"أستاذ حمام، كشكش بيه، سلامة" ... جميعها شخصيات جسدت الموظف البسيط المغلوب على أمره، استطاع أن يؤديها الفنان القدير نجيب الريحاني ببراعة جمعت بين خفة الظل والجدية، حتى لقب بـ"الضاحك الباكي"، والذي تحل اليوم الذكري الـ67 لوفاته.
نشأته..
نجيب الريحاني، ممثل مصري، ولد في حي باب الشعرية عام 1889 لأب من أصل عراقي مسيحي يعمل بتجارة الخيل استقر به الحال في القاهرة، وأم مصرية قبطية، عاش نجيب في حي الظاهر بين أسرة من الطبقة البسيطة الفقيرة، وبدت عليه الانطوائية.
عانى الريحانى ليشق طريقه فى الوسط المسرحى، فى أوائل القرن العشرين، حيث تخرج من مدرسة الفرير عام 1908، ثم التحق بوظيفة كاتب حسابات بشركة السكر بنجع حمادي بالصعيد، ولكن هذه الوظيفة البسيطة والتي كان الريحاني يتقاضى منها راتبا شهريا وصل لستة جنيهات، لم تشبع رغبته فاستقال منها.
بدايته الفنية..
في يوم ما قادته قدماه إلى شارع عماد الدين الذي كان يعج آنذاك بالملاهي الليلية، وقابل صديقه محمد سعيد، الذي كان يعشق التمثيل، وعرض عليه أن يكونا سويا فرقة مسرحية لتقديم الإسكتشات الخفيفة لجماهير الملاهي الليلية.
ويعد نجيب من أشهر ممثلي المسرح في القرن العشرين، وتصادق مع بديع خيري، الذي كتب له المسرحيات وصار شريكًا له في حياته الفنية، قدم شخصية "كشكش بيه" على المسرح وجذب الأنظار نحوه ثم نقلها إلى السينما، فضلًا عن مشاركته في كتابة مسرحياته وأفلامه مع بديع خيري.
وتعرف علي عميد المسرح عزيز عيد - أثناء عمله بالبنك الزراعي - ، حيث كانت تلك الزمالة سببا لإنضمام الريحانى لفرقة عزيز عيد، حيث أدى أدوارا ثانوية فى روايات كوميديه مثل "ضربة مقرع"، و"ليلة الزفاف"، وانتقل بعدها إلى فرقة "سليم عطا الله"، براتب قدره أربعة جنيهات شهريا.
حرص نجيب عبر أفلامه وأعماله المسرحية على انتقاد الواقع الذي يعيشه، بسخرية لاذعة تضحكك وتبكيك في نفس الوقت، وربما كانت كل الظروف السيئة التي مر بها والمآسي التي عاشها سببًا في صنع كوميديان عبقري.
من بين أعماله التي تسببت في خروجه من مصر هربًا من الاعتقال أو بطش الملك به مسرحية "حكم قراقوش"، والتي هاجم فيها الملك فاروق ورغم عدم ندمه على هذه الخطوة خاف بعدها وفضل السفر خارج مصر متجها للبرازيل.
وكانت المسرحية تحكي قصة ملك ظالم، يعيش شعبه حياة الفقر والحرمان، وفهم فاروق أنه هو الحاكم المقصود، وأن الشعب الفقير هو الشعب المصري، وأن أحداث المسرحية إسقاط على ما يحدث في مصر.
أُصيب الريحاني في أواخر أيَّامه بِمرض التيفويد الذي أثر سلبًا على صحة رئتيه وقلبه، وفي يوم 8 يونيو 1949م المُوافق فيه 12 شعبان 1368هـ، تُوفي الريحاني في المُستشفى اليُوناني بِحي العباسيَة بالقاهرة، ولم يختتم تصوير آخر أفلامه، ألا وهو «غزل البنات»، وكان لهُ من العُمر 60 سنة.