- النجاح فى زراعة التين الشوكى بمساحات كبيرة يساهم فى حل مشكلة نقص الأعلاف الخضراء
- سعر لتر الزيت المستخرج من بذور الثمار يتراوح بين 800 - 1300 يورو
- سعر عبوة 15 مليلتر من الزيت بجناح المغرب خلال معرض اسبوع برلين يناير الماضى بلغ 20 يورو
- التين الشوكى يدر عائداً استثمارياً عالياً واحتياجاته الزراعية منخفضة جداً
- أكثر من 6 مليار فدان حول العالم صالحة لزراعة التين الشوكى
- 8 أطنان حجم المحصول بالفدان الواحد وبما يعادل 80 ألف جنيه قيمة الثمار المنتجة
- اسرائيل ضاعفت إنتاجها بصحراء النقب وصدرته إلى الاتحاد الأوروبى وتمكنت من التزهير مرتين فى العام وإنتاج محصولين سنويا
«يا أبو الحلاوة يا تين» هذا ما اعتدنا سماعه من بائعى التين الشوكى الذى كان يباع العشرة بجنيه إلى أن وصل جنيه أو اكثر للثمرة الواحدة الصيف الماضى.
هذا أقصى ما نعرفه عنه فى مصر، إلى أن فجر تامر موسى أيوب، المتخصص في علوم الأغذية والمهتم بنبات التين الشوكي، مفاجأة كشف خلالها ما وصلت إليه دول مختلفة محيطة بمصر مثل تونس، ايطاليا، المغرب، الأردن، اسرائيل، اثيوبيا واليمن فى مجال استزراع وإنتاج التين الشوكى بل وتصدير بعض منها لمنتجات التين الشوكى إلى دول الاتحاد الأوروبى.
اعلان عن الاحتفال السنوي في شهر اكتوبر بموسم التين الشوكي في جزيرة صقلية (سيسليا) بايطاليا_ الصورة
فعلى سبيل المثال نجحت اسرائيل مع ندرة المياه في صحراء النقب من مضاعفة الانتاج بعد أن تمكنت من إنتاج محصولين سنويا من خلال التحكم فى معدلات الرى والتسميد.
واستطاعت تونس والمغرب النفاذ أيضا إلى السوق الأوروبية ليس فقط بالثمار ولكن بالزيت المستخرج من بذور الثمار والذي يتراوح سعر الكيلو جرام الواحد لندرته من 800 الى 1300 يورو.
حيث وصل سعر عبوة الـ 15 مليلتر فقط من الزيت المعروض بجناح المغرب خلال اسبوع برلين الأخضر بشهر يناير 2016 الى نحو 20 يورو، متسائلا أين مصر من هذه الثمرة المنسية ذات القيمة الاقتصادية التى يباع الكيلو جرام عالي الجودة منها فى أوروبا بنحو 45 جنيها؟! وهل سيكون لنا «جسر الحياة» كما يطلقون عليها واستفادت منها العديد من الدول فى مجالات عدة ودخلت السباق؟
وأكد «أيوب» أن المستقبل سيكون لصالح المحاصيل ذات الكفاءة العالية في الاستفادة من المياه وخاصة مع الشح المائي الذي ستواجهه دول مختلفة والمصاحب بزيادة سكانية مضطردة.
فنباتات التين الشوكى من ضمن تلك النباتات المنتجة لمحاصيل تدر عائداً استثمارياً عالياً إذا قارنا بين احتياجاتها الزراعية المنخفضة جدا من رى وتسميد ومكافحة للآفات منخفضة مقارنة بالمحاصيل التقليدية الأخرى.
د.صلاح السماحى
ويشير إلى دراسة مشتركة نشرت حديثا في أغسطس من عام 2015 لمجموعة من الباحثين البريطانيين ومن ضمنهم باحثين في مجالات العلوم الهندسية والنباتية بجامعة اكسفورد خلصت الى أن نباتات CAM plants والتي تتميز بما يعرف بأيض الحمض العصارى ومنها نباتات التين الشوكي تحديدا، بخلاف قدرتها العالية على الاستفادة من المياه في المناطق الجافة وشبه الجافة فقد تصبح مصدر رخيص للطاقة الكهربائية أيضا.
