حققت نيابة العاصمة في مخطط قاده ضابط برتبة عليا يعمل في إدارة البحث الجنائي، وبات قيد التحقيق بعد أن دين بمصادقته متهماً كان يحقق معه في إحدى القضايا حيث أعانه على ضحيته بأن لفق له قضية حيازة مواد مخدرة...
البداية تعود إلى أشهر عندما استغاث مواطن وزوجته -التي تعمل موظفة في إحدى وزارات الدولة - باللواء محمود الطباخ وأبلغا عن رجل أعمال كانا على معرفة به، لكنه لم يعرف معنى الصداقة، ولم يراعِ للعلاقات الأسرية حقها، متهمين إياه بالتحرش ومحاولة إفساد علاقتهما الزوجية...
وزارة الداخلية تفاعلت سريعاً مع البلاغ المقدم من الزوجين، وتم تكليف ضابط مباحث برتبة عليا في إدارة البحث الجنائي بالتحقيق مع رجل الأعمال.
وحسب مصدر قضائي فإن «ضابط المباحث وأثناء التحقيق مع المتهم توطدت علاقتهما، حتى وصلت إلى درجة الصداقة (المُميزة)، التي أفضت إلى تبادل الزيارات بين الطرفين، وتقديم مساعدات من رجل الأعمال إلى الضابط تخللتها هدايا (ثمينة)، منها طراد وسيارة، ولم تخلُ من تنظيم رحلات سياحية خارج البلاد إضافة إلى مصروف جيب كان يقدمه له شهرياً، في انتظار أن يأتي يوم كي يرد الضابط فيه ثمن هداياه...».
وبما أن ضابط المباحث لا يملك أن يرد الهدايا بمثلها أو بأقل منها، فقد نزل على رغبة رجل الأعمال الذي حسب وصفه «بط جبده» من الزوجين اللذين أبلغا عنه، فوافق الضابط أن يشفي غليل صديقه، فاستجاب لمخططه «الشيطاني» حين عرض عليه مساعدته في تلفيق قضية له، وما أروع أن تكون قضية مخدرات لا تحتاج أكثر من كمية بسيطة من المواد المخدرة تُخبأ في أحد إطارات سيارته.
ووفق المصدر القضائي «وافق ضابط المباحث (غير المنضبط) على مخطط من أغرقه بالهدايا والخدمات واستصدر إذناً من النيابة العامة بتفتيش سيارة خصم صديقه رجل الأعمال، وأثمرت نتيجة التفتيش عن استخراج المخدرات المدسوسة له، فقام والقوة المرافقة له باقتياده مخفوراً حيث احتجز على ذمة قضية حيازة مواد مخدرة بقصد التعاطي».
تهادت معلومات إلى مدير إدارة مكافحة جرائم المال المقدم صنيتان المطيري، بوجود علاقة «وطيدة» بين ضابط المباحث ورجل الأعمال، لاسيما وأن الرواية بدت كفيلم سينمائي مكرر، وخصوصاً بعد أن تبين أن المتهم ليس له ملف في إدارة المخدرات ولا في سجل المتعاطين، كما أن التحليلات التي أجريت له لم تُظهر أي أثر لمخدر في جسده، كما أن وجود ضابط المباحث نفسه على رأس القضيتين محققاً جعل المقدم المطيري يرفع الأمر إلى وكيل وزارة الداخلية الفريق سليمان الفهد، الذي أعطى أوامره بسرعة تحري الأمر واستجلاء الحقيقة.
كثف الفريق المشكل من الفريق سليمان الفهد تحرياته، التي أكدت عمق العلاقة بين الضابط ورجل الأعمال، فتم استدعاء الأخير وبالتحقيق معه اعترف بأنه لم ينس شكوى الزوجين في حقه واتهامهما له بالتحرش، فأراد الانتقام منهما بالتحالف مع الضابط المكلف بالتحقيق معه بعد أن وطد علاقته به، وراح يقدم له خدمات «جليلة»، وهدايا ثمينة كان آخرها طراداً وسيارة، فرد له الجميل حين ساعده في دس المواد المخدرة في إطار سيارة خصمه.
وحسب المصدر «تم استدعاء ضابط المباحث وبمواجهته باعترافات صديقه رجل الأعمال انهار واعترف بمساعدته في وضع المواد المخدرة كونه صديقاً تربطه به علاقة مميزة، لكنه ادعى أن ما أخذه منه لم تكن هدايا ولكنها (قرض حسن) عزم أن يسدده له حين تسمح ظروفه، فتمت إحالة الاثنين على نيابة العاصمة التي أمرت بحبسهما على ذمة قضايا تزوير وتدليس وخيانة أمانة، وجارٍ استكمال التحقيقات معهما».