سيدة هادئة فى حديثها إلى حد كبير، تتحدث كثيرًا عن النظريات وتستشهد بالحالات الأمريكية أكثر، لكنها لا تقدم إجابات عن الأسئلة التى تدور حولها هى شخصيًّا.   رشا علام، مواليد 30 نوفمبر 1981 تعرف نفسها على أنها أستاذة الإدارة والاقتصاد الإعلامى بالجامعة الأمريكية، ولكن الآن هى مديرة المكتب الإعلامى لمؤسسة الرئاسة، كما تقدم نفسها فى حوارات إذاعية قليلة، وهو المنصب الخفى الذى يبحث عنه كثيرون فى مصر، وذلك لأن مؤسسة الرئاسة لم تعلن أنها تمتلك مكتبا إعلاميا بشكل رسمى حتى الآن، على الرغم من أن هذا منصب شديد الأهمية داخل القصر الرئاسى.   ظهرت رشا علام قبل تولى السيسى مقاليد الحكم، ككاتبة مقال رأى فى أحد المواقع الإخبارية الشهيرة بـ3 مقالات فقط، وكتبت فى الموقع ذاته مقالة واحدة بعد أن أصبح السيسى رئيسًا، وخصصت هذه المقالات للحديث حول رسالة الدكتوراة الخاصة بها عن استقلال الإعلام، حيث بدأت أول مقالاتها فى الهجوم على التليفزيون المصرى الذى ترى أنه فقد مصداقيته بسبب التسبب بالاحتقان الطائفى الذى قام به فى كثير من الأحداث مثل «أحداث ماسبيرو»، مؤكدة ضرورة إنشاء جهاز مستقل للإعلام وتوفير مناخ حر.   المقالان الثانى والثالث جاءا مكرران من المقال الأول، لكن ازدات النزعة الثورية للدكتور رشا علام، مؤكدة أن الإعلام المصرى الحكومى هو السبب الرئيسى فى إشعال مجزرة بورسعيد التى راح ضحيتها أكثر من 74 مشجعا، وكان متهمًا أساسيا فى إشعال الفتنة بين مصر والجزائر، حيث وقع فى أخطاء فادحة من السب والقذف لدولة شقيقة، وكررت مرة أخرى تحمل الإعلام الحكومى مسئولية الشحن والتضليل للشعب المصرى فى أحداث ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء وغيرها من الأحداث التى تلت ثورة 25 يناير.          وظهرت رشا علام ككاتبة مرة أخرى فى صحيفة خاصة، كتبت فيها أكثر من 12 مقالا لا تقدم فيه الجديد عن الموقع الآخر، أغلبها فى سنة 2012، فخصصت حديثها فى بداية مقالاتها عن أهمية استقلال الإعلام، باستثاء ثلاثة مقالات هاجمت فيها نظام الإخوان، فبدأت فى مهاجمة قناة «ماريا» الإسلامية التى أنشأها الإخوان للسيدات فقط وخاصة المنتقبات، وذكرت أن هذه القناة ستعكس صورة مشتددة عن الإسلام الوسطى فى مصر، وخاصة أن الغرب يتخذ هذه الصورة المتشددة. ثم هاجمت الإخوان صراحة فى مقالة أخرى، حيث حذرت من هيمنة حزب الحرية والعدالة على مقاليد الإعلام المصرى، ثم عادت مرة أخرى للحديث عن جهاز إعلام مستقل يضمن الشفافية والمصداقية عند المشاهد المصرى. اللافت أنها فى مقال منشور بتاريخ 30/7/2012، تحت عنوان «الشعب يسأل والرئيس يجيب»، تحدثت عن البرنامج الإذاعى للرئيس الأسبق محمد مرسى، حيث كان يُذاع فى رمضان 2012، وخصص خمس دقائق فيه للرد على شكاوى المواطنين، وأثنت مديرة المكتب الإعلامى للرئيس السيسى حاليا (حسب ما تقوله هى عن نفسها)، على مبادرة مرسى الإعلامية حينها، ووصفت الفكرة بأنها جيدة لكسب المزيد من التأييد الشعبى للدكتور مرسى على عكس الرئيس السابق الذى أهمل الإذاعة تقريبا، وأن هذه التجربة تحق روح الثورة! الصفحة الخاصة لرشا علام على «فيسبوك» تظهر تناقضا واضحا فى اهتمامات سيدة القصر الرئاسى الغامضة. حيث إنها من المعجبين بصفحتى باسم يوسف وبلال فضل، اللذين يعدان من أكبر معارضى نظام الرئيس السيسى حاليا، ويبدو أنه كانت من متابعيهما وقت حكم الإخوان، لكنها فى ذات الوقت من المعجبين بصفحة الكاتب الغامض بدوره أحمد الطاهرى الذى ينصب نفسه مهاجما بشراسة وعنف وأحيانا بعض التجاوز ضد أى منتقد للرئيس السيسى.        وعبر صفحتها أيضا، يوجد بوستر «لا لترقيع الدستور لا لدستور فقد شرعيته لا لدستور يخلق ديكتاتورا» وهو البوستر الذى انتشر بين نشطاء «فيسبوك» وقت إجراء الاستفتاء على تعديلات الدستور فى 19 مارس 2011، وهى التعديلات التى توافق عليها الإخوان المسلمون مع المجلس العسكرى حينها.   