تامر أيوب
وطبقا للبحث المنشور يمكن لهذه النباتات انتاج وحدة المادة الجافة بنحو 10% فقط من الاحتياجات المائية اللازمة للنباتات ثلاثية او رباعية الكربون مثل الارز والبرسيم والقمح أو الذرة على سبيل المثال لا الحصر.
وطبقا للدراسة فإن المنتج الرئيسي للطاقة الكهربائية هو الفحم (بنحو 9 بيتاوات ساعة سنويا) ويليه الغاز. بالإضافة لتوفير مصدر منخفض التكلفة للغذاء.
تشير الدراسة لامكانية توليد ما يعادل الانتاج العالمي من الطاقة الكهربائية المتولدة من الغاز ويقدر بنحو 5PW.h (5 بيتاوات ساعة سنويا) من استزراع نباتات CAM مثل التين الشوكي في مساحة نحو 100 إلى 350 مليون هكتار فقط من الاراضي شبه الجافة حول العالم والصالحة لزراعته والتي تقدر بنحو أكثر من 2 ونصف مليار هكتار (6 مليار فدان) حول العالم.
الطرق البدائية لتسويق التين الشوكي في مصر
وأضاف أن نباتات الصبارات المثمرة (التين الشوكى) تضم العديد والعديد من الأنواع والأصناف.
وتتنوع ثمارها باختلاف الأنواع والأصناف، فهى تتفاوت فى الأحجام، الألوان والمذاق، ويتنوع الهدف من إنتاج التين الشوكى من دولة لأخرى ما بين إنتاج الخضراوات أو الثمار أو الأعلاف أو تصنيع منتجات غذائية مثل العصائر والمربات عوضا عن استخدام المخلفات في انتاج منتجات عالية القيمة كزيت البذور المتعدد الاستخدامات والمزايا الغذائية والصحية.
اصناف التين الشوكي الصقلية الشهيرة _ ايطاليا
وقال «أيوب»: إن الزيت المستخرج يباع بأسعار عالية، فعلى سبيل المثال 100 كجم من البذور تنتج نحو 5 كجم من الزيت الخام بما يعادل في المتوسط 5% من وزن البذور، ويصل متوسط سعر اللتر من الزيت إلى نحو 1000 يورو نظراً لندرته.
هذا بخلاف المنتجات ذات القيمة التى يمكن استخراجها من مخلفات الثمرة والكفوف، مما يُعظم من قيمة التصنيع الزراعي في زيادة العائد الاقتصادى لنبات التين الشوكى بشكل كبير.
احدى طرق الاستفادة من الميزات الصحية لقشرة التين الشوكي كخضراوات مطهية _ كنتيجة للاعداد والتسويق ا
ويشير الى أنه على الرغم من النشر الدولي لدراسة مصرية منذ أعوام مضت عن القيمة الغذائية والصحية لزيت بذرة التين الشوكي, للباحث الدكتور محمد فوزي رمضان الاستاذ المساعد بقسم الكيمياء بجامعة الزقازيق المصرية، الا انه كتيجة لعدم الأهتمام حتى الآن بالثمرة في مجال التصنيع الغذائي لم يتم الالتفات لاهمية مخلفات الثمرة مثل القشور والبذور.
اصدار لمنظمة الزراعة والغذاء عن استغلال نبات التين الشوكي كمصدر للأعلاف
وأضاف أن طبيعة المناخ والأصناف فى مصر تبكر من موسم التين الشوكى الذى يبدأ من أواخر يونيه، وهو ما قد يعطى مصر مثلها مثل دول أخرى من دول جنوب المتوسط كالمغرب، تونس، وإسرائيل، ميزة تنافسية فى السوق الأوروبية قبل بدء موسم الحصاد فى الدول الأوروبية المنتجة شمال المتوسط كإيطاليا مثلاً. ويصل حجم المحصول لنحو لا يقل عن 8 أطنان للفدان الواحد.
وبالأخذ في الحسبان القيمة السعرية الحالية في مصر لثمرة التين الشوكي والتي اصبحت لا تقل عن نحو 10 جنيهات للكيلو جرام من الثمار للمستهلك، اي ان قيمة الثمار المنتجة للفدان الواحد حتى يد المستهلك تصل لنحو 80 الف جنيه للفدان او تزيد في حال عدم وجود فاقد في المحصول.
