والخبراء يؤكدون تدبير الرئيس وحكومته لما حدث لتنفيذ «مخطط تصفية الخصوم»
هل حدثت في تركيا محاولة انقلاب فعلا؟ أم أن ما حدث مجرد تمثيلية، أراد بها أردوغان شيئًا مثلما شكك عدد من الخبراء السياسيين والإعلاميين؟
ما حدث في تركيا بحسب ما وصف المحلل السياسي بشبكة "سي إن إن"، فريد زكي، سلّط الضوء على أول مشهد غريب يشكك في العملية، حين قال إن ما حدث لم يكن سوى عملية نفّذها عدد من الأشخاص الذين لم يضبطوا أعمالهم بدقة، حيث يجب اعتقال الرئيس أولا ثم تقوم بالسيطرة على كل وسائل الإعلام، لكن ذلك لم يحصل فى هذا الانقلاب، إضافه إلى أنه لابد وان يتواجد قائد الجيش بجانب المؤيدين للانقلاب وهذا لم يحدث.
عدم إلقاء القبض على قادة الحكومة التركية وأبرزهم رئيس الوزراء بن على يلدريم، كان لغزًا مثيرًا أيضًا، إذ تركوه حرًا يدلي بتصريحات عما يحدث، وهو أول من أعلن أن هناك محاولة انقلاب جارية، منددا بـ"محاولة غير شرعية تقوم بها مجموعة في الجيش، كما أعلن أن الجيش الذي سيطر على مبانٍ رسمية منها مبان عسكرية ومبان للتلفزيون الرسمي والمطارات.
بالرغم من سيطرة الانقلابيين على الإذاعة التركية الرسمية، إلا أنهم خطاب أردوغان الذي ألقاه عبر تطبيق "فيس تايم"، كان قويًا ومؤثرًا فى الشعب، وبدوره دفع جميع الأحزاب المعارضة لأرودغان رغم رفضها سياساته، أن تخرج ضد الانقلاب.
القائد العسكري، محرم كوسا الذي نفذ الانقلاب، لم يظهر أصلا أمام العامة، ولم يلقِ أي خطاب أو بيان، وهو ما بدا غريبًا إذ من المعروف ان يظهر قائد الانقلاب على التليفزيون، بينما منفذو الانقلاب اكتفوا بتشويش الشاشات.
غياب المؤيدين للجيش، أو المعارضين لأردوغان، أيضٍا كان مشهدًا مستغربًا، إذ كان من المفترض أن يخرج الآلاف ممن يعارضونه ويؤيدون الانقلاب، وهذا وإن كان يعكس وعي الشعب، ورفضه لفكرة الانقلاب كما قال كمال كليجدار اوغلو الذي أكد أن الدولة عانت من الانقلابات وأن الديمقراطية هي الحل، فإنه في المقابل لا يبرر هذا الغياب الكامل للمواطنين الرافضين لأردوغان.
لماذا يعتقد البعض أن هذا الانقلاب تمثلية؟
يرى خبراء أن ما حدث في تركيا ليس إلا "تمثيلية"، قصد بها عملية تطهير واسعة فى الجيش، والقضاء، وتصفية خصومه من الموالين لحركة "فتح الله جولن"، أو ما يسمّى الكيان الموازي، المعارضة للنظام الحاكم فى تركيا، وقد بدأ ذلك اليوم حيث أعلنت السلطات التركية عزل 2745 قاضيًا من منصبهم وتعيين 40 قاضيًا آخرين للتحقيق في محاولة الانقلاب، وهو ما وصفه مراقبون بأولى خطوات تنفيذ مخطط تصفية الخصوم.
يؤكد هذا الرأي، اللواء محمد نور الدين مساعد وزير الداخلية الأسبق، الذي يقول لـ"الدستور"، إن هذا الانقلاب عبارة عن تمثيلية مفتعلة، والدليل على ذلك أنها لم تستغرق سوى ساعات، مضيفا أن أردوغان يستهدف منها التخلص من كل القيادات المعارضة له.
ويؤيده الدكتور سعيد اللاوندي، خبير العلاقات الدولية خلال تصريحات تليفزيوينة، حيث أكد أنه ربما يكون هناك سيناريو رسمه الرئيس رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء لحدوث هذا الانقلاب من أجل تقوية نفوذه والقضاء على المعارضين، لافتا إلى أن بطش أردوغان سيكون شديد في المرحلة القادمة.
ويرى الخبراء أن أردوغان دبّر هذا السيناريو لتمرير التعديلات الدستورية التي يريد من خلالها تحويل نظام الحكم إلى رئاسي لزيادة صلاحياته، فضلا عن التخلص من كافة الموالين لمعارضيه داخل الجيش، وهو ما ألمح إليه رئيس الوزراء التركي بن علي يلدرم، الذي قال إن الحكومة ستطرح على البرلمان مقترحا لتعديل العقوبات المتعلقة بالانقلاب العسكري لتشمل على "حكم الإعدام".
ومن جانبه قال الخبير فى الشئون الدولية محمد فراج أبو النور، إن ما حدث فى تركيا عبارة عن مسرحية قام بها أردوغان مؤكدا أن من قاد الانقلاب هو قائد القوات البرية وقائد القوات الجوية، ومن المفترض أنهما قوتان لا يستهان بهما، فكيف ينتهى الانقلاب بهذه الصورة.
وأضاف في تصريحاته لـ"الدستور"، أن خروج الجماهير المؤيدة لأردوغان، فى الشاع لم يكن بالأعداد التي تُفشل نقلابًا، كما أنه سلّط الضوء على مشهد آخر مثير، وهو عملية الإفراج عن رئيس الأركان، الذي كان محتجزًا لدى الانقلابيين بدعوى رفضه للانقلاب، حيث أفرج عنه بسهوله بعد أقل من ساعتين.
كما أكد أن تركيا دولة حليف فى "الناتو"، فكان من المفترض أن يكون الانقلابيون على علاقة بمخابرات غربية تدعمهم وهذا لم يحدث، إضافة إلى إعلان وسائل إعلام أن أردوغان أطاح بعدد من القضاة صباح اليوم، فكيف حدث ذلك بين عشية وضحاها، مما يثبت أنه خطط لذلك قبل فترة