كشف مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة، التابع لدار الإفتاء المصرية، أن تنظيم داعش الإرهابي يحاول أن يتفادى الضربات الموجعة التي يتعرض لها، وهزائمه المتتالية التي مُني بها أخيرًا من خلال تطبيق استراتيجية "سمكة الصحراء" العسكرية، لبسط نفوذه على مناطق جديدة، وضم مقاتلين جدد إلى صفوف التنظيم.

وأضاف المرصد أن تنظيم "داعش" هدد في شريط فيديو جديد الأقلية المسلمة في الهند بتنظيم هجمات بالبلاد انتقامًا من مقتل مسلمين في اشتباكات بين المسلمين والهندوس في ولايات جوجارات العام 2002م؛ حيث سخر - في هذا التسجيل - أحد مقاتلي التنظيم - ويدعى أبو سلمان الهندي، في محافظة حمص السورية- من مسلمي الهند بسبب عيشهم في تناغم مع الهندوس، وحثَّهم على الانتقال إلى المناطق التي يسيطر عليها تنظيم داعش. في حين قال عنصر آخر في التسجيل: إن مقاتلي "داعش" سيأتون إلى الهند لتحرير المسلمين والانتقام من العنف الذي مورس بحقهم.

وأكد المرصد أن استراتيجية "سمكة الصحراء" أو "سمكة الرمال" تقوم على انسحاب التنظيم من أماكن يتعرض فيها لضربات عنيفة وهجمات متتالية، إلى أماكن جديدة غير متوقعة من قِبل خصومه؛ ليُشكل بذلك منطقة نفوذ جديدة، يضمن فيها مزيدًا من الأتباع، ومزيدًا من الموارد المادية التي تساعده في استكمال أهدافه.

وتابع المرصد أن التنظيم استوحى استراتيجيته تلك من حركة سمكة الرمال- وهي إحدى الزواحف- التي تتنقل من مكان إلى مكان من خلال الغطس في الرمال، حيث تهرب من مكان لتظهر في مكان بعيدًا من أعين أعدائها، أو البحث عن فرائس جديدة لها، وهذه إشارة ذات دلالة قوية على تفكير التنظيم الذي لا يترك فرصة من الاستفادة بكل الوسائل المحيطة به، بدءًا من حركة الزواحف، وانتهاءً بأعلى وسائل التكنولوجيا والاتصالات، وهذا ربما يضمن بقاءً مؤقتًا للتنظيم مع كثرة الضربات التي يتلقاها، ففكرة تغيير الجلد- كالثعبان – تساعده في التأقلم في بيئات مختلفة وظروف مختلفة حتى لو كانت لوقت قليل، يعاود بعدها استحداث طرق جديدة ليظل باقيًا.

&O5533;

وأوضح المرصد أن هذه الاستراتيجية العسكرية للتنظيم – بجانب أنها تضمن له هروبًا من نيران التحالفات العسكرية ضده- فهي في الوقت نفسه تساعده في الوصول إلى مناطق جديدة يسيطر عليها وتكون بعيدة عن أماكن تمركزه وسيطرته.

ولفت المرصد النظر إلى أن استدعاء التنظيم لأحداث مؤلمة وقعت للمسلمين في الهند من عرقيات أخرى في الأعوام ما بين 1992 والعام 2002م ما هي إلا وسيلة لتبرير استراتيجية "سمكة الصحراء" واستدرار عطف المسلمين بصفة عامة ومسلمي الهند بصفة خاصة، خصوصًا أنهم سيشكلون محضِنًا جديدًا للتنظيم بعدما أصبحت منطقة الرافدين والشام تشكل خطرًا عليه هذه الأيام، وتقف عائقًا أمام تمدده وبسط نفوذه.

&O5533;

وحول ماهية الاستراتيجية الجديدة لداعش، أكد مرصد دار الإفتاء أن استراتيجية "السمكة في الصحراء" العسكرية- التي أطلقها التنظيم في العام الماضي- مستمدة من شعار التنظيم "باقية وتتمدد"؛ الذي أصبح شعارًا لرؤيتهم لدولة الخلافة المزعومة، أو الدولة الإسلامية، كما يطلقون عليها، التي كان قد أعلن عنها زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي في منتصف العام 2014.

&O5533;

في الوقت ذاته بيَّن مرصد الإفتاء أن هذه الاستراتيجية تقوم على بناء تحالفات في أماكن مختلفة، خصوصًا من النخب المتأثرة بالفكر الجهادي، التي سرعان ما يتحولون إلى الفكر السياسي ومن ثم العسكري، ويصبحون بين عشية وضحاها مقاتلين داخل صفوف التنظيم، ولكن هذه التحالفات وإن كانت تمثل للتنظيم قوةً في فترة ما، فإن هذه القوة سرعان ما تضعف وتنهار في فترات متتالية، ويرجع ذلك إلى هشاشة تلك التحالفات، نتيجة لأسباب عدة منها ما هو عرقي وما هو ديني أو مذهبي أو شعبوي أو حتى أيديولوجي.

&O5533;

ودعا مرصد الإفتاء في ختام تقريره إلى ضرورة تكوين تحالفات عسكرية وفكرية قوية تتبع الأساليب والوسائل الجديدة التي يستحدثها للتنظيم، ومواجهتها وفضحها، سواء أكانت فكرية أم عسكرية؛ حيث إن استراتيجية داعش تقوم على المراوغة والتغيير والتبديل والانتقال من مكان إلى آخر، واستحداث طرق جديدة لضمان البقاء على قيد الحياة أطول فترة ممكنة.