بذور التين الشوكي _ المملكة المغربية
وتجدر الاشارة الى ان بعض الدول مثل اسرائيل استطاعت مضاعفة إنتاجها بمزارع بصحراء النقب وتصديره إلى الاتحاد الأوروبى على الرغم من شح المياه، بعدما تمكنت من زيادة الإنتاج بدفع النبات للتزهير مرتين فى العام وإنتاج محصولين سنويا وذلك من خلال التحكم فى عمليات الرى والتسميد.
اعداد ثمار التين الشوكي للتسويق _ ايطاليا
وتصنف كفوف (سيقان) التين الشوكى الصغيرة الغضة كخضراوات رئيسية فى المكسيك وبعض الولايات بجنوب الولايات المتحدة الأمريكية، وتستخدم على نطاق واسع كسلاطات خضراء أو مخللات أو خضراوات مطهوة، كما يتم تجفيفها واستخدام المسحوق المجفف كإضافات فى المعجنات والمخبوزات وغيرها من الأغذية.
ففي المكسيك، والتي تشير الدراسات اليها كموطن أصلي للتين الشوكي، يحتل محصول كفوف (سيقان) التين الشوكى المركز السادس من حيث حجم الإنتاج الوطنى من الخضراوات، والمركز الثامن فى القيمة بعد محاصيل مثل الطماطم، الفلفل، البطاطس، البصل، الاسبراجس, بينما تصل المساحة المزروعة تجارياً لإنتاج الثمار إلى 72000 هكتار فى المكسيك.
ثمار التين الشوكي اثناء التنظيف وازالة الاشواك
وعن استخدامه فى مجال الإنتاج الحيوانى، أوضح «أيوب» أنه أثبت جدارته بشكل مطلق فى استحقاقه لقب «جسر الحياة» فى الأماكن الجافة وشبه الجافة، وهناك مساحات شاسعة من التين الشوكى فى دول عديدة مثل المكسيك، إثيوبيا، تونس، والمغرب تستخدم لإنتاج الأعلاف الخضراء والجافة.
ثمار التين الشوكي معدة للتسويق والتصدير _ المملكة المغربية
وتشير الإحصائيات إلى أن تونس تستزرع مساحات هائلة بالصبار توجه بصفة رئيسية لإنتاج الأعلاف، مثلما فى البرازيل التى تستزرع أنواعاً محددة من نبات التين الشوكى بشكل أساسى أيضاً لتوفير الأعلاف سواء خضراء أو جافه.
كما أن التين الشوكى يساهم بكل مخرجاته فى توفير عائد استثمارى مرتفع، فكل جزء من أجزاء النبات (الثمار، قشرة الثمرة، بذور الثمار، الكفوف «السيقان» الغضة، الكفوف كبيرة العمر، الأزهار) ذو جدوى غذائية واقتصادية، وتكمن أهميته فى توفير فاكهة وخضراوات غير تقليدية منخفضة الاحتياجات من المبيدات والأسمدة ومزروعة فى أماكن منخفضة التلوث وذات قيمة صحية، لاسيما أن سيقان وثمار النبات تحوى العديد من العناصر الغذائية والصحية اللازمة لتغذية وصحة المستهلك بشكل أفضل.
شرائح كفوف التين الشوكي المحفوظة
بالإضافة إلى وجود العديد من الدراسات البحثية أسهبت فى عرض المزايا الغذائية والصحية لثمار، وبذور، وسيقان وأزهار التين الشوكى، فقد يثير الاهتمام أن عدداً من الدراسات تشير إلى ارتفاع القيمة الصحية لقشرة ثمرة التين الشوكى عن لب الثمرة نفسها كما توضح احدى الدراسات لجامعة قناة السويس.
شرائح كفوف التين الشوكي المخللة. المملكة المغربية
ونتيجة لعدم وجود خطوط تجهيز وإعداد الثمار اللازمة لإزالة الأشواك من القشرة قبل التسويق، اعتاد المستهلك إلقاء القشرة كمخلفات غير مفيدة وعدم استغلالها.
