أرسل إلى البورصة المصرية أن إجمالى الأصول بلغ 618.128 مليون دولار مقابل 583.136 مليون دولا بارتفاع قدره 6 % كما ارتفع إجمالى الأصول المتداولة ليصل إلى 211.995 مليون دولار مقابل 144.882 مليون دولار بنمو بلغت نسبته 46 %.

مسئولون داخل المجموعة أكدوا أن الأمور داخل شركات الخرافى تدار بشكل مؤسسى حيث يتولى الإدارة التنفيذية للمجموعة أبناؤه مرزوق وبدر ناصر الخرافى، إضافة إلى جاسم الخرافى وهو ماكان يخطط له رجل الأعمال ناصر الخرافى منذ فترة طويلة لإسناد إدارة أعمال المجموعة لأبنائه.

وأكدوا على أن المشروعات مستمرة دون توقف، إضافة إلى أن خطط التوسع الذى كان ينوى الخرافى استكمالها مازالت قائمة دون تغيير.