تحولت المظاهرة الصاخبة التي شارك فيها لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية وحرب العراق ما يزيد عن ربع مليون شخص‏,‏ والتي جابت شوارع لندن احتجاجا علي خطط التقشف الحكومية‏,‏ إلي اشتباكات عنيفة بين قوات مكافحة الشغب البريطانية ومجموعة كبيرة من الشبان الملثمين في ملابس سوداء خرجت عن المسيرة الرئيسية‏.‏وأسفرت هذه الاشتباكات عن إصابة‏84‏ شخصا بينهم‏31‏ من رجال الشرطة‏,‏ واعتقال ما لايقل عن‏214‏ متظاهرا‏,‏ بالإضافة إلي وقوع خسائر مادية في عدد من البنوك والفنادق الفاخرة والمطاعم الشهيرة في وسط العاصمة البريطانية‏.‏

واندلعت الاشتباكات إثر انفصال مجموعات صغري من مئات المتظاهرين عن المسيرة السلمية الرئيسية‏,‏ حيث ألقي بعضهم كرات اللهب وقنابل الدخان عشوائيا‏,‏ واقتحمت مجموعة منهم أحد فروع بنك إتش إس بي سي وسانتاندير في لندن‏,‏ كما تسلق ملثمون سطح مطعم فورتنام وميسون الفاخر‏,‏ بينما اقتحم مائة آخرون فندق ريتز الشهير واحتلوا مخزنا فاخرا للأطعمة ودمروا عددا من المحلات التجارية والبنوك‏,‏ فيما اشعل آخرون النيران بوسط شارع اكسفورد‏,‏ وهو الشارع الرئيسي للتسوق بالعاصمة‏.‏

كما حاول نحو‏300‏ متظاهر في وقت متأخر من مساء امس الأول احتلال ميدان الطرف الأغر ترافلجار الشهير في وسط لندن وتحطيم ساعة العد التنازلي لموعد بدء دورة الألعاب الأوليمبية لعام‏2012‏ التي تستضيفها لندن‏,‏ وذلك قبل وصول قوات مكافحة الشغب لتفريقهم وإحباط محاولاتهم‏.‏ ومن جانبه‏,‏ قال بوب برودهيرست قائد شرطة لندن الذي قاد عملية مكافحة الشغب في حوار مع شبكة سكاي نيوز البريطانية إنه يعتقد أن الواقعة هي لعبة مكونة من نصفين‏:‏ النصف الأول هو خروج‏250‏ ألف شخص في وسط لندن للتظاهر سلميا‏,‏ والنصف الثاني هو مكيدة دبرها مجموعة من المجرمين لإقتحام المباني في وسط العاصمة والاشتباك مع رجال الشرطة‏.‏ وأوضح أن مجموعة مكونة من‏500‏ شخص تقريبا هي من قامت بأعمال العنف والشغب وألقت بالطلاء علي المحلات التجارية في شارع اوكسفورد وعلي الشرطة‏,‏ مما تسبب في إثارة حالة من الفزع لدي المواطنين الذين كانوا يحاولون التسوق‏.‏

وأضاف أنه علي الرغم من مواجهه عجز في عدد رجال الشرطة لحماية جميع المباني في العاصمة‏,‏ فإنه تم السيطرة علي الموقف‏.‏

وقال شهود عيان من مراسلي وكالة الأنباء الفرنسية إن مئات المتظاهرين الملثمين بأقمشة سوداء علي وجوههم ألقوا ألعابا نارية وقنابل بنزين وطلاء علي قوات الشرطة واقتحوا متجر الملابس الشهير توب شوب وبنك إتش إس بي سي‏,‏ وحطموا نوافذ هذه الأبنية‏,‏ في الوقت الذي ألقي فيه متظاهرون صواريخ نارية علي فندق ريتز‏.‏

وأضافت الشرطة أنه تم اعتقال‏214‏ من مثيري الشغب بتهمة التعدي علي الممتلكات العامة وإثارة الفوضي وجرائم شروع في قتل‏.‏

وفي أول رد فعلي علي أعمال العنف‏,‏ نددت وزيرة المالية البريطانية جوستين جرينينج بأعمال العنف‏,‏ وقالت لمحطة سكاي نيوز انه عار حقيقي وغير مقبول تماما ان ترتكب هذه الاقلية من الاشخاص اعمالا اجرامية‏,‏ كما أدانت قادة النقابات العمالية أعمال الشغب‏,‏ وأعرب رئيس النقابات العمالية بريندان باربر عن أسفه الشديد لمثل هذه الأعمال‏,‏ وقال إنه يأمل في الا تنتقص أعمال العنف من نجاح المسيرة‏.‏

وتعتبر المسيرة التي دعت إليها النقابات العمالية أمس الأول أكبر مسيرة تنظمها النقابات العمالية منذ‏20‏ عاما كما تعد أضخم مسيرة تشهدها بريطانيا منذ المسيرة التي شارك فيها المناهضون للحرب خلال عام‏.2003‏ وخرجت المظاهرة الحاشدة احتجاجا علي البطالة وخفض الانفاق العام وزيادة الضرائب وعلي خطة اصلاح قانون التقاعد التي طرحها الائتلاف الحاكم بقيادة حزب المحافظين‏.‏

وقال زعماء النقابات ومصادر الشرطة ان اكثر من‏250‏ الف شخص شاركوا في المسيرة من بينهم موظفو القطاع العام والطلاب والمتقاعدين من أصحاب المعاشات وحملوا لافتات تقول لا لتقسيم بريطانيا لا لخفض النفقات‏.‏

في الوقت نفسه‏,‏ شهدت مدينة لوس أنجلوس الأمريكية مظاهرات حاشدة شارك فيها الآلاف من قادة النقابات العمالية والعمال أنفسهم للمطالبة بحقوقهم في ولاية كاليفورنيا منعا لحدوث نفس الهجوم الذي تعرضت له حقوق العمال من قبل في ويسكنسن‏.‏

وذكرت مصادر بالشرطة أن ما يقرب من‏8‏ آلاف شخص شاركوا في المظاهرة‏.‏

وكان علي رأس المشاركين في المظاهرة جيمس هوفا رئيس هيئة سائقي الشاحنات ومالون ميتشل رئيس قسم المطافيء في ولاية ويسكنسن‏,‏ وقال مالون خلال مشاركته في المسيرة إن المعركة في ويسكنسن هي هجوم مباشر علي جميع النقابات والطبقة الوسطي محذرا من وضع سياسات مماثلة في ولاية كاليفورنيا التي تعاني من ضائقة مالية‏.‏