وأشار إلى أنه بخلاف استخدامات اجزاء النبات منذ زمن طويل فى الطب الشعبى بالمكسيك، حديثا تطورت الاستفادة إلى إنتاج مستحضرات عديدة لصالح فئات خاصة مثل مرضى السمنة والسكر من النوع الثانى، بل وقد وصل الأمر إلى إنتاج مستحضرات من أزهار النبات على سبيل المثال ذات تأثير إيجابى على بعض أنواع الأورام.
عصير ثمرة أحد أنواع التين الشوكي المنزرع بجامعة قناة السويس
والاستفادة من هذا النبات لا تتوقف عند هذا الحد فقط بل يتم تنمية حشرة الكوشينيال على سيقان (كفوف) النبات في بعض الدول لإنتاج صبغة الكارمن القرمزية من هذه الحشرات.
وتعد بيرو المصدر الرئيسى لهذه الصبغة باهظة الثمن ذات الاستخدامات الواسعة فى مجال الأغذية، المنسوجات، الأدوية ومستحضرات التجميل وغيرها.
منتجات التين الشوكي بجناح المملكة المغربية- اسبوع برلين الأخضر
وتجدر الاشارة ان المساحة المنزرعة المنتجة بمصر عام 1994 كانت نحو 618 هكتار بحجم انتاج يصل لنحو 10200 طن (بمتوسط إنتاجية 16,5 طن ثمار/ هكتار، أو نحو 7 طن ثمار/ فدان)، قد تضاعفت في العام 2004 لنحو 1115 هكتار بحجم انتاج يصل لنحو 29610 (وازداد متوسط الإنتاجية لنحو 26,5 طن ثمار/ هكتار أو نحو 11 طن ثمار/ فدان).
مسحوق كفوف التين الشوكي المجففة من المغرب _ في أسبوع برلين الأخضر برلين
وماتزال زراعة نبات التين الشوكي وانتاج محصول التين الشوكي يحتاج لمزيد من الدعم في مصر وحيث ينحصر تسويق واستهلاك التين الشوكى فى مصر فى شكل ثمار طازجة وبوسائل تسويق بدائية جداً حتى هذه اللحظة. وإن كان يصدر جزء بسيطاً جداً منه للخارج، إلا أن أغلب الإنتاج يسوق محلياً وبطرق بدائية مما يفقد المحصول الكثير من قيمته الاقتصادية.
وأضاف أن استزراع هذا النبات مع الاستثمارات المصاحبة مثل محطات الإعداد للتسويق المحلى والتصدير، وخطوط للتصنيع وإنتاج منتجات غذائية ذات قيمة اقتصادية سواء من الثمار أو السيقان مثل المواد المكسبة للقوام، وكذلك الاستفادة من المخلفات مثل استخلاص منتجات كالزيت من بذور الثمار وهو ذو قيمة وميزات مشابهة لزيوت غذائية نباتية أخرى أو لاستخراج بعض المواد الفعالة لاستخدامها فى منتجات صحية مختلفة، قد يساهم فى توطين مزيد من السكان بالأراضى الجافة وشبه الجافة فى صورة مجتمعات صغيرة زراعية صناعية مستقرة، وتوفير دخل مناسب ومستقر لهذه التجمعات السكانية فى الأراضى الصحراوية فى مصر خارج حيز وادى النيل.
والنجاح فى زراعة التين الشوكى بمساحات كبيرة بهدف الإنتاج الخضرى قد يساهم فى حل جزء كبير من مشكلة نقص الأعلاف الخضراء، وبالتالى المساهمة فى زيادة الناتج من اللحوم والألبان وتوفير جزء من أراضى الوادى الخصبة فى مصر والمزروعة بالأعلاف الخضراء التقليدية كالبرسيم لصالح زراعة محاصيل استراتيجية أكثر أهمية مثل القمح. لذا يجب النظر إليه بعين الاعتبار والسعى للتوسع فى إستزراع الأنواع والأصناف عالية القيمة والجودة، وكنتيجة لعدم الاهتمام حتى اللحظة بسيقان (كفوف) التين الشوكي في مصر، فأن تكلفة الكفوف لزراعة اراضي جديدة تكاد تنحصر في عمليات النقل والزراعة فقط. ويبدأ الانتاج التجاري عادة من السنة الثالثة من بدء الزراعة ويزداد الانتاج تدريجيا مع تقدم الاشجار في العمر والخدمة البستانية المنتظمة.