ويبدو مدهشا أيضا ذلك التحول فى قناعات رشا علام فيما يتعلق بحرية الإعلام، فهى قبل تولى المشير عبد الفتاح السيسى رئاسة الجمهورية، كانت تدعو إلى استقلال الإعلام عن الدولة، ثم بعد ذلك أصبح أكثر شخص يؤكد ضرورة وضع «ضوابط صارمة»، فهل لذلك علاقة بكونها أصبحت مديرة المكتب الإعلامى للرئيس السيسى، رغم أن ذلك لم يعلن رسميا؟   ظهرت رشا علام، خلال لقاءات نادرة على شاشة التليفزيون، ففى لقائها الأول عام 2012 على التليفزيون المصرى، أكدت رشا فى رسالتها البحثية «الدكتوراه» أن الإعلام يجب أن ينفصل عن الدولة كى يتمتع بالاستقلالية التامة، وذلك نظرًا لما كانت تعانيه مصر فى ظل حكم مبارك من تسخير وسائل الإعلام له، لذلك فقد التليفزيون المصرى مصداقيته عن التليفزيون المصرى لأن المجلس العسكرى يمارس الضغوط على الإعلام الحكومى. كما لم تتوقف عند ذلك لكن اقترحت رشا أن تنضم القنوات الخاصة لكى تظهر على التليفزيون الأرضى.   عادت رشا علام مرة أخرى فى عام 2013، مع الإعلامى خيرى رمضان فى حلقة تحت عنوان «حرب الشائعات»، لتؤكد أهمية وجود كيان مستقل للإعلام عن الدولة، مضيفة أن المسئولين فى مصر لا يظهرون للرد على الشائعات التى توجه إليهم، وبدأ يتغير رأيها على استحياء من وضع ضوابط لوسائل الإعلام الخاصة من خلال معرفة السياسة التحريرية والتمويل للقنوات.   لكن فى عام 2014 ظهرت رشا بتغير كبير فى موقفها، ففى حديث تليفزيونى أكدت أن الدولة يجب أن تضع ضوابط صارمة على الإعلام فى مصر، مستشهدة فى حديثها بالولايات المتحدة التى تقوم بمراقبة الأداء الإعلامى، حيث تؤكد أن الدولة يجب أن تضع قوانين لضبط هذه القنوات، مُدعية أن ذلك يحمى المواطن من التضليل سواء على مستوى البرامج أو الإعلانات التى توجد فى وسائل الإعلام.        ومن هذه اللحظة وبعد تولى منصب رئيسة المكتب الإعلامى للرئاسة كما تقول، غابت رشا تماما عن الظهور فى أى لقاء تلفزيونى، ولا تظهر فى إى لقاءات إعلامية إلا حصريا فى إذاعة 9090، التى يترأس مجلس إدارتها أحد المسئولين عن الحملة الدعائية الانتخابية للرئيس السيسى، ويبدو مدهشا جدا أن مديرة المكتب الإعلامى للرئيس لا تعقد لقاءات دورية مع الصحفيين أو الإعلاميين، ولا تظهر بالأساس فى أى لقاء تليفزيونى، مكتفية بأحاديث إذاعية، ثم والمدهش أيضا أنه تتحرك بوصفها مديرة المكتب الإعلامى للرئيس، دون أن يدرى أحد ماهو قوام الفريق الذى يساعدها فى عملها، وأين هو القرار الرسمى الذى صدر بتعيينه فى هذا المنصب بالأساس؟ ومتى شغلته أصلا.     اللافت أنه فى حديثها الإذاعى هذا أثنت رشا علام على فكرة وجود مكتب إعلامى للرئيس مؤكدة أن الرئيس مؤمن بأهمية وسائل الإعلام، وأن وظيفة هذا المكتب هو توصيل تقارير للرئس عن كل المشاريع القومية، متحدثة عن أنها كانت صاحبة فكرة إنشاء بريد إلكترونى للرئاسة لاستقبال شكاوى المواطنين والرد عليهم، وأنها بنفسها رفعت أكثر من 4 آلاف رسالة وشكوى وصلت عبر هذا الإيميل إلى الرئيس السيسى مباشرة.   تبرر رشا علام أن الإيجابيات فى مصر كثيرة والنماذج الشبابية الناجحة كثيرة ولكن الإعلام لا يهتم بتلك الأمثلة لأنه يبحث عن المشاكل فقط، بالإضافة أن المكتب الإعلامى نجح فى توصيل مشاكل كثيرة للرئيس وتم حلها على الفور.   رئيس المكتب الإعلامى تفتخر أيضا بما أسمته إنجازا لمكتبها فى تنظيم «إفطار الأسرة المصرية»، الذى يضم كل فئات الشعب وأسر الشهداء من «الجيش والشرطة»، فهذا يعنى أنها كانت مديرة المكتب الإعلامى منذ عام تقريبا، وهو ما يدعو للتساؤل، متى عُينت رشا علام مديرة للمكتب الإعلامى لرئاسة الجمهورية؟ ولماذا لم يُعلن هذا للشعب فى بيان رسمى؟ وهل هذا المنصب الرفيع يحق لنا أن نعلم وجوده بالصدفة من خلال برنامج إذاعى صباحى؟ ولماذا يحيط الغموض بصاحبة منصب يفترض أن يكون علنيا متواصلا مع كل الجهات الإعلامية الداخلية والخارحية؟ كل هذه الأسئلة لم تجب عنها الرئاسة حتى الآن، ولم تجب عنها رشا علام حتى تاريخه، ولا أحد يعرف هل يستوجب الأمر إرسال بريد إلكترونى على إيميل الرئاسة للشكاوى أم أن هناك حلا آخر.