أفادت تقارير منذ أيام عن مقتل كاديزا سلطانة، إحدى المراهقات البريطانيات الثلاث اللواتي هربن وانضممن إلى داعش، بعد أن جرى غسل أدمغتهن عبر الإنترنت، في غارة جوية روسية على الرقة.
وكانت سلطانة(16 عاماً) تزوجت مقاتلاً من التنظيم، والذي قتل قبلها، وصرّحت لعائلتها بعد ذلك بأنها كانت "مخدوعة" في الحياة التي تنتظرها هناك، وأنها نادمة وتريد العودة لمنزل، لكنها لم ترَ سبيلاً للمغادرة.. وهي في هذا شأنها شأن أوروبيات عديدات حاولن الهرب وواجهن القتل.
الذكاء.. سلاح ذو حدين
لكن، تتساءل باربرا إلين في مقال على صحيفة "غارديان"، هل كان الأمر برمته غلطة سلطانة؟ بالطبع، لكن مع ذلك فهو أمر مدمر، فليست القضية عن "دفع سلطانة ثمن ما أدخلت نفسها فيه"، أو قتل "العروس الجهادية"، بل إنه عن موت لا طائل منه له لمراهقة عنيدة مغسولة الدماغ.
وتؤكد الكاتبة أنها لا تتحدث عن العند بمعناه "الطبيعي" عند المراهقات، مشيرة إلى أن سلطانة لا ريب كانت على علم بفظاعات تنظيم داعش، من قتله المدنيين، ورميهم بالرصاص، وذبحهم، كما أن معارف سلطانة وصفوها بالفتاة الذكية، فكيف إذاً علمت بكل هذا عن التنظيم ومع ذلك "ألهمت" واعتقدت أنها ستكون متساوية مع الرجال، ومميزة، وذات أهمية؟
تضيف إلين: "لكن أليست هذه الطريقة التي يتعامل بها "العرسان"، أي جعل أهدافهم يشعرن بأنهن مميزات، ومثيرات للإعجاب؟". وإذا كان الناس يتفهمون أن الأطفال يمكن أن "يهيئوا جنسياً" عبر الإنترنت، فلماذا من الصعب جداً الاقتناع بأن شخص مثل سلطانة خضع للإعداد الأيديولوجي(المتطرف) من قبل أشخاص يعرفون كيفية التلاعب بنفسية المراهقين؟ "أنت مميزة.. أنت استثنائية.. أنت مقدرة للعظمة".. هكذا استقطب الدواعش "عرائسهن" عبر الإنترنت.. وكون سلطانة ذكية فذلك أمر لم يكن لصالحها، بل ضدها، حيث عملت على تحويل مخيلاتها إلى حقيقية.
خطأ مميت
وتتابع إلين: "إذا كنت ببساطة لا تستطيع بالمرة فهم الأمر، فعلى الأرجح لم تقابل مراهقاً في حياتك"، مؤكدة أنها لا تحاول تبرير أخطاء الإرهابيين، إلا أنها تدرك جيداً أن المراهقين متقلبون ومزاجيون، وقابلون للاستفزاز وهشون بطريقة كبيرة، في الأوضاع العادية، كما أنهم "أطفال مقتنعون بأنهم راشدون"، بكل ما يحمله ذلك من غرور وتمرد وحنق. لذا، فليس مفاجئاً أن يكون المراهقون أكثر عرضة للقيام بالأخطاء، من بينها المخدرات والحمل غير المقصود، والأعمال الإجرامية عموماً. وفي حالة سلطانة، الخطأ الذي غير حياتها(وأنهاها) كان السقوط للخطاب الإرهابي.
ورغم أن الأمر في هذه الحالة ليس مماثلاً للسرقة من محل، أو تخريب المتكلات العامة، إلا أن سلطانة "مراهقة"، وما قامته به لا ينفي عنها هذه الصفة، ولا يمكن لنا إعادة تأطير الفعل الشنبع الذي قامت به وكأنها امرأة عاقلة راشدة لمجرد أننا كرهنا ذلك الفعل، بحسب كاتبة المقال.
وبينما يرى البعض أن سلطانة "استحقت ما نالته"، فبالنسبة لإلين "من الصعب معرفة ما هو أكثر إثارة للغثيان، موتها، أم حقيقة أنها كانت خائفة وفي شدة اليأس للعودة إلى منزلها"، مضيفة: "وبينما ليس بوسعي التغاضي عن ما فعلته سلطانة مطلقاً، بإمكاني مسامحة فتاة مراهقة، لا سيما وقد ندمت على ما قامته به، بل وماتت بسببه".