على بعد أمتار قليلة من قاعة الجلسات بمحكمة الأسرة بزنانيرى، وقفت الزوجة العشرينية فى ثياب سوداء تبرز حسن طلتها، ممسكة بيدها حافظة مستندات باهتة اللون كوجهها تحوى أوراق دعوى الخلع التى أقامتها بعد شهور قليلة من زواجها، وتنتظر الإذن لها بالمثول أمام القاضى كى تلقى على مسامعه حكايتها مع زوج لم يستح بحسب روايتها أن يهدى جسدها لكفيله كى ينول رضاه وعندما رفضت انهال عليها بالضرب.

تقول الزوجة الشابة فى بداية روايتها :"كنت كأى فتاة أحلم باليوم الذى أرتدى فيه الفستان الأبيض، وأزف فى موكب تحيطه الفتيات من الجانبين حاملات باقات الورود، مطلقات الزغاريد، وأجلس إلى جوار عريسى وأراقب وجوه الجالسين ونظراتهم الحاسدة لى ولمن اخترته شريكا لحياتى، وحينما رشحه لى أحد معارفنا، وافقت عليه دون تردد، فوجدت فيه ما كنت اتمناه، شاب، لايفصلنى عنه سوى سنوات معدودة، ماله وفير، يعمل فى بلد خليجى، وسيوفر لى حي
حلمت بها، وتحت تأثير تلك المواصفات التى تعد فى عرف حينا الشعبى مثالية، قبلت بشرط عقد القرآن والمكوث لشهور فى بيت أهلى حتى ينتهى زوجى من تجهيز البيت الذى سنستقر فيه فى بلد عمله وانهاء كافة الإجراءات اللازمة لسفرى".

تتدافع الذكريات على ذهن الزوجة الشابة فتجبرها على الصمت للحظات، ثم تعاود حديثها بنبرة منكسرة:"سافر زوجى سريعا ووخلال فترة غيابه بتنا نتواصل عبر"الفيس بوك"و"الواتس أب"، وبات يطلب منى أن افتح الكاميرا كى يرى مفاتنى، فى البداية كنت أرفض، فكيف لى أن أفعل ذلك؟!، لكن مع مرور الوقت وكثرة إلحاحه على واللعب على أوتار الغربة والوحدة وأننى أصبحت زوجته أمام الله والناس بدأت مقاومتى تنهار، وصرت أنفذ له مايرغب وصدقت حججه وأسبابه الواهية التى كانت تخفى وراءها أغراض أكثر دناءة".

تتثاقل الكلمات على لسان الزوجة وهى تتحدث القشة التى قصمت زواجها:"بدون أى مقدمات، أرسل زوجى فى طلبى، وقتها لم أتمالك نفسى من الفرحة، فأخيرا سيجمعنا بيت واحد، ولم أفكر أوأسال عن السبب الذى جعله يعدل عن قراره فجأة بعد أن كان يتحجج بصعوبة الظروف وضيق الحال ويوصينى بالصبر، حتى وطأت قدمى موطن عمل زوجى حينها أدركت السبب الحقيقى وراء تصرفه، فلم يرسل فى طلبى حبا فى أو اشتياقا لى، لكن كى يقدمنى لكفيله الذى لم يعد يكيفه مشاهدة صور جسدى التى كان يعرضها عليه زوجى أولا بأول حتى ينال رضاه، وفى سبيل ذلك تحمل الكفيل العجوز تكاليف شحنى كاملة، ممنيا نفسه باللحظة التى يسترد فيها مادفعه بناء على اتفاق مسبق مع زوجى، وبمجرد وصولى تحجج زوجى بالعمل، وغادر مسرعا وكأنه يهرب من شىء، ثم فوجئت بكفيله يقتحم مكان إقامتى، حاولت أن امنعه، فقال لى أن زوجى على علم بوجوده وأنه هو من رتب هذا اللقاء وانقض على، قاومته وبإعجوبة تمكنت من الإفلات من بين يديه". 

تنهى الزوجة روايتها سريعا قد حان موعد جلسة دعوى الخلع:" أطلعت زوجى على مافعله معى كفيله العجوز، واستغلاله لغيبته ومحاولته الإعتداء على، وادعائه بأنه على علم بما سيفعله معى بل هو من أفسح له الطريق كى يصعد لى فى مكان إقامتى ويقضى معى ليلة حمراء، واهمة بأنه سينصفنى ويقتص لشرفه، لكنى فوجئت به يصرخ فى وجهى ويقول ليه:"وأيه يعنى ديه ليلة وبعدين أنتى عايزة تخربى بيتى"، ثم انهال على بالضرب، وبعدما استعدت وعى وفقت من صدمتى، بدأت أفكر فى طريقة أعود بها إلى بلدى قبل أن يحولنى إلى عاهرة، وبعد محاولات مضنية وحيل نجحت فى الهروب منه، وفور وصولى إلى القاهرة، لجأت إلى محكمة الأسرة، وأقمت دعوى خلع لاتخلص بها من هذا الرجل الذى لايعرف معنى كلمة الشرف وفى سبيل تحقيق مصلحته يببع أى شىء"